«الراي» بحثت في أسرار الاستمرارية مع «أهل الدار»
المسلسلات والبرامج الإذاعية... صامدة بجمهورها
على الرغم من اختلاف الآراء حول نسبة الاستماع، إلا أن الإجماع على أن المسلسلات والبرامج الإذاعية ما زالت «صامدة» بصمود الإذاعة التي تعتبر رمزاً من رموز الإعلام الكويتي.
«الراي» استشفت هذه الآراء من أهل دار الإذاعة من مسؤولين وكتّاب ومخرجين وممثلين، لتكون الإجابة عن أسئلتنا على قدر كبير من الدقة، فتطرقت إلى كيفية حساب نسبة المستمعين والنجاح للعمل، إضافة إلى دور الرقابة والتغيّرات التي طرأت على آلية العمل في عصر بات كل شيء فيه متاحاً للجمهور، وصولاً إلى الأُسس الواجب تواجدها حالياً في الممثل الإذاعي.
يوسف السريع: الإقبال قوي... وهذه حقيقة
أكد الوكيل المساعد لشؤون الإذاعة بالتكليف الدكتور يوسف السريع أن المسلسلات الإذاعية مازالت تحظى بالمستمعين والإقبال قوي جداً، معتبراً أن «هذه حقيقة»، ومضيفاً أن «ذلك يأتي من تساؤل الجمهور الدائم عن تلك المسلسلات وعن أوقاتها، ومن أشهرها (نافذة على التاريخ) و(نجوم القمة)، فهي مسلسلات لها تاريخها ومحبوها وهي مازالت تُبث بالمواعيد ذاتها».
وأوضح أن «نسبة المستمعين والنجاح للعمل تقيّم دائماً من خلال رصد المحطات عن طريق الأبليكيشن وعدد الداخلين على تلك المحطة، إلى جانب أنه في حال تأخر أي حلقة أو تمت الإعادة، يعرفون بذلك ويتم تلقي الاتصالات، سواء داخل الاستديو، أو من قبل المعدين للمادة أو وكيل أو مدير الإذاعة للسؤال عن سبب عدم بث الحلقة».
واعتبر أنه مع «إطلاق وزارة الإعلام أخيراً لـ(منصة 51)، أعتقد أن المسلسلات سيكون لها سمع أكثر لمواجهة الحداثة».
وعن آلية الاستماع والورشة التحضيرية لكل عمل، أشار إلى أن «هناك فريقاً من رئيس قسم ومراقبة يأخذون العمل مكتوباً، وفي ما بعد هناك استشارة للمخرج المنفذ للعمل، يتم من خلالها تكوين الفريق المنوط به من الممثلين، حيث توزع الأدوار وتتم دعوتهم قبلها بيوم لمراجعة النص وتصحيحه إذا كانت هناك بعض الأخطاء».
واستدرك السريع «أما إذا كان العمل باللغة العربية الفصحى، فعندها تشكل المادة من قبل مختصين بذلك، وفي ما بعد تسجل وتراقب أيضاً من قبل المراقب بعد ذلك ووضع اللمسات الأخيرة لعرضها على المستمع».
وحول دور الرقابة في الأعمال الإذاعية، لفت إلى أنها «مراقبة دائماً من قبل المراقب ورئيس القسم، وأيضاً المخرج. فمن خلال الخبرة الآن، بات معروفاً ما يُطرح ويُقدم».
وعن آلية اختيار النجوم، أشار إلى أن «الغالبية من داخل الإذاعة، كما يتم استقطاب مواهب من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية ونخبة من الشباب، ممكن أن يكونوا عاملين في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ومن قطاعات الدولة، ويجري التعاون معهم نظراً لمواهبهم. ولكن يتم الاعتماد بشكل كبير على قسم الدراما، ومراقبتها لديها الكثير من أبناء القسم من ممثلين وخريجي المعهد، ومن خلال خبرة المخرجين العالية، يعرفون تلك الشخصية ماذا تقدم وماذا تعطي».
جاسم النبهان: رمز من رموز الإعلام الكويتي
رأى الفنان القدير جاسم النبهان أن «المسلسلات الإذاعية في العادة موسمية، كما تُبث في شهر رمضان أو في بعض المناسبات، لكنها لا تُتابَع كما كانت في السابق من قبل المستمعين».
ولفت إلى أنه كمستمع، يحرص على متابعة برنامجين أو ثلاثة مهمة، «وتقريباً عمرها يتراوح بين 45 أو 50 سنة وهي (نافذة على التاريخ) و(القمة) و(جهينة)، وحتى في تلك البرامج قلّت نسبة المستمعين كثيراً».
وعزا النبهان سبب قلة الاستماع إلى «الصورة، التي حلّت مكان الصوت، خصوصاً في البيوت أو الأماكن العامة مع وجود التلفزيون، إلا من يستمع للراديو أثناء خروجه في السيارة. وفي السابق، كان المذياع أحد أفراد الأسرة، والآن للأسف حلّ التلفزيون مكان كل شيء، ولا ننسى أن وجود وسائل التواصل الاجتماعي قللت من أهمية الإذاعة قليلاً، إلا ما كان في المناسبات المعينة».
وعن نسبة النجاح للعمل الإذاعي، رأى أنه «يُلمس من خلال الجمهور، فأنا لديّ أحد الإخوان الأفاضل الثقيلين المتابعين للإذاعة، كان يتابع البرامج عصراً، فقال لي يا (بوطلال) الموضوع ليس موضوع استمرارية البرنامج، بل جودة المادة وإخراجها إلى المجتمع، إذ في السابق كانت أفضل والآن هناك محاولات ولكنها ليست بالأفضل».
ومع ذلك، يجد النبهان أن «الاستمرارية مهمة جداً، لأن الأعمال الإذاعية رمز من رموز الإعلام الكويتي والإعلام الخارجي»، متمنياً أن يتم تطوير الإذاعة «والآن، حسب ما عرفت، أن وزير الإعلام سوف يستحدث أموراً كثيرة، وإن شاء الله كل هذا يصبُّ في صالح الإعلام الكويتي، فالمفروض أن نقف مع خطته ونسانده».
أبرار المفيدي: نسبة المستمعين تُحسب على أثر صدى العمل
«للأمانة، المستمعون كثيرون، ولكن ليس كما في السابق بحكم التغيير والتطور بشكل عام».
هكذا بدأت الإعلامية الدكتورة أبرار المفيدي كلامها، مشيرة إلى أن «نسبة المستمعين تحسب على أثر صدى العمل وصيته».
وحول ما تغيّر على مدى السنوات في العمل الإذاعي، لفتت إلى أنه «حالياً لا توجد بروفات كما في السابق، إذ كل ممثل يراجع دوره قبل الدخول للتسجيل، لكن عندما عملت مع البرنامج الثاني، وفي حين عودة المسلسلات المحلية مع الأستاذة فريدة دهراب، أجريت ورشة سريعة للفنانين الذين كانت وقفتهم الأولى أمام الميكروفون، عن كيفية الوقوف أمامه وتكتيك العمل وفن التعامل معه قبل التسجيل بقليل، وكنت معهم أثناء التسجيل كاملاً وبحضور وكيل الإذاعة الدكتور يوسف السريع الذي كان يشجع الجميع دائماً وشكرني وأبدى إعجابه بعملي وقدم لي التحفيز والتشجيع».
وأشارت إلى الأسس الواجب توافرها في الممثل الإذاعي، بأنه «يجب أن يعلم الفنان الإذاعي أنه يخاطب أذن المستمع لا عينه،
فلا بد أن يوصل الإحساس والمعنى بالشكل المطلوب وأن يكون على دراية كاملة أيضاً ويعرف كيف يتعامل مع المايك بوقفاته وحركاته».
ولفتت إلى أن «الرقابة موجودة، وعلى الكاتب أن يعلم بالمحظورات التي لا يمكن المساس بها أو التطرق إليها. وهذا ما أتبعه عادة، كوني كتبت أعمالاً عدة للإذاعة وعملت أيضاً كمعالج درامي لأكثر من عمل».
وتطرقت المفيدي إلى آلية العمل بين الكاتب والمخرج حول اختيار الشخصيات، مشيرة إلى أن «الأول له تصور خاص، ولكن للأسف أحياناً المخرج لا يوافقه الرأي في اختيار الشخصية فتتغير، ولا أؤيد هذا الأمر، لأن الكاتب له الحق في الاختيار كونه رسم خطوط الشخصية للفنان الفلاني، وأيضاً ناهيك عن أن الكاتب له الحق في اختيار المخرج الذي يرتاح في التعامل معه ويعرف تمام المعرفة بأنه سوف يوصل فكرته بالشكل الصحيح الذي يريده الكاتب، ولكن للأسف لا يتوافر لدينا هذا الأمر».
خالد المفيدي: أرى نسبة المستمعين عبر من أحتكّ بهم
لم يختلف رأي المخرج والفنان خالد المفيدي عن رأيي شقيقته أبرار والفنان النبهان، فقال «هناك طبعاً مستمعون، ولكن ليس كما السابق، فهم كانوا أكثر، وأقصد هنا الإذاعة في البرنامج العام أو البرامج الدرامية، حيث تكون الـ (FM) مسموعة بشكل أكبر، لكن البرنامج العام والمسلسلات الدرامية والثقافية تلك أصبح مستمعوها أقل من السابق بالتأكيد».
وأشار إلى أن «حساب نسبة المستمعين للعمل الإذاعي بالنسبه إليّ، أراها من خلال الناس الذين أحتكّ بهم، وهي التي تكون بعيدة عن الوزارة، وأيضاً من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وبعيدة عن الفن».
وأضاف «أما بعض المسؤولين، إذا كانت لديهم طريقة معينة في حساب النسبة، فليس لديّ علم بها، لكنني أعتقد أنها ليست الطريقة المتبعة في التلفزيون».
وعن البروفات، فلفت إلى أنه «لم يعد هناك بروفات وورش كما في السابق»، معتبراً أن «الأسس التي يحتاجها الممثل الإذاعي تتمثل في طبقة الصوت المميزة، وأتحدث هنا عن الشخص المميز ويحتاج لأن يعمل بأكثر من طبقة صوت كي يتسنى له أن يلعب شخصيات كثيرة ويحتاج إلى ثقافة عالية، خصوصاً في المعلومات الثقافية». وأوضح «أحياناً، لا تكون معلومات المؤلف صحيحة 100 في المئة، عندها، يجب أن يكون الممثل واعياً ومثقفاً، بحيث تستوقفه المعلومة لتصحيحها، فالثقافة مهمة جداً، بالإضافه إلى الذكاء والفطنة والنباهة وسرعة البديهة. كما يحتاج إلى إجادة اللغة العربية الفصحى».
أميرة نجم: الأصداء نقيسها من الصحافة والفنانين
قالت الإعلامية والكاتبة أميرة نجم إن «كل نوع من الدراما الإذاعية له نوع من المتابعين، والدراما الإذاعية منذ بدايتها لها مستمعوها ولها رونقها وبصمتها، والدليل على ذلك أرشيف الإذاعة الذي يزخر بأعرق المسلسلات، مثل (أخبار جهينة) و(نافذة على التاريخ)، والتي قام بتقديمها أساتذة الفن والإعلام في الكويت والوطن العربي».
ورأت أن «أصداء العمل تعكس نسبة نجاحه ونسبة المستمعين. وكإعلاميين، نقيس عادة أصداء العمل من الصحافة والأساتذة الفنانين الذين يعملون في هذا العمل».
وحول البروفات الإذاعية، أشارت إلى أن «بروفات الطاولة هي أساس الأعمال الدرامية، ولكن اليوم مع التطور والسرعة وسهولة التواصل، تم إلغاؤها».
أما عن دور الرقابة، فلفتت إلى أن «قسم الدراما، لديه رقابة ذاتية».
غادة السني: الراديو ما زال في أوجه
اعتبرت المذيعة والراوية والمخرجة غادة السني أن «نسبة المستمعين مرتفعة حالياً، إذ إن الإذاعة تقدم حالياً أعمالاً أكاديمية، وإذاعة الكويت رائدة على مستوى الخليج ومن أهم الإذاعات المتفردة ولها جمهور خاص مثلما هناك جمهور خاص للمسرح والتلفزيون».
وأضافت «نحن نستمع لآراء الناس في الخارج، فهناك دكاترة ومختصون ومهتمون ومثقفون وربات البيوت أيضاً، كما تأتينا ردود أفعال من النقاد والصحافة، وهذا كله يندرج تحت بند ردود الأفعال».
وحول رؤيتها لسبب مواصلة الإقبال على الاستماع إلى الأعمال الإذاعية، اعتبرت أن «الراديو ما زال في أوجه، طبعاً لأنه صوتي، والناس يستمتعون به لأنهم بمجرد أن يسمعوا المسلسل أو صوت نجمهم، يتخيلون المشهد»، معتبرة أن «الإذاعة لها (مودها) وجمهورها، وهناك أناس يحبونها ويتابعونها».
وعن دورها كمخرجة، وطريقة تعاونها مع المؤلف، وصفت نفسها بـ«المرنة»، مشيرة إلى أنها تحب أن تسمع للمؤلف وترى إحساسه «وين رايح».
واستدركت «لكن بصفة عامة، وعلى الرغم من أنني مرنة، إلا أن لديّ (سستم)، فالمؤلف بمجرد ما يعطيني نصاً أقول له شكراً انتهى دورك وسوف أقدم لك عملاً ممتازاً والباقي عليّ، وأرفض أي تدخلات، فأنا من يمسك بالميكسر ويمنتج، لكنني أحترم التفكير، وللأمانة ليس لدينا مؤلفون يتدخلون».