جلسة حوارية في «ديوان سهر والمعطش» تناولت رسالته في بث روح الولاء والانتماء

«الفن»... القوة الناعمة المعزّزة لـ«الوحدة الوطنية»

تصغير
تكبير

- محمد المنصور: دعم القيادة السياسية للفنون يزيد من شعورنا بالمسؤولية تجاه الوطن
- أول مسرحية أقمناها حضرها الشيخ سعد رحمه الله
- أدينا أدواراً متعددة أثناء الغزو... وكنا نحتاج أعمالاً أكثر جدية عن تلك الحقبة
- عبدالله سهر: توثيق حقبة العدوان رسالة إلى «الإعلام» لترجمتها أعمالاً فنية
- وليد الجاسم: قوة الفن الناعمة توازي وزارة الخارجية بالأهمية ونجومنا سوّقوا بلدنا خارجياً
- طالب الرفاعي: حكاية مسرحية «إسلام عمر» تعكس الديموقراطية للحاكم الكويتي
- سامي النصف: كنا الدولة القدوة... والإخفاق يحصل جملة ويصيب كل القطاعات

من ديوان «سهر والمعطش» المعروف باسم «ديوان الوحدة الوطنية 2»، اجتمع عدد من أهل الفن والإعلام والسياسة والاقتصاد، ومختلف شرائح المجتمع، في جلسة حوارية حملت عنوان «دور الفن والمسرح الكويتي في تعزيز الوحدة الوطنية»، كان ضيفها الفنان القدير محمد المنصور، وأدارها رئيس التحرير الزميل وليد الجاسم.

الجلسة تطرقت لدور الفن في تعزيز الوحدة الوطنية، والانتماء للوطن، فكان التأكيد على أن الفن يعتبر القوة الناعمة التي تحدث أثراً كبيراً في المجتمع، من خلال التطرق إلى القضايا الوطنية وتعزيزها لدى الجمهور، مع التشديد على ضرورة التطرق إلى الجوانب الإيجابية للمجتمع، وعدم التركيز على الجانب السلبي، حتى لا تترك انطباعاً خارجياً غير حقيقي عن واقع المجتمع الكويتي.

مثلث

الفنان محمد المنصور، بدأ حديثه عن بداياته ودور الفن في الوحدة الوطنية، فقال «هذه القوة الناعمة لها تأثيرها القوي، وأبدأ الكلام من العام 1963 عندما بدأت مسيرتي وإنشاء فرقة مسرح الخليج العربي، إذ لم نركز في حينها على الخلفية الدينية أو المجتمعية أو الطبقية، لأننا فكرنا على أساس أن الحياة في العالم بأسره عبارة عن مثلث متساوي الأضلاع (الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية)، وبين كل عقدين أو ثلاثة عقود يصبح ضلع من هذه الأضلاع قاعدة فيه. لذلك نحن بدأنا من قاعدة الحالة الاجتماعية والتي كانت مزدهرة آنذاك مع بداية نهضة الكويت بكل قطاعاتها، وبدأنا مع العروض المسرحية التي تحاكي المجتمع وكيف يتآلف مع بعضه البعض رغم الاختلاف».

وأضاف المنصور «كانت هناك منافسة كبيرة بين الفرق المسرحية الأربعة (الشعبي والعربي والخليج العربي والكويتي)، من خلال تقديمنا عروضاً تحاكي المواطن والحالة الاجتماعية للمجتمع، فأصبح لدينا شعار ومقولة (الحياة لا تستحق الاعتبار إذا لم تقومها بالمناقشة والحوار)، فأصبح لدينا الحوار راقياً جداً، كوننا في سباق بخطوط متوازية بين الفرق للنهضة في الأمور الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، لهذا كثير من الأعمال المسرحية كان يحاكي قضايا المجتمع، وكان صاحب القرار آنذاك لديه حس فني كبير، فهو من يشجع ويدعم. وأذكر أن أول مسرحية قمنا بها (الأسرة الضائعة) أتت برعاية وحضور الأمير الراحل الشيخ سعد العبدالله، رحمه الله. وهذا الدعم جعل الفنان أمام مسؤولية وصاحب رسالة لما له من دور في تنمية المجتمع من خلال تقديم أعمال هادفة راقية مع طرح حلول يريدها المجتمع».

الدور الوطني

واستطرد المنصور «في بداية السبعينات، دخلت الحالة الاقتصادية، لتحرك المجتمع وتغيره إلى أسهم وسندات وشركات وتجارة، فتحوّل المجتمع إلى حالة مادية، واستمرت هذه الحالة إلى بداية الثمانينات. وهنا صنعنا مسرحيات عدة لتوعية المجتمع، منها (شياطين ليلة الجمعة)، وكنا عادة بعد انتهاء عروضنا المسرحية نجلس لساعات مع الجمهور ونتناقش في العديد من الأمور والقضايا، وبالتالي كنا أمام مجتمع واع ومدرك لكل ما نقدمه».

وتابع «فترة التسعينات كانت بداية الحالة السياسية، وعندما قدمنا مسرحيات عن الغزو، وأصحاب القرار طلبوا منا تقديم أعمال خفيفة، وإلى يومنا الحالي بعد مرور 34 عاماً لم نقدم عملاً حقيقياً عن فترة الغزو الغاشم، وكل ما تم تقديمه أخذ طابعاً كوميدياً، وكان المفروض أن يقدم بطرح أكثر جدية».

وختم المنصور قائلاً: «تطبيقاً لعنوان الندوة، وأهمية دور الفنان الوطني، طبقت ذلك الأمر خلال فترة الغزو العراقي عندما كنت في قطر، إذ نظمت بدعم من الأمير الوالد حمد بن خليفة آل ثاني، أمسية ثقافية وطنية بعنوان (الكويت لنا) لشحذ همم أبناء الكويت، بعدها قدمتها في الإمارات ثم القاهرة وبعدها دمشق وبيروت، وكانت هذه الأمسية تتضمن أوبريتات وأمسيات شعرية من كلمات الشيخة الدكتورة سعاد الصباح والشاعر عبدالرحمن النجار، وفي كل دولة حرصت على جمع أبناء الكويت للمشاركة. وللعلم كل هذه الأعمال كانت مسجلة، وكنت أتمنى أن يتم طلبها من أرشيف قنوات تلك الدول ثم عرضها على شاشة تلفزيون الكويت، لكن ذلك لم يحصل ذلك إلى يومنا الحالي».

رسالة

عبّر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور عبدالله سهر، عن شكره للفنان محمد المنصور على حضوره وإثراء الجلسة الحوارية، ولما قدمه من أعمال عديدة ساهمت في الحركة المسرحية الكويتية، وجعلت هناك وعياً في دور المسرح والفن ودور الفنانين في عشق الوطن والتعبير عن شجونه والمساهمة في إعداد جيل مهتم ومثقف وواعٍ.

وأضاف سهر «التمسنا من الحديث رسائل مثرية عدة، ونتمنى أن تصل بطريقتها الفنية والعبقرية إلى المهتمين والمعنيين، وأهم رسالة لا يمكنني أن أجعلها مغمورة وهي التي تتعلق بالتوثيق الجاد لحقبة العدوان العراقي على الكويت، وأتمنى هذه الرسالة أن تصل إلى وزير الإعلام والمسؤولين، وأعتقد أنها ستلاقي الصدى والصدر الرحب بأن نستحوذ على هذه الوثائق ونترجمها من خلال أعمال فنية وأدبية، لأن العدوان العراقي على الكويت لا يمثل عدواناً عسكرياً وانتهى، بل حقبة تاريخية يجب أن نستلهم منها دروساً كبيرة، أهمها كيف أن نتعلم ونتحاور، وأن مصيرنا واحد ومستقبلنا واحد، وأن نعمل من أجل هذا الوطن. فلدينا هوية واحدة هي التي يعمل من خلالها كل شخص فنان أو رياضي أو مثقف أو إعلامي أو أديب أو أكاديمي».

التنوير المطلوب

بدوره، قال الزميل وليد الجاسم «من خلال تواجدنا في ديوانيته (الوحدة الوطنية) والتي تحمل اسم الزميل العزيز الراحل سعد المعطش، المحب والحريص على الوطنية، كما أن تواجد ومشاركة كل الأساتذة الحاضرين تدل على الإيمان الكبير بالدور التنويري المطلوب من نجوم المجتمع والمثقفين وقادة الرأي والإعلام فيه، لاستمرار عملية تنوير المجتمع».

وتابع: «لقاؤنا اليوم عن الفن والمسرح في الكويت، ودور هذا القطاع الكبير والعظيم في دعم الوحدة الوطنية داخل الكويت، فالفنون بشكل عام تعتبر من القوة الناعمة التي تحتاجها الدول، وكوني كنت طالب علوم سياسية عند الدكتور، أرى أن دولة مثل ظروف الكويت فإن قواها الناعمة أجزم أنها ربما تكافئ وزارة الخارجية بالأهمية، وربما تفوق وزارات أخرى ذات طابع عسكري بالكثير من الأمور في غير حالة الحرب. فدولة مثل الكويت يسوقها نجومها وفنها والفكر الذي ينعكس، حيث عرفتنا كل دول الخليج العربي والعالم بأسره في أزماتنا، وهذه الأمور كانت داعمة بشكل كبير جداً».

وأضاف الجاسم «أرى أن الوحدة الوطنية تتخطى مفهوم السنّة والشيعة، والحضر والبدو، ومن هم خارج السور وداخله، وأزعم أن أساسها الإيمان بالاختلاف بين الأشخاص، والقدرة على التعايش مع حالة الاختلاف».

بدايات الفن

بدوره، عقّب الأديب والكاتب طالب الرفاعي، على ما ذكره المنصور، وقال إن «البدايات الأولى للمسرح في الكويت بدأت عندما كتب الشيخ عبدالعزيز الرشيد محاورة، وأتى بطلاب يتحاورون ما بين الجديد والقديم، وفعلاً في العام 1922 نشأ أول حضور للمسرح في الكويت، لكن الحضور الفعلي كان في العام 1939. بعد ذلك بسنوات كتب المدرس الفلسطيني محمد محمود نجم، نصاً مسرحياً بعنوان (إسلام عُمر)، وأخبر القائمين في المدرسة المباركية عليه لإنشاء مسرحية، وكان أحد المتحمسين لها شاب بعمر الثانية عشرة من العمر، وهو الشيخ الراحل جابر الأحمد الصباح، رحمه الله، ابن الحاكم آنذاك، وذلك للمشاركة كأحد الممثلين فيها. ومن خلاله تمت دعوة والده حاكم الكويت الشيخ أحمد الجابر لافتتاح ورعاية وحضور المسرحية، حيث لم يتم الدعم معنوياً فقط، بل كانت مشاركة فعلية من خلال توفير ما يحتاجونه، وهنا نرى وقوف السلطة إلى جانب المسرح، وهو موقف ثابت لا يمكن الحياد عنه بمختلف الحقب. في النهاية أؤكد أن المسرح حكاية طويلة معجونة بالوحدة الوطنية وحب الكويت»، لافتاً إلى إصرار الراحل الشيخ أحمد الجابر على الإبقاء على جزء من الحوار يخاطب الحاكم، معبراً من ذلك الحين عن المنهج الديموقراطي الذي ينتهجه حكام الكويت.

ثقافة الدراما

أما نائب رئيس تحرير جريدة النهار الزميل سامي النصف، فقال: «أذكر طبيباً غيّر ثقافة العمل الدرامي في الدراما الأميركية، عندما جعل نقطة التقاء الأبطال تكون أثناء ممارسة الرياضة، عكس أيام أفلام الأبيض والأسود، وهذا يعطي دلالة على تأثير الأعمال السينمائية على الجمهور. وهنا أعرج على حديث الفنان المنصور في أن الوحدة الوطنية يمكن أن تخدم بشكل متميز من خلال دور الفن والعمل الدرامي».

وأضاف النصف «كنا متقدمين في كل القطاعات وكنا الدولة القدوة، وعندما أخفقنا حصل ذلك في جميع القطاعات كذلك وكانت الدواوين مكان يلجأ له الحاكم. وعلى سبيل المثال الشيخ الراحل يوسف القناعي الذي كانت ديوانيته في منطقة السالمية، إذ كان صلة الوصل مع الحاكم آنذاك، لهذا كان يغلب عليها طابع الجد والاعتدال. أما اليوم فمازال هناك دواوين كثيرة تمتلك ذات النهج منها هذه الديوانية، بالمقابل هناك بعض الدواوين لا تقوم بالدور المطلوب منها».

أمراء الكويت والفن

أشار الفنان محمد المنصور خلال حديثه، عن حب الأميرين الراحلين الشيخ جابر الأحمد والشيخ صباح السالم للفن، بالقول: «أذكر أنني التقيت أنا والراحل صقر الرشود، بالأميرين الراحلين الشيخ صباح السالم والشيخ جابر الأحمد، رحمهما الله، فكشفا خلال اللقاء عن حبهما للمسرح، وأذكر أن الشيخ صباح السالم الذي كان أميراً للبلاد آنذاك، قد عرض علينا استعداده لتأليف نصوص مسرحية لنا».

وأضاف «بعد خروجنا منه التقينا بولي العهد – آنذاك - الشيخ جابر الأحمد الذي ذكر لنا قصة مشاركته بمسرحية (إسلام عمر)، معرباً عن دعمه وحبه للمسرح، ومنها انتهجت مقولة مفادها (ما الفنان إلا موهبة وسلوك)، ولهذا توجت كامل أعمالي ومسيرتي الفنية من خلال المشاركة بمسلسل (أسد الجزيرة) الذي يتكلم عن شخصية الشيخ مبارك الكبير، وهو شرف كبير لي».

عمل لم يكتمل

عن معاناة الغزو

ذكر المنصور أنه «بعد التحرير، أتينا بالكاتب المصري القدير الراحل صالح مرسي للكويت، لتأليف نص يحكي الواقع وتقديمه لاحقاً بعمل سينمائي، فوثّق ورصد وسجل قصصاً واقعية مع أشخاص وأسر كويتية، عانوا من الغزو بواقع 45 ساعة، لكن الداعم في ذلك الوقت لم يتعاون في اللحظات الأخيرة، ما دفع الكاتب لأخذ الأشرطة معه والعودة بها إلى مصر. واليوم بإمكان أي جهة رسمية تسلم الأشرطة من زوجته بعد وفاته، حتى لو بمقابل، لأنها تعتبر شهادات مهمة جداً وقصصاً حقيقية تحكي عن بطولات أهل الكويت».

الوحدة الوطنية

وأدب الاختلاف

قال الزميل وليد الجاسم «كبرنا على أعمال الفنان القدير محمد المنصور، صاحب مسيرة 61 عاماً من الفن، وأعمال الجيل الجميل القديم، ولم يخطر ببالنا خلال متابعتنا لتلك المرحلة التساؤل هل أن هذا الفنان سني أو شيعي أو بدوي أو حضري، بل كنا نرى مجتمعاً جميلاً ونكتفي بكلمة (هذا كويتي). ومع الأسف هذه السلوكيات في فترة من الفترات تعرضت لاضطرابات تأثرت غالباً بأجواء خارجية، لكن دائماً الكويتي لديه قدرة العودة إلى أصل حالته. وفي النهاية أساس تركيبة هذا المجتمع هو التنوّع والاختلاف، وكل ما أراه أن الوحدة الوطنية الحقيقية هي تعلّم أدب الاختلاف».

الدراما وصورة

الكويت الحقيقية

أشار الزميل سامي النصف إلى أنه «خلال وجودي في موقع المسؤولية ولفترة قصيرة في وزارة الاعلام طلبت من المنتجين الابتعاد عن طرح القضايا السلبية لأنها تؤدي إلى مشكلتين، أولاهما أنها تجعل كل من يشاهد الدراما الكويتية حول العالم يعتقد أن هذه القضايا السلبية هي واقعنا، والثانية أنها ستبقى موجودة حتى بعد مرور 50 عاماً وبالتالي سيعتقد من يراها أنها فعلاً كانت موجودة في تلك الحقبة بهذه الصورة السلبية. وأذكر أنني طلبت منهم الذهاب إلى رابطة الأدباء لوضع الجانب الإيجابي حتى يتم عرض هذه الأفكار عليهم بحيث نرى الجانب الإيجابي من تلك الأعمال».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي