تقع قمة إيفرست أو جبل إيفرست على الحدود الواقعة بين الصين والنيبال، وتحديداً ما بين منطقة التبت ذات الحكم الذاتي (مقاطعة شيغاتسي) الصينية ومنطقة سجارماتا النيبالية.
ترتفع قمة إيفرست حوالي 8848 متراً بجبال ماهالانغور هيمال أحد جبال الهملايا، ويعتبر أعلى قمة في آسيا والأول في ترتيب قمم الجبال السبعة، وقد سُمي بقمة إيفرست نسبة إلى الكولونيل السير البريطاني، جورج إيفرست وهو الجندي المجهول الذي اكتشف هذا الجبل العالي الشاهق الضخم في سنة 1856، ووصفه بأنه أعلى الجبال في العالم عندما كان يعمل مخططاً عاماً في الهند.
وفي ذلك الوقت، قدّر السير إيفرست ارتفاعه نحو 29002 قدم، ثم جاء بعد ذلك المستكشف النيوزيلندي أدموند هيلاري الذي يعتبر أول شخص يصل إلى قمة جبل إيفرست في العالم برفقة متسلق آخر ويدعى النيبالي تينسينغ نورغاي، كما أن المواطن الكويتي زيد السيد عبدالوهاب الرفاعي، يعتبر أول عربي يتسلّق قمة جبل إيفرست عام 2003 والمتسلق الـ 46 حول العالم الذي تسلق القمم الجبلية السبع من قبل في القارات، حيث نجح الرفاعي بتسلق قمم أعلى الجبال في العالم على رأسها الأعلى بمحاولته الثانية عام 2003 وكانت في رحلة استغرقت 62 يوماً، ومن خلال إنجازاته الرياضية تم اختياره لحمل الشعلة الأولمبية في أولمبياد بكين الذي أُقيم عام 2008، كما تم اختياره مرة ثانية لحمل الشعلة الأولمبية في أولمبياد لندن من قبل شركة سامسونغ للإلكترونيات، وبالتأكيد هذا فخر لدولة الكويت وللعرب جميعاً.
إنّ تكلفة صعود قمة إيفرست حوالي 70 ألف دولار أو أكثر فيما تستغرق عملية صعودها حوالي شهرين متكاملين، وبالرغم من التكاليف الباهظة لرسوم صعود الجبل إلا أن الموت المحقق دائماً يكون بانتظار هؤلاء المغامرين نظراً لصعوبة عملية التسلق، مع تغير المناخ والاحتباس الحراري الذي يتسبّب في ظهور جثث متسلقي قمة إيفرست قبل 100 عام مضت، وقد نتساءل لماذا؟! بالتأكيد يرجع السبب إلى كمية الثلوج والأنهار الجليدية التي تذوب بسرعة أكبر على سطح قمة جبل إيفرست، وبالتالي ظهور الكثير من جثث المتسلقين الذين لقوا حتفهم نتيجة الصعود أو النزول من القمم العالية.
وبعض تلك الجثث الغامضة التي لم تكن معلومة المكان والتوقيت، يعتقد أن معظم الجثث ربما ظلت مدفونة تحت الأنهار الجليدية والثلوج المتراكمة وركام الجبال فاختفى أثرها مع الوقت.
وتشير الدراسات إلى أن الأنهار الجليدية الموجودة في المنطقة تذوب وتضعف بسرعة وبمعدل متر كل عام، وسيذيب تقلب المناخ أجزاءً شاسعة من جبال الهملايا مستقبلاً، ويطلق المتسلقون على بعض المناطق المرتفعة كلياً باسم المنطقة الحمراء أو المناطق المميتة عند الوصول إليها، أي قد يواجه المتسلقون موتاً محققاً في أي لحظة بسبب الرياح الشديدة والانهيارات الثلجية أو الضغط الجوي، كما أن مستوى الأوكسجين في الهواء لا يكفي للتسلق لبقائه على قيد الحياة.
لذلك، نرى أعداد جثث المتسلقين في تزايد مستمر منذ عشرات السنين، وكذلك عند موت أي متسلق أثناء صعودة أو نزوله لا يمكن مساعدته بأي شكل من الأشكال، رغم أن البعض يراه تصرفاً غير إنساني، ولكن الواقع يقول إن من يساعده حتما سيحكم على نفسه بالموت المحقق أيضاً.
وبالرغم من الأجواء المخيفة التي تحيط قمة إيفرست وفي مقدمتها خطر الانهيارات الجليدية إلا أن هناك أشخاصاً رياضيين يرونها تضيف لهم نوعاً من روح المغامرة والبطولة، خصوصاً حينما تكون على موعد قريب لصعود أعلى نقطة فوق جبل إيفرست التاريخي ليدخل اسمك التاريخ من أوسع أبوابه، وبالتالي أنت في سر من أسرار المغامرة على قمة جبل إيفرست رغم مخاطرها... نعم تُكرّر الأحداث المؤسفة وسعادة المغامرة في وقت واحد.
ففي الآونة الأخيرة عثرت السلطات النيبالية على جثة متسلق كيني واسمه جوشوا كيروى، بالقرب من قمة إيفرست وأن فرق السياحة النيبالية بدأت بالفعل تهتم بهذه الفواجع ولكنها عثرت عليه ميتاً بين القمة وممر هيلاري، ولا يزال مرشده مفقوداً، بينما أعمال البحث عنه لا تزال جارية، وهناك اختفي متسلق بريطاني آخر ويدعى دانييل بول باترسون مع مرشده على ارتفاع نحو 8750 متراً أثناء نزولهما من قمة إيفرست اثر انهيار كتل ثلجية مميتة، وهناك آخران منغوليان قد تم العثور على جثتيهما بعد فقدان أثرهما اثر وصولهما إلى قمة أحد الجبال هناك...
يُذكر أن من الجثث المحنطة الشهيرة على قمة إيفرست هي جثة جورج مالوري التي وجدت محتفظة بكامل هيئتها الجسدية بعد 75 عاماً على اختفائه، وذلك أثناء محاولته التسلق... نعم تلك هي حكايات وقصص واقعية فيها روح المغامرة ولكنها قد تكون نهايتها فواجع مؤلمة وقاسية للضحايا، ورغم قساوتها إلا أننا ما زلنا نشاهد متسلقين جدداً يستهويهم شغف المغامرة في القمم الجبلية، وكأنها رحلة قطار لا يتوقف قيد أنملة!
ولكل حادث حديث،،،
Alifairouz1961@outlook.com