منذ سنوات تعثرت الكويت في نموّها الاقتصادي، وتراجعت مكانتها في دورها الدولي السياسي الريادي، وعلى الصعيد الداخلي انخفض مؤشر المستوى المعيشي للفرد عن سابقه.
فلماذا حدث كل ذلك، وما هي الأسباب؟
في الواقع إن الهدوء والاستقرار والانسجام والسلام الداخلي لكل دولة هو من أهم عناصر انطلاق الدولة نحو تحقيق نجاحاتها على الأصعدة كافة، الداخلية والخارجية، واستقرار الدول يحقق نموها وتقدمها وتطورها داخلياً وخارجياً، أما الصراعات والنزاعات والاضطرابات السياسية في داخل الدول يُبطئ من حركتها ويوقف نموها ويشل حالها!
والصراعات السياسية الحادة والكثيرة والمتكررة والطويلة في الكويت التي هي بين بعض الشيوخ وبين بعض التجار وبين بعض السياسيين هي التي أدت إلى قائمة تلك السلبيات الكبيرة التي أضرت بالوطن والمواطن لسنوات عديدة!
وهنا لابد أن أذكر أن هناك العديد ممن أُطلِق عليهم مسمى (نواب برلمانيون) تم استغلالهم واستخدامهم كأدوات تخريبية وعبثية، ساهمت كثيراً وبشكل مباشر وعميق في تراجع البلد داخلياً وخارجياً عن تحقيق العديد من النقاط الإيجابية المهمة والضرورية، وذلك لأن أولئك النواب لا تحركهم الوطنية الحقيقية، بل تحركهم مصالحهم الشخصية، والأهم عندهم أن يقوموا بتنفيذ ما يملى عليهم من تعليمات صادرة ممن هُم خلفهم ويدفع بهم نحو صنع أزمات وتناحرات سياسية عكست صورة سلبية غير حقيقية عن البرلمان الكويتي وعموم العملية الديموقراطية!
وفي خطاب صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله الذي كان في ليلة أول من أمس 10 مايو 2024، نجد أن في خطاب سموه استياءً شديداً من تلك الممارسات والتصريحات والأقوال غير المسؤولة التي صدرت من بعض نواب البرلمان المنحل وبعض السياسيين، والتي تصدر منهم باسم الديموقراطية وهامش الحرية التي يتمتعون بها، وهذا بلا شك أنه أمر يدعو للاستياء الكبير، وكيف لا؟! وفي ذلك تعدٍ صريح وسافر على بعض اختصاصات ومسؤوليات وصلاحيات صاحب السمو أمير البلاد، حفظه الله، ومسؤوليات وصلاحيات من ينتقيهم ويختارهم سُموه، لإدارة البلاد.
ولقد رأى سمو الأمير بأن مصلحة البلاد تتطلب وقفة حازمة وقرارات صارمة واتخاذ خطوات جادة تساهم وتساعد في تعديل وتحسين الوضع الحالي الداخلي للبلاد، وتعمل على حفظ مؤسساتها وأمنِها ودستورها، بعيداً عن العبث والفساد وصراعات المصالح.
في 31 يوليو عام 2020 نشرت مقالاً في جريدة «الراي» بعنوان (ريتز كارلتون كويتي)، جاء فيه: «نحن في الكويت الآن في أمس الحاجة إلى تطبيق ما يشبه نظرية فندق الـ(ريتز كارلتون) التي طبقت في العاصمة الرياض، والتي تمثلت بفرض إقامة جبرية على العديد من الشخصيات التي تمت مساءلتها ومحاسبتها بدقة وصرامة، بسبب التضخم الكبير الذي طرأ على حساباتها البنكية، حتى أُعيد لخزينة الدولة الكثير من مليارات الريالات السعودية! وكذلك عندنا في الكويت تضخمت الأرصدة البنكية جداً لبعض التجار وبعض المسؤولين وبعض الضباط وبعض المشاهير، فجأة وفي زمن قياسي، بشكل يدعو إلى الريبة والتعجب والقلق، ولا بد من (ريتز كارلتون) كويتي يُجمع فيه كل من تحوم حوله شبهات واضحة وكثيرة، لمحاسبته بدقة عن ثروته تلك، كيف ومن أين اكتسبها؟!».
واليوم، أعود من جديد لتلك الأمنية التي أود فيها أن تتم محاسبة ومعاقبة لصوص المال العام وحرامية البلد من مختلف الفئات ومهما كانت مواقعهم، وربما سوف تتحقق أمنيتي تلك مع هذه القرارات الأميرية السامية التي صدرت ليلة أول من أمس.
في نهاية هذه السطور، أتمنى من الله سبحانه وتعالى أن يحفظ الكويت، وأن يوحد صف أهلها ويجمع كلمتهم، وأن يوفق سمو أميرنا، حفظه الله، نحو دروب الخير، والشعب كله ثقة وأمل بقرارات سمو الأمير، رعاه الله تعالى.