قيم ومبادئ

هل نحتاج مزيداً من الحريات؟

تصغير
تكبير

أفضل من التوسع بمفهوم وممارسة الحريات إصلاح الأحوال في ما بينكم، وهي درجة أفضل من درجة الصيام والقيام والصدقة؛ لأن فساد ذات البين هي (الحالقة) التي تحلقُ الدين، فإصلاح العلاقة بين الرعية هي سبب للاعتصام بحبل الله وعدم التفرق بين مكونات الشعب، ولأن فساد ذات البين ثُلمة في الدين فمن تعاطى إصلاحها ورفع فسادها نال درجة فوق ما يناله الصائم القائم المنشغل بخاصة نفسه!

وهذا المُصلِح لا بد أن يصلحَ الله سعيه وعمله، كما أن الساعي في الإفساد لا يصلح الله عمله ولا يتم له مقصوده... وبهكذا نهج نرتقي في الأداء.

وكمال الأجر وتمامه يكون بحسب النية والإخلاص (إنما الأعمال بالنيات) والهدف الأسمى لتنقيح الدستور لا يعدو هذه المقاصد الثلاثة وهي:

أولاً، الضرورية التي لا بد منها في قيام مصالح الدنيا والدين، بحيث إذا فقدت لم تجرِ المصالح العامة على استقامة بل على فساد وتهارج وتخاذل.

ثانياً، مصالح اقتضتها تداعيات المرحلة ودعت إليها الحاجة مثل (غلاء المعيشة - كثرة الديون - سقف الرواتب) ومن حيث الفقه السياسي الشرعي هي ما كان مفتقراً إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق المؤدي إلى الحرج والمشقة اللاحقة بفوت المطلوب مثل - دعم استقرار العائلات - فإذا لم تراع دخل على المكلفين الحرج والمشقة ولكنه لا يبلغ مبلغ الفساد المتوقع في المصالح العامة (الضرورية) فهذه تجرى في المعاملات التي يحتاجها المواطن ولهم فيها مصلحة يقينية قائمة وتهدف إلى رفع الحرج عن الشعب بشكل عام.

ثالثاً، وأخيراً الأخذ بمحاسن العادات والقيم وتجنب الأحوال التي تأنفها العقول الراجحة والفطر السليمة، ويجمع ذلك كله مكارم الأخلاق التي اعتاد عليها الشعب الكويتي قبل ظهور النفط وما زال محافظاً عليها مثل إنزال الناس منازلهم وإقالة عثرات ذوي الهيئات والتزاور في الأعياد والمناسبات الدينية والوطنية، وهذه من مصالح الدارين ولا نعرفها إلا من خلال دين الدولة الإسلام، فإذا خفي منها شيء طلبناه من الموسوعة الفقهية والقياس المعتبر والاستدلال الصحيح... وأما مصالح الدنيا وأسبابها ومفاسدها فمعرفتها بالضرورات والتجارب والعادات والظنون المعتبرة وكل ما تتوصل إليه لجنة التنقيح لمصالح العباد فهي عائدة عليهم بحسب أمر الشارع الحكيم وعلى الحد الذي حده لا على مقتضى أهوائهم وشهواتهم أو ضغوطات الشارع السياسي.

ولذا فمن الأهمية أن يعرف من يريد الإصلاح قواعده الكلية الجامعة في ضوء المقاصد الشرعية ليقوم بها على الوجه المشروع ليحقق ما يأمله من المصالح وليس فقط الحريات!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي