المقاطعة

تصغير
تكبير

بعد أحداث فلسطين الأخيرة، هذه جملة أصبحت تتكرر تلقائياً كل عام أو كل أشهر عدة، ليأتي بعدها استنتاج أو حوار أو ردة فعل قد تكون مختلفةً نوعاً ما عن سابقتها، وسوف أدرج هذه العبارة كذلك لأقول ما لدي مستفتحاً مقالتي وموضوعي الذي طالما قيل فيه الكثير.

بعد أحداث فلسطين الأخيرة، خرج معظم المناصرين للقضية الفلسطينية بفكرة المقاطعة وهي بشكل مبسط كما أفهمها ترك المنتجات الصادرة عن الشركات الداعمة للكيان الصهيوني، وهي ردة فعل أعتقد أنها جيدة لا لأثرها على الكيان فقط بل وأيضاً لجميل أثرها على قلب التارك بأنه ترك شيئاً أو أشياءً لقضية يؤمن بها ويرجو مناصرتها وهو أمرٌ بحد ذاته سامٍ، وأنا لم أقاطع ولم أطلع حتى على الشركات الداعمة للكيان لا لشيء سوى أنني اكتشفت مقاطعتي بالأصل للكثير منها من قبل موجة المقاطعة الأخيرة التي أتمنى لها التوفيق والنجاح في النية والغاية والمقصد.

الأحداث الأخيرة والتي تسبقها والتي تسبق ما قبلها، كانت كفيلة لا بمقاطعة منتجاتٍ فحسب، بل بتغيير كثير من الأمور الجذرية على مستوى الإنسان؛ من العادات والسلوكيات وطريقة التفكير، ولكننا أثقلنا الحمل على الشماعات، وأكثرنا تراشق الاتهامات دون الوصول لهدف وقبل وضع الأهداف والاتفاق عليها.

الدكتور عبدالوهاب المسيري، رحمه الله تعالى، قال في أحد لقاءاته إنه لا يشاهد نشرات الأخبار؛ كي يفرغ ذهنه ووقته واهتماماته لمشروعه الثقافي، و كان كلامه هذا يقابله استنكار من المشاهدين، وكيف لرجلٍ مثله لا يشاهد الأخبار ولا يعرف ما يدور في العالم على وجه العموم والقضية الفلسطينية والعالم العربي على وجه الخصوص؟!

وأنا أرى أن دراسات وكتبا بل ومقولات عبدالوهاب المسيري، عن الصهيونية هي أكثر ما عاد له الناس في ظل هذه الأحداث الأخيرة، فكان لعدم متابعته لنشرات الأخبار فائدة مجتمعية وهدف.

هل يستطيع الفرد منا أن يوّسع المشهد في نظرته للمقاطعة؛ فيقاطع شيئاً من عاداته السيئة والحديث في ما لا يعنيه، ويترك الجدل والمراء ولو كان محقاً، ويخرج من دائرة ردة الفعل إلى الفعل نفسه لينشغل في ما يفيده، ويبذل من وقته وجهده ليقدم فائدة مجتمعية ويكون المشهد في ذهنه كبذرة فائدة إنسانية تُجنى ثمار نفعها ثقافياً لعل الله أن يطرح فيها البركة ويكتب لها القبول.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي