فرضَ الله تعالى الحج على المستطيع، وهو من أفضل العبادات كما في الحديث الشريف: (الحجُّ المبرور ليس له جزاءٌ إلّا الجنة) متفق عليه، والحج المبرور هو الحج المقبول الذي لا يخالطه شيء من الإثم والذي لا رياءَ فيه، ونقف اليوم وقفات فقهية مع تلك الرحلة العظيمة.
* سداد دَين أم أداء حج؟
مَن أراد أن يؤدي حجته وعليه دين حال حان وقت أدائه فليس له أن يخرج للحج إلّا بإذن أصحاب الدين، ويحق لهم أن يمنعوه من الخروج؛ لأن حقهم مقدم، وأما إذا كان الدين مؤجلاً فيجوز الخروج لأداء الحج بغير إذنهم؛ والأولى والأفضل في مثل هذه الحالة هو قضاء الدين، فلا يضيّق الإنسان على نفسه ويؤجل حقوق غيره إن كان غير مستطيع؛ فالاستطاعة شرط من شروط وجوب الحج، ولا يُكلّف الله نفساً إلّا وسعها، فمن كانت قدرته المادية لا تسع إلا على أداء أحدهما؛ فإن وفاء الدين وإبراء الذمة يقدّم على الحج، فيؤخر حجته إلى أن تتوافر لديه الاستطاعة، لقوله تعالى:
«وللهِ على الناسِ حِجُّ البيتِ مَنِ استطاعَ إليهِ سَبيلاً» آل عمران/97.
* الحج عن النفس وعن الغير في حجة واحدة؟
لا يصح التشريك في نية الحج بأن يحج الشخص حجة واحة عن نفسه وعن غيره؛ فالحج عبادة مطلوبة من كل شخص على حِدة؛ فمن شروط صحة الحج النية؛ للحديث الشريف: (إنما الأعمال بالنيات) وكذلك ما ورد عن رسولنا الكريم،عليه الصلاة والسلام عندما أمر رجلاً أن يحج عن نفسه حجة مستقلة، ثم يحج عن غيره.
* الاقتراض لأداء الحج
الاقتراض من أجل أداء الحج جائز ولا حرج فيه لمن يقدر على وفاء الدين، لكن الأولى لغير المستطيع مادياً ألا يقترض ويستدين للحج، فإن الله عز وجل لم يوجب الحج إلّا على المستطيع؛ فالأولى هو الانتظار والأخذ بالرخصة التي منّ الله بها علينا، وتأخير الحج إلى وقت الاستطاعة والقدرة على نفقات الحج، فقد يستدين الشخص ولا يقدر في ما بعد على تسديد هذا الدين، ويبقى في ذمته.
* الحجُّ عن الوالدين
لا يبادر الولد بالحج عن والديه إلا إذا أدى فريضة الحج عن نفسه؛ فالواجب أن تحج عن نفسك أولاً، ثم الحج بالتطوع نيابةً عن الوالدين.
التطوع بالحج نيابة عن الوالدين أو أحدهما مستحب وفيه فضل عظيم، وقد دلت الأحاديث النبوية على مشروعية الحج عن الأبوين الميتين وأن فيه الثواب لهما وتكفير ذنوبهما، قال ابن قدامة: يستحب أن يحج الإنسان عن أبويه إذا كانا ميتين أو عاجزين...
وتقبل الله منكم الطاعة.