بالقلم والمسطرة

قانون الديك المزعج !

تصغير
تكبير

من المهم للشخص المتطلع للمساهمة في نهضة بلده أن يبدأ في تحصين نفسه أولاً، ويخلص في واجبه وعمله والقيام بالدور المنوط به حتى لو شاهد من حوله بعض الصراعات وربما بعض الأصوات المزعجة والتي قد تكون صوتاً أكثر منها اداءً!

وتذكرت قصة عجيبة وفيها عبرة، وهي مما قرأته في الكتاب المميز للدكتور خالد المنيف، وعنوانه (المرحلة الملكية) وتحت فقرة (قانون الديك المزعج) وهي ما قاله الشيخ علي الطنطاوي -رحمه الله- وبدايتها - كنت أقرأ في ترجمة (كانت) الفيلسوف الألماني الأشهر، أنه كان لجاره ديك قد وضعه قبالة مكتبه فكلما عمد إلى شغله صاح الديك فأزعجه عن عمله وقطع عليه فكره، فلما ضاق به بعث خادمه ليشتريه ويذبحه ويطعمه من لحمه، ودعا إلى ذلك صديقاً له وقعدا ينتظران الغداء وأخذ يحدثه عن هذا الديك وما كان يلقى منه من إزعاج وما وجده بعده من لذة وراحة، ففكر في أمان واشتغل في هدوء فلم يقلقه صوته ولم يزعجه صياحه ودخل الخادم بالطعام معتذراً أن الجار أبى أن يبيع ديكه فاشترى غيره من السوق فانتبه (كانت) فإذا الديك لا يزال يصيح!

فكرت في هذا الفيلسوف فرأيته قد شقي بهذا الديك لأنه كان يصيح وسعد به وهو لا يزال يصيح، ما تبدل الواقع! ما تبدل إلا نفسه! فنفسه هي التي أشقته لا الديك! ونفسه هي التي أسعدته! وقلت ما دامت السعادة في أيدينا فلماذا نطلبها من غيرنا؟ ومادامت قريبة منا فلماذا نبعدها عنا إذ نمشي من غير طريقها ونلجها من غير بابها ؟

إننا نريد أن نذبح الديك لنستريح من صوته ولو ذبحناه لوجدنا في مكانه مئة ديك لأن الأرض مملوءة بالديكة، فلماذا لا نرفع الديكة من رؤوسنا إذا لم يمكن رفعها من الارض؟ لماذا لا نسد آذاننا عنها إذا لم نقدر أن نسد أفواهها عنا؟ لماذا لا نجعل أهواءنا وفق ما في الوجود إذا لم نستطع أن نجعل كل ما في الوجود وفق أهوائنا؟ ( انتهى).

وتعليقي على ما سبق أنه بالفعل يجب التجاهل والتغافل عن مثل هذا الإزعاج وليس بالضرورة صوت الديك هو المقصود فالديكة صوتها جميل خصوصاً عندما تتماشى مع الفجر والشروق أوقات الصلاة، والمغزى والاستفادة من معنى القصة تلك أنه قد يكون الصوت المزعج من ضوضاء حقيقية هنا أو هناك أو صادرة من شخص ما في المجتمع أو في أي وسط، والإزعاج قد يكون إزعاجاً فعلياً بالمعنى الحرفي، أو وهو الأخطر أن يكون صوتاً مزعجاً يكثر الكلام ويقل الفعل عنده أو يكثر الجعجعة والطحن ولا تجد طحيناً! أو يغرقك في جدال ولا ترى أفعالاً! أو يشوش عليك التفكير وكأنه إنسان مهم أوخطير! أو ممن يتقن ( الردح) الإعلامي.

لذلك يسعد الإنسان بالتركيز على أهدافه الايجابية الشخصية والأسرية والقيام بدوره صغر كان أو كبر في بيئة عمله والمجتمع وفي محيطه، والأهم أن يرضي ربه جل في علاه، فالنجاح والتغيير إلى الأفضل يبدآن من الداخل، والله عزوجل المعين في كل الأحوال.

Twitter @Alsadhankw

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي