خواطر صعلوك

من أجل القُبلة... وليس من أجل المال!

تصغير
تكبير

بحسب قصة يهوذا، الذي خان المسيح، وسلّمه لليهود لكي يصلبوه مقابل 30 قطعة من الفضة، كانت إشارة التسليم وكلمة السر هي قُبلة يطبعها يهوذا على خد المسيح، فيعرف الحرس الإمبراطوري أنه المسيح ويلقون القبض عليه... وعندما حانت اللحظة قال له المسيح عبارته المشهورة «أبقبلة تسلم ابن الإنسان».

القُبلة عزيزي القارئ التي يُفترض فيها أنها رمز الحب والولاء والمَنعة والعزوة، تتحول في هذا المشهد الإنجيلي إلى أداة الغدر والخيانة، لذلك فإشكالية يهوذا ليست في أنه باع المسيح بثلاثين من الفضة، فهذه خيانة صريحة لصاحبها مبرّرات حتى لو لم تكن مقبولة مثل الحاجة أو ضعف الإيمان أو حتى من أجل ربع كيلو كلام فارغ ومن تحته هراء ومن فوقه هراء، ولكن إشكاليته كانت في أنه خان بأدوات المحبة، وأفرغ المعنى من محتواه، وابتذل المحتوى بقتل المعنى فيه... ولذلك قال له المسيح «أبقبلة تسلم ابن الإنسان»؟!

صدقني يا يهوذا يا ابن الإنسان... كل مبرّراتك لا معنى لها... توقف عن الكلام، سأحبسك في الحمام ولن أسمح لك بالخروج حتى أنتهي من سرد وجهة نظري فيك.

سمعتك جيداً، وكنت منصتاً لك حتى أرى أعماقك... فرأيت مؤمناً يُبطن الكفر بكل المعاني.

صدقني يا يهوذا أنت لم تخن المسيح لأنه لم يكن يستمع لك أو لا يهتم بك أو لا يعطيك من وقته، فقد ضمك لمائدته وجعلك من المقرّبين... ولكنك خُنت من أجل القُبلة وليس من أجل الحاجة.

لا تُعد الكلام نفسه أرجوك، ولا تصرخ، فأنا اسمعك ولن أفتح لك الباب الآن، إنها مبرّرات منتشرة في كل مكان... دعك من كل ذلك وأعترف أنها طبيعتك الأصيلة التي تسري في نفوس كثيرة غيرك... ذكراً كان أو أُنثى.

الذكورية المتطرفة والنسوية المتطرفة، تعلّموا هذه المبررات منك.

حيث يصبح الصوت الأكثر مسكنة هو الأكثر تسلّطاً دائماً.

صدقني إن الموضوع لا يتعلق فقط بالعلاقات بل أيضاً انتشر حتى وصل للسياسات، فأصبحنا نرى إخواننا يُذبحون ليس من أجل المال ولكن من أجل الخبر... ونوزع عليهم القُبلات تلو القُبلات... أما أنت يا ابن الإنسان، فالحق أقول لك إنك خنت بقُبلة واحدة... ونحن نخون بقُبلات وقُبلات.

إنّ صراخك وضربك على باب الحمام من الداخل لن يجعلني أشفق عليك، فنحن يا عزيزي سنصبح بابليون إذا ألقينا اللوم دوماً على الأحذية فقط، دون الالتفات إلى أصابع القدم التي لم تُنظف من أظفارها الطويلة والمتسخة منذ زمن طويل.

لماذا تضحك؟، نعم... أفهمك جيداً ولكن صدقني فليس ثمة فرق بين أسد يطارد جاموساً وحشياً في المحمية الوطنية، وبين فأر يطارد جرذاً تحت أضواء مصابيح الإنارة.

هيا اخرج الآن... واذهب إلى جذع الشجرة واكتب عليه، ملعونون كل الذين خانوا من أجل القُبلة ومن أجل الخبر، ومن أجل المال... وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله...أبتر.

Moh1alatwan@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي