تشخيصٌ للداء ووصفٌ للدواء وتحذيرٌ من «تدهور رفاهية السكان والرعاية الاجتماعية رغم زيادة الإنفاق الحكومي»
برنامج الحكومة: تمكين القطاع الخاص... للتحول من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المنتج
- تحقيق التوازن الاقتصادي بإعادة رسم دور الحكومة بما يعيد إلى القطاع الخاص دوره الريادي
- الدولة تواجه تحدياً استثنائياً خطيراً يهدد قدرتها على الاستمرار في توفير الحياة الكريمة للمواطنين
- التأخير يرفع كلفة الإصلاح وقد يصبح التصدّي للمعضلة بالغ الصعوبة وتبعاته قاسية ومؤلمة»
- من دون إصلاح... عجز الميزانية للسنوات الـ 5 المقبلة قد يصل إلى 60 مليار دينار
- لم يعد ممكناً أو متاحاً للدولة أن تؤجل استحقاق معالجة وضعها المالي والاقتصادي
- بناء اقتصاد حيوي قوامه المعرفة والمهارات وأساسه توطين التكنولوجيا
- الاستثمار في الثروة البشرية هو اللبنة الأساسية لبناء اقتصاد منتج ومستدام
- دعم ريادة الأعمال واستثمار جغرافية الكويت بتطوير المنطقة الإقليمية الشمالية
- 113 مشروعاً تنفيذياً غالبيتها اقتصادي ومالي ومخصص لتطوير رأس المال البشري
- 42 في المئة للمشاريع التطويرية و32 في المئة للبنية التحتية و26 في المئة للاستثمارية
في برنامج عملها الذي قدمته إلى مجلس الأمة للفصل التشريعي السابع عشر (2024-2027)، وحمل عنوان «وطن عادل وآمن ومستدام»، شخصت الحكومة الداء ووصفت الدواء، بعدما وضعت الإصبع على الجرح من خلال التحذيرات الخطيرة التي أطلقتها من مغبة استمرار السياسات الاقتصادية الحالية، ومن ضمنها احتمال «تدهور رفاهية السكان والرعاية الاجتماعية على الرغم من زيادة الإنفاق الحكومي».
وبعدما شرحت باستفاضة الرؤية والمبادئ والتحديات والتوقعات، حددت خطة العمل وخريطة الطريق لأول 100 يوم ومن ثم للسنوات الثلاث المقبلة، ومحورها الأساس «تمكين القطاع الخاص في خلق فرص عمل وطنية في مختلف القطاعات الاقتصادية»، على أسس تنافسية، لزيادة التنويع الاقتصادي وتحقيق التنمية على أساس مستدام.
وتضمن البرنامج 113 مشروعاً تنفيذياً، وطرح عدداً من الفرص الاستثمارية الجاهزة (إما طرحت فعلياً أو قيد الطرح)، وتغلب عليه المشاريع التطويرية لتحسين الخدمات المقدمة للجمهور، بواقع 42 في المئة للمشاريع التطويرية، و32 في المئة لمشاريع البنية التحتية، و26 في المئة للمشاريع التي تتضمن فرصاً استثمارية.
وتتوزع المشاريع الـ113 وفق ما يلي: 40 (اقتصادي ومالي) - 33 (رأس المال البشري) - 25 (البنية التحتية والبيئة) - 12 (الإداري) - 3 (السياسي والأمني).
تحديات استدامة الرفاه
ولفت البرنامج إلى أن التجارب الدولية وما آلت إليه أحوال الدول التي انتهجت السياسات الريعية، أثبتت أن استدامة الرفاه تتحقق عند التحول من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المنتج.
واعتبر أن «كلفة الإصلاح المالي والاقتصادي ستتفاقم كلما تأخرنا في التصدي لهذه المعضلة، بل وقد يصبح التصدي لها بالغ الصعوبة وتترتب عليه تبعات قاسية ومؤلمة».
وأضاف «إن الهدف المحوري للإصلاح الاقتصادي في الكويت، هو تحقيق التوازن في هيكل الاقتصاد الوطني، من خلال إعادة رسم دور الحكومة في النشاط الاقتصادي، بما يعيد إلى القطاع الخاص دوره الريادي في هذا النشاط، ويعزز تنوع قطاعاته، ويضمن إيجاد فرص عمل منتجة للخريجين، ويدعم استدامة الرفاه الاقتصادي والاجتماعي على المدى الطويل».
وبحسب البرنامج، «يشكل الإصلاح المالي مرحلة أولى مهمة من مراحل الإصلاح الاقتصادي، الذي يتضمن إصلاحات هيكلية وتشريعية ومؤسسية تضمن إيجاد بيئة استثمارية محفزة وجاذبة لرأس المال الوطني والأجنبي».
ويشير عدم توافق متوسط نمو أسعار النفط مع نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة 2000 - 2020 إلى اختلالات هيكلية في الاقتصاد الوطني، مع بلوغ متوسط أسعار برميل النفط 66 دولاراً خلال الفترة 2000 - 2023، في حين بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 3 في المئة لغاية 2023.
وفي ظل تذبذب أسعار النفط، وبسبب اعتماد المالية العامة الكلي على مصدر وحيد للدخل، «تواجه دولة الكويت اليوم تحدياً استثنائياً خطيراً يهدد قدرتها على الاستمرار في توفير الحياة الكريمة للمواطنين واحتياجاتهم الأساسية وعدم القدرة على الإيفاء بالالتزامات المحلية والدولية»، وفق البرنامج.
كما أن العجز في الميزانية العامة للدولة خلال الخمس سنوات المقبلة، من دون المضي بالإصلاح الاقتصادي والمالي، من المتوقع أن يصل إلى إجمالي 45 الى 60 مليار دينار.
ولم يعد ممكناً أو متاحاً للدولة أن تؤجل استحقاق معالجة وضعها المالي والاقتصادي، ووضع البرامج الهادفة إلى تنويع مصادر الدخل ووقف الهدر في المصروفات العامة.
وحذر البرنامج من أنه «إذا استمرت الأوضاع المالية والاقتصادية بالتدهور على هذا النحو، فإنه يخشى الوصول إلى نتائج خطيرة ليس أقلها تعثر الأفراد والشركات والبنوك والمؤسسات، وارتفاع معدلات البطالة لحد خطير، وانهيار الخدمات الاجتماعية، وتدهور الامن الاجتماعي بشكل مترافق مع تضخم كبير في تكاليف العيش».
معالجة التحديات
ورأت الحكومة في برنامجها أن معالجة التحديات تكون عبر «بناء اقتصاد حيوي قوامه المعرفة والمهارات وأساسه توطين التكنولوجيا»، إذ «أثبتت التجارب الدولية وما آلت إليه أحوال الدول التي اعتمدت على مواردها الطبيعية فقط وانتهجت السياسات الريعية أن استدامة الرفاه تتحقق عند التحول من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المنتج، وأن الاستثمار في الثروة البشرية هو اللبنة الأساسية لبناء اقتصاد منتج ومستدام».
وشددت على أن الخطوة الأولى «تبدأ بتفعيل المادة 20 من الدستور عبر التوسع في طرح الفرص الاستثمارية لتمكين القطاع الخاص من خلق فرص عمل وطنية في مختلف القطاعات الاقتصادية، وهو الهدف الأساس من برنامج عمل الحكومة».
وأوردت 4 مقومات أساسية للاقتصاد المنتج والمستدام، هي:
1 - تمكين القطاع الخاص بشكل عام والمشروعات الصغيرة والمتوسطة بشكل خاص على أسس تنافسية لزيادة التنويع الاقتصادي وتحقيق التنمية على أساس مستدام.
2 - اقتصاد وطني أساسه العدالة الاجتماعية وفقاً للمادة 20 من الدستور.
3 - دعم ريادة الأعمال في مختلف القطاعات الاقتصادية لخلق قيمة مضافة عالية.
4 - استثمار جغرافية الكويت من خلال تطوير المنطقة الإقليمية الشمالية، لتكون معبراً دولياً ومحطة رئيسة توافر الحلول والخدمات التحويلية للتجارة الدولية.
5 نتائج خطيرة لعدم الإصلاح
1 - تعثر الأفراد والشركات والبنوك والمؤسسات
2 - ارتفاع معدلات البطالة لحد خطير
3 - انهيار الخدمات الاجتماعية
4 - تدهور الأمن الاجتماعي
5 - تضخم كبير في تكاليف العيش
5 مآلات لاستمرار المسار الحالي
1 - من المتوقع أن تتضاعف متطلبات التمويل الحكومي خلال العشر سنوات المقبلة، حيث كان الفائض 6 مليارات دينار في 2013، وتحول إلى عجز بـ3 مليارات حالياً، وسيصل إلى 13 مليار دينار في 2033.
2 - تمويل ميزانية الحكومة سيتطلب أسعار نفط مرتفعة بشكل كبير، حيث كان 60 دولاراً للبرميل في 2013، وأصبح الآن 78 دولاراً، وسيصل إلى أكثر من 100 في 2033.
3- اقتصاد الكويت لن يتطور إلى اقتصاد قائم على المعرفة يركز على الابتكار والقطاعات الرائدة، إذ إن تصنيف الكويت في مؤشر الابتكار العالمي في 2013 كان 50 من أصل 142، وأصبح الآن 65 من أصل 132، وسيصبح أكثر من 70 في 2033.
4- سيستمر الكويتيون بالمساهمة في تضخم حجم القطاع العام بدلاً من العمل في القطاع الخاص، إذ إن عدد الكويتيين في القطاع الخاص مقارنة بالعام كان 74 ألفاً من أصل 330 ألفاً في 2013، وأصبح حالياً 72 ألفاً من أصل 440 ألفاً، وسيصبح أقل من 75 ألفاً في 2033.
5- ستتدهور رفاهية السكان والرعاية الاجتماعية على الرغم من زيادة الإنفاق الحكومي، إذ إن تصنيف الكويت في مؤشر الرخاء كان 53 من أصل 166 في 2013، وأصبح حالياً 60 من أصل 167، وسيصبح أكثر من 65 في 2033.
34 مشروعاً ومبادرة... في 5 محاور
تضمن البرنامج 34 مبادرة ومشروعاً موزعة على 5 محاور كبرى، ولكل من المشاريع توصيفه وجدوله الزمني ومخرجاته ومستهدفاته، وفق ما يلي:
السياسي والأمني
1 - الديبلوماسية الاقتصادية
2 - متابعة تنفيذ الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان وتمكين المرأة وذوي الاحتياجات الخاصة وغيرها
3 - الأمن المائي
4 - الأمن الغذائي
5 - الأمن الدوائي
6 - منظومة الأمن
السيبراني الإداري
1 - مكافحة الفساد
2 - التحول الرقمي
3 - تحسين بيئة الأعمال والخدمات الحكومية
4 - تطوير الأداء الوظيفي
5 - عدالة الأجور في القطاع العام (البديل الاستراتيجي)
6 - آلية اختبار القياديين
الاقتصادي والمالي
1 - تطوير المناطق الاقتصادية
2 - تطوير القطاع النفطي
3 - تطوير قطاع التأمين
4 - تطوير قطاع السياحة
5 - تطوير قطاع الصناعة والخدمات
6 - حماية المنافسة
7 - استدامة المالية العامة
8 - استدامة منظومة التأمينات الاجتماعية
رأس المال البشري
1 - إصلاح المنظومة التعليمية
2 - تطوير الرعاية الصحية
3 - تنمية المهارات والقدرات
4 - تعزيز الابتكار والبحث العلمي والتطوير
5 - تنمية وحماية الطفولة والأسرة
6 - تمكين المرأة والشباب والاشخاص ذوي الاعاقة
7 - عدالة شبكة الأمان الاجتماعي
البنية التحتية والبيئة
1 - إصلاح الطرق
2 - تشييد منظومة النقل البري وسكك الحديد
3 - تطوير منظومة الموانئ والنقل الجوي
4 - تطوير قطاع الطاقة
5 - تطوير القطاع الاسكاني
6 - إدارة النفايات الصلبة والسائلة
7 - الحياد الكربوني
9 مخاطر لاستمرار السياسات الريعية
1 - هدر منظم وضغط على الموارد الاقتصادية
2 - مخاطر انكماش الطبقة الوسطى
3 - قلة الإنتاجية وضعف الأداء
4 - تعزيز ثقافة الريع
5 - مخاطر زيادة ظاهرة الفساد
6 - مخاطر في الأمن الاجتماعي
7 - تحديات في إدارة السيولة وتجفيف الاحتياطي العام
8 - مخاطر التضخم
9 - ضعف القدرة على إدارة التوقعات
3 مبادئ وصولاً لإنتاج الثروة وليس استهلاكها فقط
تحت عنوان «السمات العامة لبرنامج عمل الحكومة»، ورد أن البرنامج يترجم طموح المواطن بوطن يسوده الأمن وتحكمه العدالة، ويؤمن له استدامة الرفاه، ويُمكن لإنتاج الثروة وليس استهلاكها فقط، وفق 3 مبادئ أساسية:
العدالة
- تفعيل المادة 20 من الدستور ومفادها أن الاقتصاد الوطني أساسه العدالة الاجتماعية، وقوامه التعاون العادل بين النشاط العام والنشاط الخاص، وهدفه تحقيق التنمية الاقتصادية وزيادة إنتاج ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرخاء للمواطنين، وذلك كله في حدود القانون.
- ضمان تطبيق المعايير والقرارات والضوابط بصورة عادلة و نزيهة في الجهات الحكومية.
- تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد والحد من الممارسات الضارة بقواعد النزاهة والالتزام بمدونة السلوك للعاملين في السلطة التنفيذية.
الأمن
- تعزيز الأمن الخارجي عبر الاتفاقيات والعلاقات الخارجية، الخليجية والعربية والدولية.
- بناء منظومة أمن داخلي قوية وصلبة لحماية الدولة ومرافقها ومنشآتها ومكافحة المخدرات والجريمة المنظمة والتصدي للكوارث.
- حماية الهوية الوطنية وتعميق الولاء وحب الوطن في المجتمع.
- تحقيق أمن الماء والغذاء والطاقة والدواء والأمن السيبراني.
الاستدامة
- وضع البرامج الاقتصادية التي تدعم استدامة الرفاه لدى المواطنين والحفاظ على الطبقة الوسطى.
- استخدام الموارد الاقتصادية بطريقة مثلى باستخدام النظم الحديثة والمستدامة والمحافظة على الموارد الطبيعية الناضبة.
- دعم تنفيذ أهداف التنمية المستدامة والسعي لتطوير البرامج والسياسات المعززة لتحقيق مستهدفاتها.