كلمة صدق

تأسيس طبقة من الكفاءات

تصغير
تكبير

البلاد تمر بمرحلة جديدة وروح جديدة للإصلاح وتصحيح ما فسد من أوضاع سيئة سبّبتها سنوات بل عقود من التراجع.

من ناحية، هناك حاجة لعملية إصلاح لا تحتمل التأخير، فالحكومة أمامها فترة قصيرة نسبياً لا تتعدى أربع سنوات للقيام بإصلاحات كثيرة، لكن من ناحية أخرى، هناك أمر حيوي يحتاج للإصلاح، البدء به يكون سريعاً ولكن حصد ثماره يحتاج إلى وقت، وهذا الأمر هو تأسيس طبقة جديدة من القيادات الأكْفاء.

فعلى مدى سنوات، أو على مدى ما يزيد على العقود الثلاثة الماضية، كان هناك استفحال في التعيينات في المناصب الإشرافية الدنيا إلى المناصب العليا في الوزارات والمؤسسات الحكومية والقطاعات المسؤولة عنها، تعيينات على أُسس كثيرة ليس منها وليس من أبرزها عنصر الأهلية للمنصب والجدارة. ففلان تتم ترقيته لمشرف قسم مثلاً أسرع من زملائه لأنه فقط ابن فلان، وآخر يتم اختياره لمنصب أعلى لأن وراءه الكتلة النيابية الفلانية، وآخر يتم خلق منصب لأجله ويتم رفع تقييمه السنوي لأجل ذلك من دون وجه حق لأنه من العائلة الفلانية، فماذا كانت النتيجة بعد ذلك؟

نتج عن ذلك حرق جيل كامل من الكفاءات، تم حرقهم إدارياً وحتى نفسياً وتحويلهم من جيل واعد ينبض بالحيوية والطاقة إلى جيل مكتئب أو محبط، ودموع الوطن تبكي وتفيض على المخلصين من أبنائه.

في الوقت نفسه برز جيل، كثير منه من الفاشلين بسبب أنه جاء للمنصب بأسباب كثيرة ليس من بينها الكفاءة، تسبب ذلك في حدوث تراجع كبير لأوضاع كثيرة في البلاد، من تعبيد الطرق، إلى أزمات الازدحام، إلى المخالفات في البناء، إلى التجاوزات على أراضي الدولة، إلى المدن شبه العشوائية، إلى تراجع في التعليم، والصحة والرياضة والقائمة تطول. كل ذلك لأن كثيراً من الفاشلين تسلّموا مناصب عالية، وكثيراً من الكفاءات تم تجميدهم إدارياً، أو اختاروا التقاعد مبكراً أو الانزواء في مكاتبهم.

هناك قصة في القرآن الكريم تعتبر أحسن القصص، وهي تتكلم عن نبي الله، يوسف، عليه السلام، ليس المقال هنا في وارد الحديث عن مدى إيمانه وتوكله على الله وعدم يأسه، لكن الإشارة المطلوبة في المقال هو الالتفات إلى النظرة الإدارية الصائبة وبعيدة النظر لعزيز مصر، فقد وضع النبي يوسف، على كنوز مصر وولّاه منصباً رفيعاً جداً في دولة وحضارة لها شأنها، وهو الولد الذي تم شراؤه بثمن بخس. لماذا تم اختياره من قِبل العزيز لهذا المنصب الرفيع، وإنقاذ مصر من كارثة كبيرة؟

لقد تم اختياره من قِبل عزيز مصر لأنه كان كفؤاً وأميناً وصدِّيقاً، وصاحب رؤية ترسم خطط المستقبل.

خلاصة القول، إن الاصلاحات السريعة في الكويت والانقضاض على منابع الفساد وإغلاقها أمر مطلوب، لكن في الوقت ذاته، المؤمل في تأسيس جيل جديد من المسؤولين مبني على الكفاءة، حتى لو تطلب الأمر لأجل ذلك كسر موازين معمول بها سابقاً في عملية التعيين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي