ربيع الكلمات

تعلّم كيف تترك الهاتف!

تصغير
تكبير

لا شك أن الهواتف الذكية سهّلت علينا الحياة من أي وقت مضى وأصبحنا نقضي الكثير من المعاملات عبرها، واختصرت الوقت والجهد والخدمات... لدرجة أنه أصبح من الصعوبة التخلي عنها وهي شريان الحياة.

وذكرت إحدى الصحف البريطانية خبراً أن الأميركيين يتجهون للتخلي عن الهواتف الذكية لصالح الهواتف التقليدية، حيث إنه تم بيع 2.8 مليون هاتف تقليدي في أميركا العام الماضي. وذلك للبعد عن الضغوط التي تسببها الهواتف الحديثة مثل الاكتئاب والقلق وفرط الحركة لدى الأطفال وقلة الانتباه.

والغريب في الأمر أننا نقضي ساعات طويلة في اليوم على هذه الهواتف والتي تحرمنا الكثير من جماليات الحياة، وتلاحظ في الأسواق والمنتزهات انشغال الآباء عن الأبناء وعدم مشاركتهم حياتهم بسبب انشغالهم عنهم بهذه الأجهزة، وتقول كاولينغ، والتي تركت هاتفها الحديث لصالح الهاتف التقليدي إنها كانت تقضي يوماً في المنتزه مع ابنيها، اللذين يبلغان من العمر ستة أعوام وثلاثة أعوام وتذكر: «كنت أستخدم هاتفي المحمول في المنتزه مع الأطفال ونظرت إلى الناس وكان كل شخص من الوالدين، وكان هناك ما يصل إلى 20 شخصاً، ينظر إلى هاتفه».

والأمر الآخر الذي سببته الهواتف الحديثة عند استخدامها دون مراعاة الأمن والسلامة المرورية ما تتسبب بحوادث لا قدر الله، وحذّرت منظمة الصحة العالمية من أن السائقين الذين يستخدمون الهواتف المحمولة يواجهون أكثر من غيرهم بأربع مرات مخاطر التعرّض لحادث مروري نتيجة عدم الانتباه، وحذّرت المنظمة من السهو أثناء القيادة، نظراً لما يسببه من مشاكل كثيرة.

وذكرت المنظمة أن حوادث الطرقات تقتل سنوياً نحو 1.2 مليون شخص، وأن هناك عشرين مليوناً إلى خمسين مليوناً من الأشخاص الآخرين الذين يتعرّضون لإصابات غير مميتة من جراء تلك الحوادث يؤدي كثير منها إلى العجز، وتمثل الإصابات الناجمة عن حوادث المرور أهم أسباب وفاة الشباب من الفئة العمرية 15-29 سنة.

وأصبحت قيادة السيارات في الشوارع في هذا العصر والزمن صعبة، نتيجة استخدام كثير من السائقين للهاتف والانشغال عن الطريق، واستخدام الهواتف حتى في محطات تعبئة الوقود والابتعاد عن الأمن والسلامة مع الأسف.

ولو ترى تصرفات الناس هذه الأيام في استعمال الهاتف لوجدت أنه أول وآخر ما يتم النظر إليه عند الاستيقاظ وقبل النوم، فأصبح فراقه شبه مستحيل، وله أثر كبير على نفسية ومزاج الإنسان، وزيادة التوتر في كثير من الأحيان.

إن تجربة ترك الهواتف لفترة من الزمن أو لأوقات محدودة، ستجعلك تشعر بمَنْ حولك، وستقضي وقتاً أطول مع أطفالك وأهلك وأصدقائك، وستشعر بطعم آخر للحياة يتسلل إلى أعماقك، فما فائدة أن تكون قريباً من أحبابك ووالديك وأطفالك بجسمك بعيداً عنهم بعقلك وروحك ووجدانك، ستشعر وكأنك في غربة مع الروح.

وذكر أحد المواقع الطبية عن مخاطر الأجهزة الحديثة حيث «كشف العلماء أخيراً أن الوميض المتقطع، بسبب المستويات العالية والمتباينة من الإضاءة في الرسوم المتحركة الموجودة في الألعاب الإلكترونية، يسبب حدوث نوبات من الصرع لدى الأطفال».

إن هذه الهواتف الحديثة سيطرت على كل شيء في حياتنا، وأهدرت أوقاتنا من دون أن نشعر، وفوّتت علينا فرصاً كثيرة كان من الممكن الاستمتاع بها أكثر.

إنّ أكثر الناس في العصر أصبحوا مدمنين على هذه الهواتف الحديثة، وقد تصيب من يستخدمها بأضرار في المستقبل في الرقبة والظهر خصوصاً، وقد تؤدي إلى السمنة نتيجة قلة الحركة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي