لا تزال حرارة نيران حريق المنقف تخيّم على أجواء الكويت وقلوب المواطنين والمقيمين، ولا تزال ردة الفعل الحكومية حول آثار الحريق مستمرة، ولكن حتى لا تضيع الجادة، ولا ننشد الناطور، نقولها بصراحة، نعم هناك مشكلة كبيرة في المخالفات والتجاوزات في مناطق السكن الخاص والمناطق الاستثمارية والتجارية وهناك خطر وتجاوزات، ولكن هذه ليست مشكلتنا الحقيقية، بل نقول إن هذه الظواهر وجدت نتيجة غياب مشاريع المدن العمالية في الكويت.
ولئلا تضيع رؤيتنا وسط دخان الحريق، وننشغل في ردة الفعل يجب أن نتوقف ونعترف بأن مشكلتنا الحقيقية تكمن في تقصير الدولة بعدم توفير مناطق سكن للعمال رغم وجود نماذج مصغّرة في صبحان وأمغرة أثبتت نجاحها بشكل كبير، ورغم أن المشاريع جاهزة على أوراق الكثير من الجهات الحكومية وينقصها القرار فقط، إلا أننا لم نحرّك ساكناً وانشغلنا في صراعاتنا السياسية ونسينا الدولة.
ردة الفعل الحكومية مستحقة والحدث جلل، ولكن ما ذنب العمال الذين افترشوا الشارع بأثاثهم دون مأوى بسبب تراكم أخطاء سابقة وعدم توفير الدولة لهم مساكن عمالية، كما يجب أن نتوقف عن الحديث عن العمال في الكويت وكأنهم كلهم نظاميون وتابعون لشركات، وأنه لا توجد عمالة هامشية وتجار إقامات وكفالات من مواطنين خدم وسوّاق منخرطين في سوق الأعمال.
حتى لا تتشعب القضية وتنحرف وتتحول إلى مخالفات مطابخ مركزية وورش عمل في السراديب يجب أن نقر بأن مشكلتنا الحقيقية هي تكدس عمالة في مناطق السكن الخاص والاستثماري وليس كيف يتكدسون!،... المخالفات قضية مختلفة وعلى الحكومة محاربتها وسد باب الواسطات وتحويل المعاملات وتحرير المخالفات فيها إلى إلكترونية لإغلاق باب الواسطات وسطوة المتنفذين.
مناطق المخالفات كثيرة، الشويخ الصناعية، جليب الشيوخ، سكراب أمغرة، ومناطق الجواخير والمزارع والشاليهات
وأسواق الري، وقس على ذلك... كلها تعج بالمخالفات والتجاوزات، وأصحابها يتعمدون المخالفات لأهداف ربحية وزيادة الأرصدة البنكية وغالباً ما تكون المخالفات والتجاوزات تهدد بكوارث وحوادث بشرية وبيئية.
لذلك، علينا أن نفصل بين القضيتين وعلى الحكومة والمسؤولين أن يعملوا على خطين متوازيين ولا يتم خلط الأوراق وتغطية التقصير في تجاهل توفير بيئة صالحة للعيش للعمالة الوافدة، بمخالفات وجدت بسبب الظروف وعدم وجود تنظيم لحياة العمال في الكويت.