بريطانيا تعاود تذكير رعاياها بوجوب مغادرة لبنان والامتناع عن السفر إليه

أطراف الحرب «يلعبون على المكشوف» فهل يكفي التهويل بها لمنْعها؟

إسرائيليان يحاولان السيطرة على حريق وسط التصعيد المستمر عبر الحدود مع لبنان (رويترز)
إسرائيليان يحاولان السيطرة على حريق وسط التصعيد المستمر عبر الحدود مع لبنان (رويترز)
تصغير
تكبير

- هوكشتاين في باريس اليوم لمتابعة مهمّته حول جبهة لبنان
- بلينكن: إيران لا تريد الحرب لأنها ترغب بعدم تدمير «حزب الله»

«على المكشوف» بات أطرافُ حربِ غزة وأخواتها، ولا سيما على جبهة جنوب لبنان، يلعبون في الميدان المشتعل منذ 7 أكتوبر الماضي كما في الأروقة الديبلوماسية حيث تدار بأقصى قوة محركاتُ منْع الانزلاق نحو مواجهة شاملة تتطاير تَشظياتُها في الإقليم بصراعاته «النائمة»، وبعضها ذات امتداد دولي وتَظهّرتْ مَخاطره أكثر بعد «طوفان الأقصى» والارتسام الأول من نوعه «على الأرض» لقوس النفوذ الإيراني و«وحدة ساحاته».

ورغم «انكشاف الأوراق»، وبعضُها لزوم «الحرب النفسية» وبعضُها الآخَر تُمْليه ضروراتُ التحسّبِ لأسوأ السيناريوات، فإنّ «دومينو الدمار» المتبادَل الذي سيُطْلِقُه سقوطُ أول حَجَرٍ في إطار حربٍ شاملةٍ مع «حزب الله» تشنّها إسرائيل وإمكان تحوُّلها «جاذبةَ صواعق» إقليمية – دولية لا يُسقِط بأي حال احتمالات الوقوع في المحظور، وإن كانت تقديراتٌ تشير إلى أن سقفَه الأعلى محكومٌ بعدم حرق «مراكب العودة» السريعة إلى تهدئة بأقلّ الأضرار.

ولم يكن عابِراً أن يشهدَ «مثلث»، إسرائيل وإيران (ومعها حزب الله) والولايات المتحدة، «خلْعاً للقفازات»، في إطار ما بدا «رسائل» لم تَعُد تحتاج إلى «تشفير» بأنّ «الكل يعرف الكل» «والكل يَفهم على الكل» لجهة القدرات كما الخطوط الحمر، وأن ما ستشهده الأيام المقبلة قد يكون «الخرطوشة الديبلوماسية» الأخيرة قبل محاولة استيلاد «قيصري» لحلّ صارت جبهة جنوب لبنان عنوانه الرئيسي الذي يُدار على أساسه كل مسار حرب غزة.

فإسرائيل التي تستعدّ لإعلانِ المرحلة الثالثة من الحرب على غزة وخفْض وتيرتها على قاعدة أن «التهدئة مع حماس يمكن أن تسهّل التوصل إلى اتفاق مع حزب الله»، لم تتوانَ عن التأكيد بلسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو أن «لا وقفَ للحرب (في القطاع) حتى تحقيق جميع الأهداف المعلنة».

والولايات المتحدة المنخرطة في وساطة بين لبنان وإسرائيل خاطبتْ إيران على طريقة «نعرف سقفَك عن ظهْر قلب»، وتعمّدتْ عبر وزير الخارجية أنتوني بلينكن ليس فقط تأكيد المؤكد لجهة مقاربتها حرب غزة من زواية «ضرورة وقف إطلاق النار في القطاع لما سيترتب عليه من تعزيز الجهود الديبلوماسية لمنع اتساع رقعة الحرب خصوصاً في شمال إسرائيل»، بل فنّدت خلفيات اقتناعها بأن «حزب الله» وطهران لا يريدان الحرب الواسعة.

ففي جلسة حوارية نظمتها مؤسسة بروكينغز تحدث بلينكن عن «أن كل الأفرقاء الرئيسيين في هذه الحرب لا يريدون الحرب فعلياً»، مشيراً إلى«أن إسرائيل لا تريد الحرب، رغم أنها قد تكون مستعدة للدخول فيها إذا لزم الأمر»، ومضيفاً أنه لا يعتقد أن «حزب الله»يريد الحرب ايضاً «ومن المؤكد أن لبنان لا يريدها لأنه سيكون الضحية الكبرى، كما أن إيران لا تريد الحرب جزئياً لأنها تريد التأكد من عدم تدمير «حزب الله» و الاحتفاظ بورقة الحزب إذا احتاجت إليها في صراع مباشر مع إسرائيل».

أما إيران وبلسان كمال خرازي، مستشار المرشد الأعلى السيد علي خامنئي رئيس المجلس الاستراتيجي الإيراني للعلاقات الدولية، فكررت أنها ستبذل قصارى جهدها لدعم حزب الله إذا شنّت إسرائيل حرباً واسعة النطاق ضد لبنان.

وفي ردٍّ على سؤال حول ما كانت إيران ستدعم «حزب الله» عسكرياً في حال نشوب صراع واسع النطاق في لبنان، أشار خرازي إلى «أنه في مثل هذه الحالة لن يكون أمامنا خيار سوى دعم حزب الله بكل الوسائل والإمكانات المتوفرة لدينا، وسيقف الشعب اللبناني كله والدول العربية ومحور المقاومة إلى جانب لبنان ضد إسرائيل».

بدوره، يَثْبث «حزب الله»، إلى جانب جهوزيته العسكرية لكل الاحتمالات، على أن وَقْفَ جبهةِ الجنوب غير ممكن ما لم تتوقف الحرب على غزة وأن التهديد بالحرب الشاملة لا ينفع ورسائل التهويل لا يوجد حتى «صندوقة بريد» لوضْعها فيها وتالياً لتَلقّيها، وهو فحوى ما تبلّغه نائب مدير المخابرات الألمانية أولي ديال الذي كشفتْ صحيفة «الأخبار» اللبنانية أنه زار بيروت يوم السبت والتقى نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم.

وعلى هذه الرقعة من الثوابت والتموضعات الراسخة، يتعزّز الترقبُ لِما يمكن أن يحققه الموفد الأميركي آموس هوكشتاين الذي يزور باريس اليوم لاستكمال البحث في المحاولة التي يضطلع بها لخفض التصعيد على جبهة الجنوب تمهيداً لحلّ مُمَرْحَل مستدام، وهي المحاولة التي يَعتقد ومعه إسرائيل أن حظوظَها ستكون أفضل مع الانتقال إلى المرحلة الثالثة من حرب غزة، علماً أن الدوحة ستقوم بمسعى بالروحية نفسها عبر موفدها «أبو فهد» الذي يُنتظر أن يحطّ قريباً في لبنان.

وإذا كان كل الحِراك المرتقب يَفترض أن تبريداً لحرب غزة يُفترض أن ينسحب على جبهة الجنوب، فإن دون ذلك أولاً بحسب أوساط سياسية انتظار كلمة «حماس»من المرحلة الثالثة التي يصعب تَصَوُّر أن تسلّم بها ما دامت إسرائيل لن توقف الحرب نهائياً قبل أن «تُنْهي» الحركة، وثانياً معرفة هل التهدئة المطلوبة على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية محكومة في الأفق المنظور بشرطِ تل أبيب بابتعاد «حزب الله» ما بين 8 و10 كيلومترات عن الحدود ليَطْمئنّ مستوطنو الشمال لـ «عودة آمنة»، وهو ما تَدخل اعتباراتٌ عدة في سياقه ليس أقلها كيفية «تخْريج» مثل هذا التنازل بتسويةٍ تتيح لكل طرف إعلان أنه منتصر فيها أول أقله غير منكسر، وهل مازال ممكناً اعتماد قواعد غير معلنة مثل«كل ما لا يُرى غير موجود»، في الأرض كما الجو.

وفي انتظار ما ستحمله الأيام المقبلة، استمرت عمليات المحاكاة في إسرائيل لحرب واسعة، وهو ما عبّر عنه إعلان إذاعة الجيش الإسرائيلي أنّ لواء «الجبال» أنهى تدريبات «تضمنت شنّ هجمات على لبنان، وأيضاً قتالاً في ظروف معقدة واشتباكات داخل المدن».

وفي الوقت الذي كانت بريطانيا تعاود تذكير مواطنيها بـ «إذا كنتم حالياً في لبنان، فنحن نشجعكم على المغادرة» و«مازلنا ننصح بعدم السفر إلى لبنان لأيّ سبب»، وتُنشر في إسرائيل «جردة» بالأضرار و«الخراب» الذي لحق بمستوطنات الشمال جراء «حرب الاستنزاف» مع «حزب الله»، بقي الميدان جنوباً على منحى انكماشي في حدة التوتر رغم غارة شنّها الطيران الإسرائيلي على منطقة بين بلدتيّ الزلوطية والبستان (قضاء صور) استهدفت منزلاً سقط فيه أحد المواطنين أفيد أنّه متقاعد في قوى الأمن الداخلي يدعى محي الدين أبو دلة، ليردّ «حزب الله» بقصف «ثكنة كريات ‏شمونة بعشرات صواريخ الكاتيوشا».

يونيو سجّل أعلى رقم في 2024

«لا حرب» وفق حركة مطار بيروت

لم تنعكس الحرب على جبهة الجنوب ولا التلويح بتوسيعها على حركة المسافرين عبر مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت والتي سجّلت في يونيو الماضي الأرقام الأعلى منذ بداية السنة، إن على صعيد أعداد المسافرين من والى لبنان أو الرحلات الجوية لشركات الطيران.

وقاربت أعداد المسافرين عبر المطار ذهاباً وإياباً من والى لبنان في يونيو الأعداد التي سجلها الشهر ذاته من العام السابق، وإن مع نسبة تَراجُع صغيرة جداً، إذ بلغ مجموع الركاب للشهر الفائت 707 آلاف و201 راكب، ما يرفع المجموع العام للركاب عبر المطار في النصف الأول من 2024 الى مليونين و999 ألفاً و965 راكباً، مقابل ثلاثة ملايين و185 ألفاً و959 راكباً في النصف الأول من 2023.

وبلغ عدد الوافدين في يونيو 406 آلاف و396 (مقابل 427 ألفاً و854 في يونيو 2023 أي بتراجع نسبته 5 في المئة).

أما عدد ركاب المغادرة فسجل 300 ألف و362 راكباً مقابل 280 ألفاً و366 راكباً في الشهر ذاته من العام الماضي أي بزيادة 7.13 في المئة. وبلغ عدد ركاب الترانزيت 443 راكباً (بتراجع 41 في المئة).

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي