مشاهدات

التصريحات غير المسؤولة!

تصغير
تكبير

في مستهل الأسبوع الماضي عانت أغلب مناطق البلاد من انقطاع الكهرباء المفاجئ عن 43 منطقة سكنية شملت جميع محافظات البلاد!

ومما يثير الاستغراب أنه قبل مرور 24 ساعة من تلك الأزمة صرّح وزير الكهرباء في أحد اللقاءات وهو يُطمئن المواطنين بأن الوزارة مستعدة لموسم الصيف وكل شيء على ما يرام وأن: «وضع الطاقة في البلاد مستقر»!

ثم وللأسف نتفاجأ بانقطاع التيار الكهربائي عن 43 منطقة سكنية دون سابق إنذار وفي وقت الذروة القصوى وفي شدة الحرارة التي وصلت إلى 52 درجة في الظل، ما تسبّب بمشاكل كثيرة لكبار السن والأطفال بالإضافة إلى تعطل المصاعد، حسب البيان الصادر من إدارة الإطفاء العام بأن 79 مصعداً توقف وعلُق مَن فيه من ركاب، حيث هرعت قوة الإطفاء لإخراج مَن احتجز بالمصاعد!

السؤال هنا:

هل هذه الأزمة وليدة اللحظة؟ أم أنها أزمة نعاني منها منذ سنوات طويلة مضت؟ فأين المسؤولون ليقوموا بوضع الحلول لهذه الأزمة؟ أليس ذلك يعتبر إخفاقاً لكل من كان في تلك اللجان آنذاك والذين وضعوا في أماكنهم لايجاد الحلول لمرفق الكهرباء؟!

بل وأعلنت وزارة الكهرباء بأنه سيكون هناك قطع مبرمج يشمل 63 منطقة سكنية في وقت الذروة في اليوم التالي لتلك الحادثة!

وكل ذلك يعكس صورة لمدى إلمام وزير الكهرباء بواقع استعدادات وزارته لمواجهة موسم الصيف!

بالطبع، نحن لا نلوم الوزير كونه تسلّم الحقيبة الوزارية أخيراً ولم يسنح له الوقت للاطلاع على كل ما يجري في وزارته، ولكن الواجب كونه جديداً في تسلّمه للوزارة أن يتأنى قبل الإدلاء بمثل هذه التصريحات، فالواجب على كل وزير ألّا يصرّح إلا بعد التأكد من صدق ما نقل أو قيل له من قياديي وزارته؟

ولذلك، القيادي يجب أن يُدرّب ويتهيأ ليكون مهنياً لمتطلبات التكليف للوظيفة المُوكلة إليه ويعرف ما يقال وما لا يقال.

وعليه، ننصح كل مسؤول بألا يتسرع بالإدلاء بأي تصريح إلا بعد التأكد من صحة الخبر.

فالتصريح الرسمي إن تفوّه به فهو مسؤول عما ذَكره.

مشكلة الحِمل الزائد في الصيف ليست مشكلة وليدة اللحظة بل هي كذلك منذ سنوات طويلة مضت، فكل وزير سابق كان يطل علينا في وسائل الإعلام ليصرّح بأنهم اتخذوا الإجراءات والاحتياطات اللازمة لفترة الصيف، وللأسف كانت تصريحاتهم مجرد كلام ولم يتم حل تلك المشكلة منذ أمد بعيد؟

ولا يجب إلقاء اللوم على المواطن بل الخطأ يقع على المسؤولين عن إدارة وتوفير الطاقة للمستهلكين وهم في المقام الأول قياديون في وزارة الكهرباء.

وإذ نسترجع الذاكرة قليلاً، ففي صيف 2018، ساهمت الكويت بإرسال الطاقة الكهربائية إلى دولتين خليجيتين في فصل الصيف حسب تصريح الوزير الأسبق محمد بوشهري، فما الذي حصل منذ ذلك التاريخ حتى اليوم ما يستدعي البحث في أسباب وصولنا إلى هذه الحالة؟!

من الوفرة والفائض في إنتاج الطاقة إلى النقص في الطاقة بعد مرور سنوات قليلة؟

وكذلك سعة محطة الزور من إنتاج الطاقة يبلغ 19 ألف ميغا، والإنتاج الفعلي الآن 16 ألف ميغا! بمعنى أن هناك 3 آلاف ميغا طاقة مهدورة، فأين ذهبت هذه الطاقة المهدورة؟

أليس تشغيل المحطات بالطاقة الكاملة من اختصاص وزارة الكهرباء؟

لماذا لا تبادر الوزارة بالتواصل مع الشركة المصنعة للمحطة ليتم تفعيل إنتاج الطاقة المهدورة، فـ 3 آلاف ميغا ليست قليلة؟

الأزمة:

-عندما يكون الإنتاج أقل من الاستهلاك، تبدأ الأزمة بانقطاع الطاقة، ولذلك تضطر الوزارة إلى اللجوء إلى القطع المبرمج.

-كذلك بسبب عدم التوسع في بناء محطات جديدة كي تواكب التوسع العمراني والمشاريع التنموية للدولة تحدث هذه المشكلة.

إذاً، ما السبب في ذلك؟

- السبب هو خلل في الإدارة من بعض المسؤولين في وزارة الكهرباء ومن ثم الروتين الطويل لأخذ الموافقات، والدورة المستندية غير السليمة، وعدم التنسيق مع الجهات الرسمية الأخرى عند طرح وبناء المشاريع الجديدة؟

-من البدهيات المعروفة أن الضغط على الحِمل الكهربائي يصل إلى الذروة في فصل الصيف، إذاً، لماذا لم يتم بناء وإضافة طاقة جديدة في الشبكة الكهربائية خاصة والدولة تقوم ببناء مجمعات ومدن ومشاريع جديدة؟

لذلك، وبشكل عام في مختلف الأمور، عندما يتم إسناد المهمة إلى الرجل المناسب في المكان المناسب سيتم اتخاذ القرار الحازم، والقرار الحازم هنا هو تطوير الشبكة الكهربائية دون تأخير ليحصل التوافق بين زيادة الاستهلاك مع بناء المدن والمشاريع الجديدة.

وعليه، هناك طرفان لهذه المشكلة:

1/ الجانب الحكومي بعدم قيامه باتخاذ إجراءات تطوير الشبكة الكهربائية.

2/ المستهلك وسوء استخدامه للخدمة.

ما هو الحل؟!

الترشيد والتقنين يجب أن يطول:

1 - القطاع الحكومي ( الوزارات -المؤسسات -الأندية -...).

2 - القطاع الخاص ( المجمعات -الأسواق -المحلات- دور السينما - المسارح-المعارض- المصانع -الكراجات - ...).

3 - أملاك الدولة ( الشاليهات -المزارع -الإسطبلات- الجواخير -...).

4 - المنازل الخاصة.

- أعلنت القنوات الإخبارية بأن الزيادة السنوية في عدد السكان في الكويت تصل إلى 13 % وهي نسبة كبيرة وتدل على عدم وجود دراسة للزيادة السكانية في البلاد والمشكلات الناتجة عنها من الجهات المعنية في الدولة.

وتنظيم التركيبة السكانية ضرورة يجب أن تبت فيها.

-من الحلول السريعة عدم فتح كروت الزيارة في فترة الصيف .

-ترشيد العمل في مؤسسات الدولة.

-يجب ألاّ يظل المدرس عالقاً في الدوام منذ الصباح وحتى فترة نهاية الدوام المدرسي بسبب البصمة ؟ أليس من الأولى تقديراً وتكريماً للمعلم وفي ظل انتهاء العام الدراسي بان يغادر ويتم إغلاق المدرسة في فترة الذروة؟

- تغيير مواعيد العمل في الوزارات في فترة الصيف بحيث تكون فترتين صباحية من 7/11 وفترة مسائية 5/9.

-تغيير التوقيت في فترة الصيف لمدة 3 ساعات كما هو معمول في بعض دول العالم بحيث ينتهي العمل قبل فترة الذروة.

-الأسواق والمجمعات والمولات والمطاعم والشركات والمصانع والمطار، تقطع عنها الكهرباء في فترة الذروة ويتم استخدام المولدات والطوارئ الخاصة بها.

-استغلال الموارد الطبيعية كالشمس والرياح والاستفادة منها بنسبة 40 %.

-التعاون مع الدول العاملة في مجال الطاقة النووية من دول الإقليم وغيرها من الدول الأجنبية العاملة في هذا المجال للاستفادة من بناء المحطات الكهربائية بتكلفة أقل وإنتاج أوفر.

-تفعيل وتعميم العدادات الذكية وكروت التعبئة لخدمة الكهرباء في البنايات والمجمعات والمولات والمحال التجارية والكراجات والمنازل.

-أن يكون الدعم الحكومي لمنزل واحد لكل مواطن فقط مع إعطاء بونص أو خصم لمن يتقيد في الترشيد بالكهرباء.

-تفعيل السداد الشهري المنتظم لكل مستهلك للطاقة وإلا قُطِعت الخدمة عن من يتخلف عن ذلك.

-إصدار قانون يجيز الحجز على العمارات المخالفة بالبناء سواء بالارتفاع غير القانوني أو استغلال المساحات الفارغة أو عدم بناء مواقف لمركبات السكان القاطنين في العمارة أو عدم وجود مخارج للطوارئ أو عدم وجود وسائل السلامة والإطفاء... وبيعها بالمزاد العلني دون أخذ موافقة المالك كونه ارتكب جريمة مخالفة القانون.

الأمر الغريب:

كيف تتم الموافقة على بناء مجمعات ومولات ضخمة ومناطق سكنية دون أن يتم توفير الطاقة اللازمة لتلك المشاريع؟!

أليس من المفترض أن تكون هناك لجنة مشتركة بين الوزارات المعينة ليتم العمل وفق آلية متوازية بين الجهات من توفير الطاقة والمياه والبنية التحتية للمشاريع المستقبلية.

أين دور الهيئة العامة للتخطيط طوال هذه السنوات؟!

المفترض محاسبة كل مسؤول متخاذل عن أداء واجبه ولا يتم الاكتفاء بالإحالة إلى التقاعد فقط؟ فهؤلاء محاسبون عن سوء إدارتهم طوال هذه السنوات!

-لماذا لا يتم فتح المجال للقطاع الخاص لإنشاء شركات مساهمة عامة لبناء المحطات وتوليد الطاقة ويكون الاكتتاب فيها متاحاً للمواطنين والحكومة لزيادة إنتاج الطاقة وتوزيع أرباحها على المساهمين.

كنا نأمل ألا تحدث مثل هذه الإخفاقات لدينا، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان ومع ذلك نأمل خيراً بأن تصحح الأخطاء ونحن مقبلون على صيف قاسٍ طويل.

أملنا كبير في إيجاد الحل الريادي لهذه المشكلة الكبرى.

اللهمّ احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمد لله ربِّ العالمين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي