مجرد رأي

صوت الشعب...

تصغير
تكبير

وسط ركام الصدام السياسي المتفحر في الكويت منذ سنوات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وبسببه تم حل مجلس الأمة أكثر من مرة ووسط الشعور المكتوم بالمقاطعة السلمية للتصويت تحل علينا انتخابات النواب بعد أيام قليلة ليتجدّد الدعاء والنداء لكل مواطن، «صوتك أمانة فلا تضيعها».

كثير من المواطنين يشعرون بالملل من جدوى مشاركتهم الانتخابية مدفوعين بقاعدة أنه لا جديد يذكر فالحال من أسوأ لأسوأ، والشواهد عديدة في كل مكان تبدأ من الطرق مروراً بالوضع الاقتصادي المصاحب بعجز الموازنة العامة المتجدد منذ السنة المالية 2014 /2015، انتهاء بالضعف التعليمي والصحي، ناهيك عن لعنة تباطؤ التنمية رغم كل الوعود بتحريك قطارها.

ولا يعد سراً القول إن شريحة كبيرة من المواطنين تعاني من مشاعر الإحباط التي تدفع إلى الاعتقاد بعدم جدوى المشاركة في صنع القرار السياسي، لكونهم يدركون أن المشاركة الانتخابية لن تغير الواقع، ولن تحقق لهم متطلباتهم، وهنا الطامة الكبرى.

فانتشار الملل بين الناخبين والتخلي عن استحقاق المساهمة في بناء ثقافة مشاركة سياسية فاعلة بين جميع أفراد المجتمع، يمثل ضربة موجعة لمسار الديموقراطية فبسببه ستهدم حقوق المواطنين وستقوض جهود الإصلاح ولن يبقى مع ذلك إلا استمرار «التحلطم» على الواقع المتردي الذي نعيشه اقتصادياً وللأسف اجتماعياً، والذي كان من نتاجه ضرب الهوية الوطنية هنا وهناك في الفترة الأخيرة.

في المجتمعات المتقدمة هناك قاعدة حاكمة لمستقبل الوطن والمواطنين وهي أن كل مواطن مسؤول عن صناعة مستقبله ومستقبل أولاده بيده، حيث من هنا يبدأ التغيير الحقيقي للمسار. حيث الضامن الحقيقي لتعزيز الديموقراطية نابع من اختيار الشعب لنوابه وممثليه، أخذاً بالاعتبار أن الصوت الانتخابي يستطيع أن يقلب الموازين السياسية.

ونتيجة طبيعية لذلك يكون كل مسؤول حكومي أو نيابي فاعل في تنفيذ مستقبل زاهر للمواطنين، لأنه يعلم جيداً أنه إذا لم يفعل ذلك سيكون مصيره الطرد من المنظومة المعنية بإدارة البلاد سواءً كان تنفيذياً أو تشريعياً.

فأهمية المشاركة الانتخابية تكمن في أهمية شعور الناخب بمدى تأثير صوته الانتخابي في العملية الانتخابية، وكلما كان لصوت الناخب في العملية الانتخابية تأثير قوي أكد هذا التأثير أن المسيرة الديموقراطية تسير على نهج سليم في البلد الذي يعقد فيه الانتخابات، خصوصاً إذا كانت الانتخابات نيابية.

كما أن المشاركة الانتخابية المسؤولة تضمن الحق للمواطنين للتعبير بشفافية عن رأيهم، والمشاركة في انتخاب والتصويت لمن يمثلهم، وينقل صوتهم إلى صناع القرار، وهذا ما تجسده المشاركة الفاعلة من المواطنين في جميع الاستحقاقات الانتخابية.

الخلاصة:

المشاركة الواعية في الانتخابات النيابية تُعد واجباً وطنياً واستحقاقاً دستورياً، والتزاماً بالنهج الديموقراطي الضامن لصناعة القرار المستحق والذي يشكّل قاطرة حقيقية للتنمية المستدامة اقتصادياً وبشرياً.

ولتحقيق مستقبل يشارك في صناعته جميع المواطنين بمختلف توجهاتهم يتعين توجيه قوة المشاركة الانتخابية الواسعة نحو حسن اختيار ممثل الشعب.

ونتيجة حتمية لذلك سيكون النائب ملزماً بوضع إستراتيجية تنفيذية ببرامج عمل تنعكس في مشاريع تصب في صالح المواطن ومستقبله.

وكل ذلك لن يتحقّق إلّا باختيار إدارة منتخبة قائمة على حُسن الاختيار وليس لأسباب قبلية أو طائفية أو من خلال نظرة ضيقة تعكس مصالح محدودة لا تعبر عن مستقبل وطن.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي