الأسئلة تتزاحم بانتظار انتهاء التحقيق: كيف تحطّمت طائرة رئيسي ولماذا لم تُرسل إشارة؟
إيران تُرتّب البيت سريعاً... ولا تغييرات في سياساتها حالياً
- مُخبر يتولّى الرئاسة وينسّق مع رئيسَي السلطتين التشريعية والقضائية لإجراء انتخابات خلال 50 يوماً
- السياسات الخارجية باقية... لكن مَنْ يتمتع بمواصفات رئيسي ليكون المرشح الأبرز لخلافة المرشد؟
سريعاً، لملمت إيران جراحها واستوعبت الصدمة وسارعت إلى ترتيب البيت الداخلي، بعد بزوغ فجر الإثنين حاملاً معه أنباء حزينة بتأكيد وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي مع 8 أشخاص آخرين بينهم وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، في حادث تحطّم مروحية بمنطقة جبلية في محافظة أذربيجان الشرقية، شمال غربي إيران.
وتوزّعت الاهتمامات في المشهد على 3 محاور: الأول يتعلّق بالترتيبات السياسية للحكومة تمهيداً لإجراء انتخابات خلال 50 يوماً، والثاني محاولة استشراف الانعكاسات المباشرة على السياسات الخارجية خصوصاً في المنطقة، والثالث مرتبط بتفاصيل الحادث وكيفية وقوعه.
ولعلّ المحور الثالث هو الأكثر غموضاً بانتظار انتهاء التحقيقات التي تجريها «لجنة رفيعة المستوى»، بناء على أمر رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلّحة اللواء محمد باقري، فيما عرضت روسيا تقديم المساعدة في التحقيق، بعدما أبدى رئيسها فلاديمير بوتين حزنه الشديد على فقدان «صديق فعلي» لروسيا، وسط توالي التعازي لإيران.
وفي حين بقي مُعلقاً السؤال عن كيفية وصول المروحتين المرافقتين لمروحية رئيسي إلى تبريز من دون أي مشكلة، صدر تصريح لافت عن تركيا التي شاركت في عمليات البحث ليل الأحد - الإثنين، مع كشف وزير النقل عبدالقادر أورال أوغلو أن نظام الإشارة للمروحية «لم يكن مُفعّلاً على الأرجح لسوء الحظ أو أن الطائرة لم يكن لديها نظام الإشارة هذا، لأن... الإشارات لم (تظهر)».
وتشير المعلومات الأولية إلى أن المروحية «اصطدمت بجبل وتحطّمت»، وفق ما أورد التلفزيون الرسمي.
وبانتظار الإجابة عن الأسئلة، تسارعت التطورات في ما يتعلق بالمحور الأول من المشهد، مع إعلان الحداد لمدة 5 أيام، وإعلان المرشد الأعلى علي خامنئي تكليف النائب الأول لرئيس الجمهورية محمد مُخبر بتولّي مهام الرئاسة، لافتاً إلى أنه يتوجب عليه، وفق الدستور، العمل مع رئيسَي السلطتين التشريعية والقضائية لإجراء انتخابات رئاسية جديدة «في مهلة أقصاها 50 يوماً».
كما تم تعيين علي باقري، كبير المفاوضين في الملف النووي ونائب وزير الخارجية للشؤون السياسية، وزيراً بالوكالة خلفاً لعبداللهيان.
وما بين المحورين الأول والثالث، بدا الاهتمام في المحور الثاني كبيراً، وسط تساؤلات عما إذا كان وصول رئيس جديد خلفاً للرئيس الراحل سيؤدي إلى تغييرات في السياسات الإيرانية، لا سيما أن رئيسي كان قد انتخب في 2021 لولاية من 4 سنوات، وكان من شبه المضمون فوزه بولاية جديدة، بالنظر إلى غياب منافس جدي في التيار المحافظ، وتراجع حظوظ أي مرشح يمكن أن يؤيده التيار الإصلاحي أو المعتدل.
والأهم من ذلك أيضاً، أن كل التحليلات والمعلومات كانت تضع الرئيس الراحل على رأس قائمة المرشحين لخلافة المرشد الأعلى، وهو ما يطرح أسئلة كثيرة عن ماهية التغييرات المحتملة في هيكلية النظام والسلطة المعقدة في إيران، مع وجود العديد من الهيئات التنفيذية، مثل مجلس صيانة الدستور الذي يُعتبر أعلى هيئة تحكيم ويشرف على جميع الانتخابات وعلى عمل مجلس الشورى ويراقب جميع القوانين ويُصادق عليها، ومجلس خبراء القيادة الذي تكمن مهمته في تعيين وعزل المرشد الأعلى.
في كل الأحوال، يجمع الخبراء والمحللون على أن السياسات الخارجية المتبعة في إيران لن تتغيّر بتغيّر الرئيس، على المدى القصير، ويشيرون إلى أن منصب رئيس الجمهورية هو أعلى منصب تنفيذي وهو الثاني في الترتيب بعد المرشد الأعلى، لكن غالبية مهامه تتعلق بالداخل والاقتصاد بشكل أساسي، في حين أن السياسات الخارجية والاستراتيجية تُرسم في مكان آخر، تحديداً في مكتب المرشد الأعلى وأروقة مقار «الحرس الثوري».
لكن ما يمكن توقعه هو التغيير على المدى المتوسط أوالطويل، لأن رئيسي كان مرشحاً لمنصب المرشد ويحظى بمباركة غالبية أجنحة النظام السياسية والاقتصادية والعسكرية، في حين أن المهمة لن تكون سهلة لاختيار مرشح يتمتع بالمواصفات نفسها.