رؤى وطروحات خلال الجلسات الحوارية للملتقى الإعلامي العربي
«حتمية التغيير»... لكسب المعركة الإعلامية
أكد وزراء إعلام عرب حاليون وسابقون وإعلاميون محليون، أن الواقع الإعلامي تغيّر على المستوى العالمي من ناحية التكنولوجيا المستخدمة وإيصال الرسالة، مشددين على حتمية تغيير طريقة التعامل مع المتغيرات لكسب المعركة الإعلامية.
جاء ذلك في الجلسات الحوارية للملتقى الإعلامي العربي في دورته الـ19، والتي تناولت المتغيرات الكثيرة والسريعة حول العالم على المستوى الإعلامي، ما جعل منصات التواصل الاجتماعي منافسة للمؤسسات الإعلامية، الأمر الذي يُحتّم ضرورة استخدامها لمخاطبة الشعوب الأخرى، وكسب الرأي العام العالمي في خدمة القضايا العربية.
ورأى المتحدثون أن دولنا العربية ضعيفة إزاء ما يحدث في العالم وعليها دعم القدرات الإعلامية وتعزيز دور وزارات الخارجية وجعل السفراء منابر إعلامية، مشيرين إلى وقائع الحرب الإسرائيلية على غزة، والتحوّل الكبير في الرأي العام الغربي تجاه القضية الفلسطينية، بسبب تأثير الإعلام ووسائل التواصل، رغم الانشغال العالمي بالحرب الروسية - الأوكرانية.
«مازلنا فاقدين للأمل في وجود عمل عربي مشترك في الإطار الإعلامي»
وليد الجاسم: دولنا العربية ضعيفة... وعليها دعم القدرات الإعلامية
فيما اعتبر رئيس التحرير الزميل وليد الجاسم، أن «الإعلام حياة، وهو لغة التواصل مع الآخر»، وصف «دولنا العربية بأنها ضعيفة بمقياس ما يحدث في العالم، وعليها دعم القدرات الإعلامية وتعزيز دور وزارات الخارجية وجعل السفراء منابر إعلامية».
جاء ذلك في الجلسة الخامسة للملتقى الإعلامي العربي في دورته التاسعة عشرة والتي أُقيمت أمس، في فندق الفورسيزون وكانت بعنوان «كيف نتعامل مع متغيرات الإعلام؟» والتي أدارها الزميل الجاسم، وشارك فيها عدد من وزراء الإعلام العرب السابقين.
وأيّد الزميل الجاسم ما طرحه وزير الإعلام البحريني السابق الدكتور علي الرميحي بأنه يترتب على الطلبة الدارسين في الخارج، أن يكونوا إعلاميين لأوطانهم، حيث إن تحصين الدول يُمكن أن يتم عبر هذا الإطار بشكل جيد، مبيناً «أننا مازلنا فاقدين للأمل في وجود عمل عربي مشترك في الإطار الإعلامي وغيره، وأن الواقعية أمر جيد في تقييم الأمر».
الحسني: وزير الإعلام العربي لا يُبارك له... بل يُقال له «الله يعينك» !
من جانبه، قال وزير الإعلام العُماني السابق الدكتور عبدالمنعم الحسني: دائماً الحكومات لها محاذير في التعامل الإعلامي الرسمي، حيث إنها مقيّدة بمنظومة قانونية لا يُمكن كسرها، وهذا هو السائد في كل أنحاء العالم، مبيناً أن كل حكومة تحاول السيطرة على إعلامها وفي ظل ذلك يحاول الإعلام الحكومي، أن يكون ذكياً في التعبير عن شعبه.
وأضاف أن الإعلام الحكومي في النهاية ينقل الرأي الحكومي وهو يمثل الشعب، فالإعلام يقدّم الصورة الحقيقية للعالم كما أننا لا نستطيع أن نتخفى خلف الستارة، لافتاً إلى أن وزير الإعلام العربي لا يُبارك له بل يُقال له «الله يعينك» عندما يتقلّد المنصب في هذه المهمة، لأنه يحاول أن يفلت من هذه القيود لأن عليه أن يقدّم مبادئه الأخلاقية ومن جهة أخرى يُرضي الحكومة التي هو يمثلها.
وقال الحسني «نحن محكومون بالأمل، ولم نستطع أن نصدّر أنفسنا للخارج، فإذا أردنا أن نقدّم أنفسنا للعالم يجب علينا أن نكون حاضرين في هذا العالم، وأن يُدار إعلامنا في كل لغات العالم الآخر واعتقد مازلنا بعيدين عن هذا الامر ودعونا لا نتبع الوهم».
الرميحي: الكويت كانت ومازالت صاحبة الريادة في الإعلام
بدوره، قال وزير الإعلام البحريني السابق الدكتور علي الرميحي، الكويت كانت ومازالت لها الريادة في الإعلام، وحضورها المتميز في كل وسائل الإعلام، مبيناً أنه خلال 10 سنوات حصل تطور كبير لا تستطيع المؤسسات الحكومية الاستمرار بالتحفظ مع التعامل مع وسائل الاعلام، فالمسؤول أصبح مجبراً على أن يتعامل مع كل وسائل الإعلام، ولكن الإشكال يكون في عملية قياس الأثر، فالغرب قبل 25 عاماً، عندما كنت أدرس في بريطانيا، لاحظت انهم يعملون على إعداد قيادات قادرة على التعامل الإعلامي مع العالم، ونحن الى هذا الوقت نفتقد هذا الأمر.
ولفت الرميحي الى أن عملية تطور الوسائل الإعلامية مستمرة حول العالم، فيجب ان تكون لدينا إدارة متخصصة في قياس التغيير والتطوير الحاصل، وبشكل دوري لا يتجاوز 6 أشهر في كل مرحلة، مبينا أن الإعلام الحكومي أكثر جهة حريصة على الموثوقية. فهناك مقولة «إن كل خبر غير صحيح حتى تثبت صحته»، فنسبة عالية جداً من الأخبار التي تُنشر في وسائل التواصل غير صحيحة، وهذا وفقاً لدراسة أكاديمية.
وأشار الرميحي الى أن الإعلام العربي لا يقل عن الآخرين ونمتلك الكثير من الأدوات لتطوره، ولكننا نصطدم دائما بجزء من ثقافتنا التي لا تتقبّل الآخر، لذلك أحد الأمور المهمة إذا كنا نرغب في التغيير، يجب أن نُعد جيلاً من خلال التربية الإعلامية، التي يجب أن تدرس في مدارسنا، ليكون لدينا جيل قادر على التعامل مع المتغيرات الإعلامية المتسارعة.
الشبول: تحوّل كبير في الرأي العام الغربي تجاه القضية الفلسطينية بسبب تأثير الإعلام ووسائل التواصل
من جهته، قال وزير الإعلام الأردني السابق فيصل الشبول إن الإعلام الحكومي وفقاً لدراسات علمية أكثر موثوقية من وسائل التواصل، ولكن هناك نمط سائد لدى بعض المسؤولين يعتقدون أن الإعلام الرسمي مضمون وفي «الجيب».
واعتبر أن توقيت الحرب على غزة، كان صعباً بسبب الحرب الأوكرانية، فالحشد الأميركي الإعلامي ضد روسيا كان مؤثراً في عدم تصدر القضية الفلسطينية الإعلام العالمي، ولكن اليوم نجد تحوّلاً كبيراً بسبب تأثير الإعلام ووسائل التواصل، في تغيير الرأي العام الغربي تجاه القضية الفلسطينية، مبينا أن إعلامنا الرسمي ليس له تأثير عالمي، فهو وجد لمخاطبة بعضنا البعض، وليس لدينا استثمار في الإعلام لمخاطبة الآخر.
جلسة «فلسطين في واجهة الإعلام»: إسرائيل لم تفرّق بين مسلم ومسيحي
أكد المشاركون في جلسة «فلسطين في مواجهة الإعلام» أن الكيان الصهيوني لم يفرّق بين المسلمين والمسيحيين في الحرب، في حين مشروع الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس عاد بقوة، والمملكة العربية السعودية تقود زمام هذه المبادرة.
وقال المشرف العام على الإعلام الفلسطيني أحمد عساف، في الجلسة التي أدارها وزير الإعلام الأسبق سامي النصف، ان الاحتلال الإسرائيلي قام بقصف المقرات الإعلامية الفلسطينية وأبراج الإذاعة ورغم ذلك نجحنا في إيصال صوتنا الى العالم أجمع رغم الظروف التي لم تكن ممهدة، مبيناً ان منصات التواصل الاجتماعي حاربت الرواية الفلسطينية في حين سمحت برواية قتلة الأطفال، ومنعوا نشر صور الشهداء الفلسطينيين والدمار.
بدوره، قال وزير الإعلام اللبناني زياد مكاري، إن لبنان أكثر دولة دفعت الثمن في الصراع مع إسرائيل، في ظل أزمة دستورية وفراغ رئاسي ومجلس النواب ممنوع عليه أن يشرع في ظل هذه الظروف، فالأزمة كبيرة في لبنان ولا نستطيع أن نتقدم.
وأشار مكاري الى أن المسيحيين متضررون مثل المسلمين، وممنوعون من الصلاة في كنيسة بيت لحم وغيرها.
جلسة «نساء في واجهة الإعلام»: رائدات رفضن الضعف والانكسار
في الجلسة التي أدارتها الإعلامية غادة رزوقي، طُرح العديد من القضايا التي واجهت المرأة في قطاع الإعلام وأثرها الاجتماعي عليها، وكشفت المتحدثات عن العديد من التجارب المتنوعة التي تفوّقت فيها المرأة، رافضات ان توصف المرأة بالضعف والانكسار في الخطاب الإعلامي.
وقالت الإعلامية المصرية الدكتورة منى عبدالغني، إن المرأة لها دور وأثر في الإعلام والرجل الإعلامي من الذي ربته فالأم التي أثرت فيه وربّته على منهج معين، حتى يصل لما وصل اليه، فالقوى الناعمة ووسائل الإعلام والمسلسلات والدرامات قد تكون فيها رسالة واضحة او ترفيه وأنا لدي رسالة أقدمها للناس، فالكلمة نور وبعض الكلمات قبور فانا اسعى الى الكلمة التي فيها توعية تنفع الناس فالمرأة شريك أساسي لإيصال الرسالة.
بدورها، قالت الإعلامية السعودية لجين عمران «قبل 21 سنة كانت البداية ولم تكن بالشيء السهل، ولكن بدعم والدي كانت الأمور طيبة». واعتبرت أن الرجل في العالم العربي محظوظ وينطلق من عبارة «الرجل شنو يعيبه».
وأضافت «نقول كل مَنْ يرتكب الخطأ هو (شايله) امرأة كانت أو رجلاً، فالمرأة في مجتمعنا لديها خطوط حمراء كثيرة، وعطاء المرأة في بعض المجتمعات محدود، فليس كل السيدات وجدن في بيت منفتح».
من جهتها، قالت الإعلامية اللبنانية لانا مدور إن العيش مرحلة طويلة من العمر في أجواء الحرب غيّرت أفكاري ومساري وساهمت في تأسيسي في مرحلة الطفولة وجعلتني أتمسك في مبادئ وانا افتخر بهويتي العربية.
من جانبها، قالت الإعلامية الأردنية نادية الزعبي إن الإعلام يساعد الإنسان على إعادة صياغة الثقافة السائدة، «وكان حلمي أن أدخل جميع بيوت الأردن وفي البداية هاجموني، ولكن بعد ذلك صار هناك حالة من الأخوة بيني وبين الناس، فالمرأة العربية قادرة على صُنع القرار الإعلامي».