قال الله تعالى: «فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا». «نوح: 10- 12» في هذه الآية الكريمة يعلمنا الله - سبحانه - أن تغيير الذات هو أساس كل تغيير، بل إن تغيير السلوك والمواقف قد يؤدي إلى تغيير أحوال طبيعته. ومن سُنن الله - تعالى - في الخلق الانتقال من حال إلى حال، وهو نعمة كبرى، حيث إن دوام حالة واحدة لأي شيء يجعله مُملاً، فيفقد قيمته، كما أنه يفقد صلاحيته المثلى للحياة.
وإذا تساءلنا: لماذا يكره الناس التغيير ويقاومونه ويتهرّبون منه؟
وجدنا أن فئة من الناس لديهم قصور ذاتي، حيث يشعرون في أعماق ذواتهم بالعجز عن استيعاب المتغيرات الجديدة، وهم يعيشون في كل بيت من بيوت المسلمين، ويكون ذلك الشخص الذي يحاسب الناس على كل شاردة وواردة، وينتقدهم على كل سلوك إيجابي، ويوبخ من يتغير ويرتقي بنفسه للأفضل، ويظن أن كل ما يفعله الناس من تغيير لا بد أن يكون لصالحه، وإلا يتّهم من حوله بالسوء وعدم التقدير والاحترام لشخصه وذاته، كما أنه في حال التعب والإعياء، وفي حالة الضعف المتولد عن أزمة صحية أو اجتماعية أو مالية أو عن التقدم في السن، تتعمق المخاوف من التغيير، حيث يستحضر المرء آنذاك كل سلبيات التغيير، ويكون عاجزاً عن إدراك إيجابياته، ويبدأ بقدح وذم كل من يتغير للأفضل ويتماشى مع متغيرات الحياة المتجددة باليوم والليلة.
والإسلام يؤكد على التغيير الحق من خلال التدين والاستقامة على نواهي وأوامر الله - سبحانه وتعالى - لأنّ ذلك يخفّف من النزعات الشريرة داخل الإنسان، ويدعم نوازع الخير ويزكيها، والدين الإسلامي لا يؤكد على تغيير الطباع السيئة بمقدار تأكيده على الحيلولة دون تجسيدها في عادات المرء وسلوكياته وأنشطته.
إنّ الذين يكرهون التغيير يكون التعامل معهم صعباً غالباً، لأنهم يرفضون التغيير لأسباب عاطفية أو نفسية غامضة، ليس لها مسوغات عقلية واضحة، لذا نحتار بكيفية التعامل معهم خصوصاً وإن كانوا أرحاماً.
فنحن لا نحاسب الناس التي تتعامل معنا بسوء مهما قدّمنا لها من إحسان على أطباقٍ من ذهبٍ وفضة، على طباعها المزعجة، لأنها ليست من صنع أيديهم، وإنما نحاسبهم على أعمالهم التي يمتلكون القدرة على الامتناع عنها.
حاول أيها الرافض للتغيير، أيها الشخص المزعج والمؤذي لمن حولك أن تركز على المنافع والمضار لتوطئة نفسيتك وذهنك على التغيير الإيجابي، وتثبت على العادات الحسنة الجديدة التي اكتسبتها، واقطع كل السبل التي كانت توصلك إلى عمل الأشياء السيئة، وابحث عن البدائل الجيدة لتجعلها تحل محل ما هو سيئ لديك، اطرد الشح بالتعامل الحسن مع الآخرين، حتى لا تصبح إنساناً منبوذاً بين أقربائك وجيرانك وأصدقائك وزملائك وكل من في حياتك، لسوء تفكيرك وسلوكياتك مع الناس.
تخلى عن القديم السيئ وابحث عن جديد إيجابي يحل محله، واستمتع بالحياة مع نفسك وأحبابك وكل من حولك.
M.alwohaib@gmail.com
mona_alwohaib@