«الراي» استطلعت آراء عدد من المهتمين بالأعمال الشعبية

صياغة التراث الغنائي... بشروط!

تصغير
تكبير

الإرث الغنائي كالذهب الصافي، إذا تغيّر شكله قد يفقد جزءاً مِن قيمته، ما لم يُصغ بطريقة إبداعية متقنة...

ومن هذا المبدأ، استطلعت «الراي» آراء عدد من المهتمين بالموسيقى والتراث الغنائي، حول إمكانية إعادة توزيع أو صياغة الأغنية الشعبية القديمة بآلات موسيقية حديثة، لتواكب الأغنية المُعاصرة، متسائلةً عمّا إذا كان ذلك سيفقدها ملامحها الأصلية، أم يضخ فيها روحاً جديدة تلامس أذواق الجيل الحالي؟

وشدّد المشاركون على عدم المساس بالروح الأساسية للأغنية الشعبية والفولكلورية، إلا على أيدٍ أكاديمية متخصّصة، تمتلك من الخبرة والتشبّع الموسيقي ما يؤهلها إلى التعامل مع هذه القطع الفنية النادرة... وبحذر!

أنور عبدالله:

التعامل بحذر...

مع الفولكلور الموسيقي

أكد الملحن القدير أنور عبدالله أن التعامل مع الفولكلور يجب أن يتم بحذر شديد، وعلى أيدي أكاديميين متخصصين في التراث الموسيقي والغنائي، لدرء التغيير في ملامحه وروحه الأساسية، ولضمان عدم تشويهه بأي شكلٍ من الأشكال.

وأضاف أن «الأغنية الشعبية الكويتية تحمل الكثير من المعاني الأصيلة، لناحية الكلمة واللحن والجملة الموسيقية، وهناك بعض الروّاد الذين نجحوا في إعادة صياغتها بطريقة متقنة، منهم الموسيقار الراحل أحمد باقر والموسيقار غنام الديكان، كما فعلت ذلك أيضاً في رائعة (يا بو فهد مني غدا الشوق ويلاه)، وكذلك أغنية (البوشيه)».

ولفت عبدالله إلى أن خطورة التعامل مع الأغاني التراثية تكمن بأن هذه الأعمال مشهورة جداً لدى المستمع الكويتي والخليجي، ولذلك فإن أي محاولة لا تستند إلى الخبرة والتشبّع الموسيقي التام ستنعكس سلباً على هذه التجربة.

فيصل خاجة:

أحياناً... يكون التطوير بالتصغير!

قال الباحث في التراث الغنائي مدير شركة «سين» للإنتاج الفني فيصل خاجة «أحيانا يكون التطوير بالتصغير».

وأكمل «الساحة الفنية المحلية والعربية والعالمية مليئة بنماذج لا حصر لها في تناول التراث الغنائي بشكل حديث نال بعضها النجاح ولم ينله الآخر، فالموضوع برمته يخضع لذكاء الانتقاء من الموروث مع التطوير الذي يبرز جمالياته ولا يغمره بالأصوات بحجة المعاصرة».

وأضاف خاجة «من المفارقات، أن بعض الأغنيات المطوّرة نالت نجاحاً كبيراً فاق الأغنيات الأصلية، على الرغم من تقديمها بشكل أصغر وبآلات موسيقية أقل. نموذج على ذلك قيام المبدع محمد المسباح بتقديم أغنية (على خدّي) استناداً على آلتي العود والبيانو، والتي نالت بدورها نجاحاً باهراً على الرغم من أن الأغنية الأصلية لعبدالله فضالة كانت بمصاحبة فرقة موسيقية أكبر بكثير، تضمنت آلات الكمان والناي والكورال!».

أيوب خضر:

صياغتها بأسلوب

موسيقي مهذّب

رأى الرئيس التنفيذي لشركة «كودا» للإنتاج الفني المايسترو الدكتور أيوب خضر أن جمال الأغنية الشعبية يكمن في عفويتها وبآلاتها الموسيقية البسيطة، حيث إن هذه النوعية من الأغاني لا تكون عادة «مُنوّتة» أو مسجلة في الاستديو كأغاني السوق التجارية، بل يتم تقديمها في الجلسات و«حفلات الأُنس» التي عادة ما تشهد إقبالاً كبيراً من محبي هذا اللون الغنائي العريق.

وألمح إلى أنه ضد مصطلح «تطوير الأغنية الشعبية» ويُفضّل استبداله بـ «إعادة صياغتها» بأسلوب جديد ومُهذب فنياً وموسيقياً، من خلال توزيعها مجدداً بآلات مختلفة مثل العود أو الكمان، أو حتى آلات النفخ الغربية، أو تقديمها أوركسترالياً، لتحظى بفرصة الانتشار عربياً وعالمياً، بشرط ألا تمس الروح الأصلية للأغنية، لناحية اللحن أو الأداء.

وأوضح أن العديد من الفنانين نجحوا في إعادة صياغة الأغنية الشعبية وإظهارها بثوب جديد يليق بها، ومنهم المطرب القدير محمد المسباح.

أحمد العود:

لم يعد للأغنية هوية...

في وقتنا الحالي

تحدّث المايسترو الدكتور أحمد العود، قائلاً: «من وجهة نظري، أتفق مع إعادة توزيع الأغنية الشعبية، لما لها من أثر كبير على الشعوب بشكل عام».

وأكمل «نتفق أن الأغنية الشعبية يجب أن تكون على طابعها القديم ورونقها الخاص، ولكن لا ننسى هذا الجيل الذي نشأ على الأغنية الحديثة. ففي وقتنا الحالي لم تعد للأغنية هوية محددة لبلدٍ ما أو لمنطقة بعينها، ولذلك علينا تحديثها أولاً، قبل حث الجيل الحالي على تأليف الأغاني ذات الطابع الشعبي التراثي لتمتزج مع الأغنية الحديثة، وبالتالي سنجد أن الأغنية الشعبية والأغنية الحديثة ستلتقيان عند بعض العناصر الموسيقية وتختلفان مع بعض العناصر الإيقاعية».

جمال القائد:

لا يمكن تقّبل

الجودة القديمة

قال الموسيقار جمال القائد: «بصفتي مؤلف موسيقي، وبحكم الخبرة الطويلة التي مررت بها، فإنني أؤيد وبقوة تجديد وتطوير الأعمال الشعبية والقديمة، فلا يمكن للجيل الحالي تقّبل الجودة القديمة لتلك الأغاني، خصوصاً أنه لا توجد نسخ جيدة».

واستدرك قائلاً: «لكن بشرط، ألا يكون التجديد سلاحاً ذا حدَين، بحيث يقوم بمسّ أو تحريف أو إدخال آلات موسيقية غير مُتناسقة مع الإيقاعات الرئيسية، بل يكون بتوفير الآلات الخليجية الرئيسية ويكون الموزع الموسيقي على أعلى درجة من الخبرة والفهم الفني والتقني لهذه الأعمال، ويصاحبه شخص فنان ومحترف بهذا التراث أثناء التطوير والتجديد».

وأكد القائد أنه بأجهزة التسجيل الرقمية الحديثة والوضوح التقني والتوزيع «المودرن» سيتقبل الجمهور الحالي الأغنية الشعبية القديمة ويفهم مضمونها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي