إحالة غير المبلّغين عن أرصدتهم الطارئة لـ «الأموال العامة» بشبهة «غسل الأموال»

ثروات مجهولة تهبط فجأة في حسابات عملاء البنوك...!

تصغير
تكبير

- عملاء برواتب 250 ديناراً أُودعت في حساباتهم أكثر من 100 ألف 
- «الهاكرز» يستغلون الحسابات «الخاملة» في تمرير الأموال المُقرصنة
- الاحتيال المالي الجديد يستهدف اختراق الحسابات وتحديداً محدودة الدخل
- عملاء يقعون في فخّ الاعتقاد بأن التحويل خطأ مصرفي سيصحح تلقائياً
- رسالة تُخطر العميل بإيداع المبلغ في حسابه وأخرى لاحقة بسحب كامل الرصيد
- الإبلاغ الفوري يُعفي العميل من المسؤولية القانونية ويمكّن البنك من تجميد الأموال
- البنوك لا تُكافح وحدها مخاطر الحسابات «النائمة» فعمليات التداول ليست ببعيدة

أن تهبط عليك ثروة في حسابك المصرفي فجأة لا تعرف مصدرها، فلا تعتقد أن الدنيا ابتسمت لك أخيراً، وعليك أن تسارع بإبلاغ بنكك فوراً قبل أن تقع في ورطة «شبهة غسل الأموال» ومن ثم التعرض لمخاطر دخول السجن.

ما سبق ليس مقدمة لفيلم خيالي، أو جزءاً من قصة حدثت في دولة أخرى، بل هي باختصار أمر تكرر حدوثه الفترة الأخيرة بالكويت ضمن أحدث صور الاحتيال المالي الذي يستغل الحسابات المصرفية الخاملة، وتحديداً العائدة للعمالة محدودة الدخل أوللوافدين المبعدين وهكذا دواليك.

وفي هذا الخصوص كشفت مصادر مسؤولة لـ«الراي» أن أكثر من شخص أحيل إلى جهات الاختصاص في الأموال العامة على خلفية تهم تتعلق بدخول أموال طائلة في حساباتهم المصرفية، لا تنسجم نهائياً مع مداخيلهم، حيث تجاوزت في بعض الحالات 100 ألف دينار في حين أن راتب الشخص وفقاً لنموذج «أعرف عميلك» نحو 250 ديناراً، ليكون السؤال من أين لك هذا؟

اختراق الحساب

وإلى ذلك حذرت المصادر من خطورة أشكال جديدة من النصب والاحتيال الإلكترونى ظهرت أخيراً، بهدف اختراق حسابات عملاء المصارف، لكن هذه المرة ليس بقصد سرقة أموالهم بل لاستخدام حساباتهم كبوابة عبور موقتة للأموال غير المشروعة، مبينة أن تنفيذ هذه العمليات سريع جداً للدرجة التي قد يتلقى فيه العميل رسالتين متقاربتين زمنياً، الأولى تخطره بدخول مبالغ كبيرة في حسابه، والثانية تنبهه إلى سحب كامل الرصيد.

وعملياً هناك 3 أنواع من العملاء مستهدفون من القراصنة، الأول لا ينتبه إلى الأموال العابرة في حسابه لوجوده خارج البلاد أو لجهله بمجريات هذه العمليات، أما النوع الثاني فيمثل شريحة العملاء الخاملين مثل حساباتهم ولا يشكل لهم الأمر أي دعوة للتحرك رغم مخاطره القانونية، وبعضهم يعتقد بحدوث خطأ من البنك في الإيداع، وعند سحب المبلغ مرة ثانية سريعاً يزداد قناعة برأيه ومبرره أن البنك صحح خطأه والبنك منه براء. وأخيراً النوع الذي يغرر استثمارياً من خلال مغازلته بعوائد استثنائية تعرض عليه في اتصال هاتفي من جهة يدعى ممثلها أنها شركة استثمار كبرى تتداول في البورصة، وإذا اقتنع تطلب بيانات حسابه لإيداع أرباحه، وإذا «بلع العميل الطعم» يستخدم حسابه كمعبر للأموال غير المشروعة بمقابل يعرف على أنه أرباح.

وشددت المصادر على ضرورة سرعة إبلاغ العميل الذي يدخل في حسابه مبالغ لا تخصه فور تلقيه الإخطار، تجنباً للمساءلة القانونية والانكشاف على تهم خطيرة ليس أقلها شبهة «غسل أموال»، مشيرة إلى أن الجهات المعنية شكلت أخيراً غرفة العمليات الافتراضية، مخصصة للتعامل مع حالات الاحتيال المالي الإلكتروني، على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع، وهي عبارة عن «قروب واتساب» يضم في عضويته ممثلين عن النيابة العامة وإدارة مكافحة جرائم المال بالإدارة العامة للمباحث الجنائية والبنوك، فضلاً عن اتحاد المصارف الكويتية والهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات «سترا».

ولفتت المصادر إلى أن البحث المصرفي كشف أن 98 في المئة من حركة الأموال الناتجة عن الاحتيال المالي تتجه من بنك إلى آخر محلي، فيما تقتصر من بنك محلي إلى خارجي على عمليات «الأونلاين» والتي يصعب معها استرداد الأموال المقرصنة، علماً أن الحسابات المهملة، أو ما يُعرف باسم الخاملة تتوزع بين حسابات توفير، وراتب، وجارية، وأخرى مرتبطة بودائع نائمة منذ فترة، علما أن البنوك تقيد الحسابات التي لا تشهد أي عمليات مصرفية سحباً أو إيداعاً لمدة 6 أشهر.

قدرة أوسع

وأضافت المصادر أن سرعة الإبلاغ عن التحويلات الكبرى تحقق فائدة مزدوجة، الأولى إثبات العميل لمبدأ حسن النية، والثانية تمكين البنك من التحفظ على هذه الأموال، وبالتبعية التضييق على نطاق «الهاكر»، حيث تعطي هذه الخاصية البنوك قدرة أوسع على تتبع الأموال المقرصنة والتعامل معها بسرعة وكفاءة، بما يمنع وصولها إلى المصب النهائي لـ«القراصنة» بفضل سلطة «الغرفة» في التجميد الفوري لأموال الاحتيال.

أما إذا نجح «الهاكر» في استغلال الحسابات الخاملة دون تحرك أصحابها فوراً فستكون أمامه فرصة كبيرة في سحب الأموال المقرصنة أو تحويلها للخارج أو امتصاصها في مشتريات «أونلاين»، ووقتها لن تستطيع «الغرفة» تنفيذ خطة الإجراءات العاجلة، وسيكتفي بنك العميل بالطلب من البنك المراسل عدم السماح بإيصال الأموال إلى مصبها الأخير، وهي محاولة نسبة نجاحها منخفضة.

وعملياً لا تعد البنوك الوحيدة التي تواجه عبء مكافحة المخاطرالأمنية للحسابات الخاملة، فهناك حسابات تداول غير نشطة في البورصة، معرضة لمثل هذه الضغوط بصور مختلفة.

الوافدون المبعدون يزيدون عبء البنوك وحسابات «منسية» منذ التسعينات

قالت المصادر إن هناك حسابات مصرفية منسية منذ منتصف التسعينات، لم ينفذ أصحابها أي عمليات سحب أو إيداع خلالها، لكن يصعب استغلالها كونها مقيدة مصرفياً».

وأضافت أن الحسابات الأكثر ازعاجاً للبنوك هي «النائمة» بسبب قلة المبالغ المتداولة خلالها، فضلاً عن المهجورة لانتقال أصحابها إلى حسابات أخرى.

علاوة على حسابات الوافدين المبعدين التي ارتفعت وتيرتها بالآونة الأخيرة، ليزيد مع ذلك منسوب الحسابات الساكنة، التي تحتوي على دنانير تعدّ على أصابع اليد الواحدة.

كما أن هناك حسابات خاملة فتحت خصيصاً للاكتتابات العامة في الشركات المساهمة التي طرحتها الدولة بحصة للمواطنين، وبعد انتهاء الغرض منها ظلت مستغلة بنطاق محدود.

وعموماً تثير الحسابات الخاملة شهية «الهاكرز» لاختراقها ليس لسحب ما تحتويه من أموال، بل لاستغلالها كمعبر في سحب أموالهم المقرصنة من عملاء آخرين، ما يزيد أمنياً عبء حماية هذه الحسابات مصرفياً.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي