رأي

صندوق سيادي لاستثماراتنا المحلية

تصغير
تكبير

نواة صندوق الكويت السيادي كان مكتباً للاستثمار أُقيم في لندن في العام 1953 في عهد الشيخ عبدالله السالم، طيّب الله ثراه، الذي قام بتحويل جميع أموال الدولة من اسمه الخاص في البنك المركزي البريطاني إلى حساب باسم دولة حكومة الكويت، وكانت هذه الخطوة نقطة انطلاق لتطوير إستراتيجيات الاستثمار السيادي وأوجد للكويت دوراً يُحتذى به في هذا المجال.

وفي العام 1976، وابان توليه ولاية العهد، شرعَ الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، طيّب الله ثراه، بتأسيس الصندوق السيادي الكويتي، الذي جعل من الكويت أول دولة في تاريخ الدول تقدم على ذلك، ما حدا بدول أخرى تنظر إلى الكويت كمثال يُحتذى به في تأسيس الصناديق السيادية لتحقيق التنمية في بنية بلدانها التحتية. ومن الأمثلة على ذلك النروج وسنغافورة والإمارات العربية التي تدير ثلاثة صناديق منها شركة أبوظبي التنموية القابضة.

وعليه، ولما كانت الكويت سباقة، ومن منظور تنموي، آن الأوان لإنشاء صندوق كويتي خاص يتعلّق بالاستثمارات المحلية الضخمة في البنية التحتية مثل ميناء مبارك أو خط السكك الحديد ومشروع المترو ومحطات توليد الكهرباء بالطاقة النظيفة، وأن تكون هذه المشاريع خارج نطاق الميزانية العامة للدولة ومستقلة عنها.

وليأتي جزء من رأسمال هذا الصندوق الاستثماري عبر خصخصة بعض الشركات النفطية الخدماتية وهي خارج نطاق وصلب النشاط النفطي المحلي.

والأمثلة على ذلك كثيرة، منها شركة تزويد وتموين وقود الطائرات في المطار وشركة توزيع سلندرات ومصنع الغاز والتابعة لناقلات النفط، وخصخصة الوكالة البحرية والتي ضمن مسؤوليتها خدمة ناقلات النفط المبحرة إلى الكويت. وكذلك شركة تصنيع الزيوت والتابعة لشركة البترول الوطنية، حيث بالإمكان خصخصة هذه الشركات بكل سهولة وفي خلال سنة واحدة.

وأيضاً بيع شركة كوفبيك، المكلفة بالاستثمار في الاستكشافات النفطية والغازية في مختلف أنحاء العالم، لكنها لم تحقق الأهداف والكميات المرجوة منها حسب إستراتيجيتها بتحقيق معدل ما بين 150 ألفاً إلى 200 ألف برميل في اليوم من إنتاج دائم.

لذا، حان وقت بيع الشركة والاستفادة من أصولها في تطوير وتنمية البنية التحتية المحلية والملحة.

ومن المؤكد أن مع خصخصة وبيع هذه الشركات الخدماتية الصغيرة لن يؤدي إلى الحصول على المطلوب من السيولة المالية، ما يدفع إلى الانتقال إلى الشركات النفطية الأساسية والتي كانت أصلاً مملوكة بالكامل للقطاع الخاص مثل شركة ناقلات النفط وشركة صناعة البتروكيماويات. وكذلك شركة البترول الكويتية والتي كانت أيضاً 40 % مملوكة للقطاع الخاص.

ووفق ذلك، ما الخطأ إن خصّصنا هذه الشركات والتي لا تمس صلب القطاع النفطي أو الأصل والذي يمس النفط الخام فقط، وحصلنا على البنية التحتية المطلوبة ورفع قيمة أصول الدولة من عوائد مالية مناسبة، والحصول على الطاقة النظيفة والاستفادة من سكك الحديد والمترو لتخفيف الزحام المروري مثلاً؟

الكويت إلى تحديث وتجديد، ومن السهولة بمكان تحسين بيئة الاستثمار كبقية الدول المجاورة والاستفادة أيضاً من استثماراتنا المالية محلياً وتنويعها. ولنشعر جميعاً بقيمة استثماراتنا السيادية مفخرة الكويت ولنرد جزءاً مما قام به الجيل الماضي حيث وصلنا إلى قيمة مالية في الصندوق السيادي بأكثر من 700 مليار دولار، وليحفظ لنا التاريخ عمق الفكر الكويتي على المدى البعيد.

وحان الوقت بأن نرى إعادة رؤية الدور التنموي للصندوق السيادي محلياً ملموساً وقريباً للمواطن.

كاتب ومحلل نفطي كويتي

naftikuwaiti@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي