صباح الخير يا ديرة الخير

تصغير
تكبير
عدنا والعود أحمد...

أعتذر من الذين غبت عنهم لظرف طارئ، فقد شغلني القلب والاحباء في قلبه، وكشفت عملية القلب المفتوح... الحب المفتوح للاهل والاصدقاء والديرة. اكتشفت ان القلب لا يتعب بل نحن من يتعبه، واكتشفت اكثر كم كانت رعاية الله جل جلاله هي السلامة الدائمة، وكم كانت دعوات الوالدة هي العناية الفائقة، وكم كان رصيد محبة المحبين غاسلا للتعب، ملونا للايام، زارعا للبسمة بين مسرح العمليات ومسرح التعافي.

العود أحمد... لكنني لم اشعر لحظة بالغربة، فجسر التواصل لم ينقطع حتى مع الذين اجتمعت دائما معهم على «الخلاف في الرأي». هذه هي الكويت. اعراف وتقاليد وإرث اجتماعي وعادات تسافر معك حيث رحلت وتشعرك بأنك ما زلت داخل السور.

وكما نكبر بالكويت واهلها نكبر ايضا بحاكمها وحكيمها. بولي الامر حفظه الله، الذي شملني اكثر من مرة بالرعاية والسؤال وانا في المستشفى في باريس، واستميح سموه عذرا بأن اكشف مضمون مكالمته الاولى عندما كنت في غرفة العناية الفائقة بعد اجراء العملية مباشرة حيث رد على المكالمة شقيقي مروان الذي لازمني من دون ان يميز الرقم القادم من الكويت. فاجأه الصوت: «ألو، طمني شلون جاسم وشلون قلبه سوى العملية؟ هو بخير، صحته زينة؟» فيرد مروان: «الحمد لله الامور كلها طيبة»، ثم يسأل مَنْ المتحدث؟ فيرد عليه سموه: «انا صباح» لينتبه شقيقي الى الصوت والنبرة فيعتذر يسبقه وقع المفاجأة.

مكالمة بسيطة ليست غريبة على سمو الامير لكنها غنية بمعانيها غنى الكرة الارضية بأسرها. فحاكم الكويت يتصل مباشرة من هاتفه النقال ليطمئن على مواطن كويتي طالما اعتبره «مشاكسا» او «مزعجا» في المجال الاعلامي. اراد التواصل المباشر وليس عن طريق المديرين والسكرتاريا. اراد السؤال عن الصحة بعفوية وتلقائية من دون اي حاجز بينه وبين من يتصل به. حاكم رصيده محبة الناس يستزيد منها من دون اعلام وبهرجة. بالكلمة الطيبة، باللهفة الصادقة وبالسؤال الدائم.

صباح الاحمد القريب من الناس من دون تكلف هو اكثر الحكام العرب ايمانا بضرورة العبور الى مستقبل مختلف يعتمد المواطن فيه على العمل وقيمه المضافة، وعلى الانتاج وقيمه المحفزة، ولذلك فشعبيته الحقيقية تكمن في اصراره على رفاهية الناس وتحقيق التنمية لهم وتحويل الكويت مركزا ماليا واقتصاديا للمنطقة، ولا تكمن في «العطايا» و«الهبات» والقيم التواكلية.

طبعا، الشكر موصول الى جميع الكويتيين والعرب الذين تكبدوا عناء التواصل معي سواء بالاتصال او بالحضور، والى الاطباء الذين تولوا عملية تجديد ما تلف او انسد من شرايين حول القلب، والى الاهل والاصحاب والمحبين الذين اختصروا فترة النقاهة واعادوني الى الكويت قبل ان... اعود.

... كل تجديد وانتم بخير.





جاسم بودي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي