«داعش» وإسرائيل... في صف واحد

تصغير
تكبير

في بداية الحرب على قطاع غزة، بعد السابع من أكتوبر، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن حركة «حماس» هي «داعش» يجب القضاء عليها وتدميرها والتعامل معها مثلما تعاملت إسرائيل مع «العمالقة» في التوراة.

وبعد إعلان الأمم المتحدة أنها ضمت إسرائيل إلى«اللائحة السوداء»لقتْلها الأطفال والمدنيين في غزة والضفة الغربية، انضمت إلى«بوكوحرام»و«القاعدة»و«داعش»، ليصبح نتنياهو هو وجيشه وكيانه على قدم المساواة مع«داعش».

وقد وصل الأمر بالإسرائيليين الموجودين حول العالم أو المسافرين إلى إخفاء هويتهم لخشيتهم من رد الفعل بسبب قضايا الجرائم والقتل التي أمعنت فيها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني ولم يتردد جنودُها في تصوير أنفسهم وهم يرتكبونها ونشْرها على مواقع التواصل الاجتماعي ليُظْهِروا للعالم المستوى غير المسبوق من الوحشية التي يمارسونها من دون تردد ولا خشية بسبب الحماية والمظلة الأميركية التي تمنحهم الغطاء الدولي ليفلتوا من العقاب.

وأظهرت نتائج ثمانية أشهر من الحرب الشاملة على غزة، وهي أطول حرب عرفها الكيان الصهيوني منذ إنشائه، أن إسرائيل أصبحت دولة مارقة وكياناً مجرماً.

وهي فشلت عسكرياً بسبب عدم قدرة أحد أقوى الجيوش في العالم على القضاء على تنظيم صغير مُحاصَر ويملك قدرات عسكرية متواضعة جداً حتى بالنسبة لتنظيمات أخرى، في حين أن إسرائيل تملك أحدث الطائرات والمدرعات والدبابات والمدفعية والمسيّرات والأجهزة العسكرية الإلكترونية والذخائر الضخمة الدقيقة.

ورغم ذلك، فقد صرح زعيم حزب«بيتنا»والوزير السابق أفيغدور ليبرمان أن إسرائيل«حصلت على العار المطلق بدل النصر المطلق بعد 8 أشهر حرب»، وهو يعني شعار نتنياهو بأن هدف الحرب هو النصر المطلق.

وفشلت إسرائيل في إسترداد جميع الأسرى وفرْض سيطرتها العسكرية الكاملة على قطاع غزة. وعُزلت عالمياً لدرجة أن 148 دولة اعترفت بفلسطين كدولة.

إضافة إلى ذلك، طلبت الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية بوقف إطلاق النار في غزة. وقرّرت المحكمة الجنائية الدولية وضع نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت على لائحة المطلوبين، في وقت تنظر«العدل الدولية»في قضية ارتكاب إسرائيل«إبادة جماعية».

هناك انهيار اقتصادي في قطاعات عدة مثل البناء والزراعة والسياحة وغلاء فاحش لم يسبق له مثيل وخسائر بعشرات المليارات بفعل تباطؤ عجلة الاقتصاد والخسائر الناتجة عن الحرب الطويلة.

وقد أعلن زعيم المعارضة يائير لابيد أن«لا أحد يصدّق أسعار الوقود واللحوم المرتفعة بسبب نتنياهو». وهناك حركات يهودية عدة حول العالم تقف ضد جرائم إسرائيل وتمييزها العنصري. وتحركت الجامعات في العالم لتُظْهِر مدى اشمئزازها مما ترتكبه إسرائيل من عقاب جَماعي وتدمير وقتل للأطفال والمدنيين في غزة.

وتأثرت قوة الردع في شكل كبير. فهناك إجماع داخل إسرائيل على الإخفاق والفشل المطلق حتى ولو أن العدد الأكبر من المجتمع الإسرائيلي يطالب بإكمال الحرب لاستعادة إسرائيل سمعتها وهيْبة الردع التي فقدتْها منذ أسابع من أكتوبر على جبهتيْ غزة ولبنان.

ويتمثّل الفشل الأكبر في ما يعرف بـ«اليوم التالي للحرب». فلا أحد يستطيع فرض أي إرادة على الفلسطينيين حيال مَن سيدير شؤونهم. ولن تقبل غزة - التي لا يُعتبر سكانها جميعهم من أنصار«حماس»- أن يُختار أحد لإدارة القطاع بعد أن يدخل على ظهر دبابة إسرائيلية.

وفقدتْ إسرائيل إمكان إحداث«نكبة»ثانية تسمّيها«الهجرة الطوعية»من خلال أسلوب التهجير. وهذا كان من الممكن أن يحصل لو انتصرت إسرائيل عسكرياً وحققت أهدافها واحتلت قطاع غزة.

أما اليوم، فإن الرئيس الأميركي جو بايدن عرض خطة إسرائيلية بخطوط عريضة لم توافق عليها تل أبيب ويطلب من «حماس» الموافقة عليها من دون تردد ومن دون تعديلات. ويتّهم بايدن، في الوقت عينه، نتنياهو«بإطالة الحرب لأسباب شخصية».

فـ«حماس»تريد التزاماً مكتوباً بأن المفاوضات ستحقق«انسحاب إسرائيل وإنهاء الحرب وإعادة البناء».

وما لم تحصل على هذه النقاط - التي يرفضها نتنياهو - فهي لن تقبل بأي صفقة لا تؤدي إلى ذلك، مع القبول بخطواتٍ أوّلية متدحرجة.

ولن يوقف نتنياهو«حربَه الشخصية»لأنه يتمتع بدعم المتطرفين داخل الكنيست وداخل حكومته. وهو لا يبالي مَن يبقى داخل الحكومة من الوزراء ومَن يستقيل، لأن ذلك لن يغيّر في معادلة بقائه كرئيس للوزراء ما دام يتمتع بالأكثرية ودعم غالبية السكان الداعمين للحرب.

ومهما صُنّفت إسرائيل على لوائح الأمم المتحدة أو أصبحت منبوذة من دول عدة، فإن حربها لن تتوقف في الوقت الراهن بل يفكّر نتنياهو بتصعيدها أكثر نحو لبنان، في انتظار الفرصة المؤاتية.

وهو لا يبالي بتصنيف إسرائيل على المستوى ذاته لـ«داعش»لأن هذا«لن يغير شيئاً»ولأن جيشه«هو الأكثر أخلاقية في العالم». ولديه من الوقاحة الكافية والدعم الغربي المتمادي مهما ارتكب جيشُه بحق الفلسطينيين تحت أنظار العالم.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي