الرأي اليوم

الشيخ أحمد العبدالله... بدون مُجاملات

تصغير
تكبير

الأخ الشيخ أحمد العبدالله المُحترم

تحية طيبة وبعد،

تم اختيارك من قبل صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد لتولّي منصب رئيس الوزراء، وهو المنصب التنفيذي الأول في البلاد، ولذلك فلا الوقت ولا المرحلة ولا الظروف التي نعيشها وتعيشها الكويت تسمح بأن نبدأ كلامنا بالمُجاملة... وليتّسع صدرك لبعض الوضوح في الطّرح من البداية.

أولاً، يا شيخ أحمد، أنت لست جديداً في عمل الحكومات ولا مُستجدّاً في هيكل السلطة، فقد كنت وزيراً أكثر من مرة وصولاً إلى المنصب الحالي الذي تتولّاه. وتجربتك الوزارية لم تكن أفضل التجارب لأسباب ذكرتها أنت شخصياً في عدد من المواقف الإعلامية سواء تعلّق الأمر بالتحدّيات التي واجهتها في التعامل مع السياسات المُتعلّقة بضرورة تلبية الإدارات الوزارية لمصالح الناس، أو في الضغوط النيابية التي ما زالت آثارها ونتائجها ماثلة أمامنا من أسئلة واستجواب. ويأمل الكويتيون أن يكون هذا التاريخ من الخبرات والتجارب، بإيجابيّاته وسلبيّاته، راكم دروساً وخُلاصات تدفع إلى تعاملك مع المشهدين السياسي والإداري بعين المُجرّب الذي أجرى مُراجعات للمرحلة السابقة بكلّ تفاصيلها بما في ذلك الأداء الشخصي... فاستخلاص الدروس والعِبر بداية الثّبات في المسيرة الجديدة.

ثانياً، يا شيخ أحمد، أنت تعرف قبلنا جميعاً أنّك في المرحلة السياسيّة الراهنة في الكويت ومع تفاصيل المشهد وتعقيداته وتلبّد الأجواء، إنّما تدخل في ما يشبه حقل ألغام وليس حديقة غناء يُحاط المرء فيها بالزهور والعصافير.

ثالثاً، ربما كان في مُقدّمة الاستخلاصات للتجربة الشخصية وتجارب من سبقك في هذا المنصب وغيره، وجوب التصرف من البداية اعتماداً على القدرات الذاتية وإدارة المؤسسات بروح الفريق وعدم الرهان على مُساعدات فاعلة من خارج هذه القدرات وتلك الإدارة. كلّ دعم محمود مُرحّب به إذا كان سيخفّف ما أمكن من مسار التحدّيات، لكن البداية تقتضي أن تعتبر التصدّي والتحرّك والتقدّم في صلب جُهدك وحدك وانسجاماً مع ما تُؤمن أنه الأفضل والأصلح في ميدان القرار.

رابعاً، تكلّمنا كثيراً وقُلنا إنّ من أكبر مشاكل الكويت هو عدم استقرار الحكومات والتغيير المستمر للوزراء خصوصاً من تولّوا حقائب تعتبر أساسيّة في مشروع التنمية. الحكومة الأخيرة مثلاً برئاسة الشيخ محمد الصباح لم تُعمّر ثلاثة أشهر. ولذلك نعتقد من باب الإنصاف والمصلحة الوطنية وجوب عودة أيّ وزير أثبت كفاءته من الحكومة السابقة أو من قبلها وعدم الوقوع في فخّ «هذا محسوب على ابن عمي وهذا محسوب عليّ»... العمل الحكومي استمرارية والكفاءة يجب أن تكون المعيار فمَنْ نجح في عمله نُشجّعْه على المزيد ومَنْ تقاعس يُغادرْ.

خامساً، في العلاقة مع مجلس الأمة لم يعد في الكويت من أسرار، الحكومة تُقرّر وتُنفّذ ومجلس الأمة يُراقب ويُشرّع. لكن هذا كُلّه كان نوعاً من «الضحك على الذقون» في العقود السابقة، فلا الحكومات التزمت خطّ سيرها ولا المجالس فعلت، وكانت الخطوط على 100 شارع مُتقابل وتقاطع. ولذلك فالعودة إلى المسارين النظاميّيْن مسؤولية كبيرة عليك. مجلس الأمة يُراقب عمل حكومتك ويُشرّع، فإن تم ضبط المسارين نجوت، وإن اعتمدت كما حصل في بعض الحكومات السابقة نظام التسويات والصفقات من فوق الطاولة وتحتها وخضعت هنا وساومت هناك فاعلم أنك تلفّ الحبل بنفسك حول رقبتك... والتجارب السابقة أكبر برهان.

سادساً، الكويتيون سيكونون معك فقط من خلال أدائك لا أكثر ولا أقلّ. وإن لم تصلك رسالة الناس فها نحن نقوم بجزء من عملية الإيصال: صحيح أن الكويتيين تعوّدوا على التغيير لكن هذا التعوّد وصل حدّ الملل وهو سائر في اتجاه اليأس. جزء أساسيّ من مُهمّتك هو وقف هذا المسير وإعادة بثّ نوع من التفاؤل عبر طرح برامج تنموية وطنية بامتياز مع آلية إدارية جديدة قائمة على العمل المُؤسّساتي المُستمرّ حتى لو تغيّر الأشخاص.

في النهاية، نُخاطبك لأن الشيء الذي يتّفق مُؤيّدوك ومعارضوك حوله هو حُبّك لبلدك الذي لا يشكّ أحد فيه، وحرصك على أن تتقدّم الكويت وتأخذ مكانها في مصافّ الدول الشقيقة التي حقّقت مُعدّلات تنمية عالية. سيدافع عنك البعض من باب الموالاة واحترام الخيارات القيادية. سيستحضر كثيرون مواقف سابقة لك كانت لها مُعطياتها وظروفها. ستتحرّك آلات إعلامية للضرب فوق الحزام وتحته. لكن المطلوب فوق ذلك كُلّه هو الرؤية التي ستقدّمها للعمل والبرامج الوطنية والمشاريع التنموية والمُنتجة، والأهم الأداء المُعتمد لترجمة ذلك واقعاً ملموساً، فإن أجدت فستجد الثناء والامتنان وإن أخطأت فستتحمّل أيضاً مسؤولية الخطأ... ويعود خطّ حسابات الكويتيّين للتقدّم بين طريقي الملل واليأس.

وفَّقَكَ الله.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي