قدّمتهما «الفجيرة للثقافة» و«موزاييك الجزائرية» في «المونودراما المسرحي»
«المملوك» واقع مُؤلم... و«لا لونا» تبحث في نصف القمر
- أساليب جلد الذات تنوّعت في «المملوك»
- مشاعر الفقد في قلب الأم ظهرت في «لا لونا»
فيما افتتحت هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام العروض الرسمية لفعاليات الدورة السابعة لمهرجان الكويت الدولي للمونودراما، أمس، على خشبة المتحف الوطني بعرضٍ مسرحي عنوانه «المملوك» من تأليف وإخراج أحمد عبدالله راشد، وتمثيل عبدالله علي الخديم، قدمت فرقة «موزاييك» الجزائرية ثاني عروض المهرجان بعنوان «لا لونا»، من تمثيل سعاد جناتي وإخراج هشام بوسهلة.
وشهد العرضان حضور رئيس المهرجان جمال اللهو وعدد من الفنانين الكويتيين والضيوف من الفرق المشاركة.
«جلد الذات»
ففي العرض الأول «المملوك»، تنوّعت أساليب جلد الذات في أقسى صورها، بسبب العبودية التي يمارسها السادة على العبيد.
فقد أخذنا المملوك إلى عالمه المليء بالقهر، حيث الزنزانة الضيقة - الواسعة، والآهات والحسرات على واقع مؤلم يعيشه بسبب الظلم والذل، الذي يكابده في محبسه، والصور المرعبة التي تُشتت ذاكرته وتدفعه إلى الجنون.
وتمضي الأحداث بسوداويتها الحالكة، وفلسفتها العميقة، إذ يظل المملوك حبيساً للجسد، فهو ليس أحداً لكي يُعبّرعن نفسه أو يعطي رأياً، بل أشبه بخيال مآتة، وهنا براعة اللعبة (المونودرامية)... لعبة المؤلف المخرج وهو يحتوي قدرات مُمَثلهُ ليفردها لنا ما بين الخشبة والفراغ... فراغ الحبال المتحولة، والكرسي الذي يلعب دور السرير أحياناً، وهو أيضاً يُفترض بأنه سلم للصعود، غير أنه لم يُستخدم سوى للهبوط.
إن لسان حال النص يقول: «الإنسان لا يجب أن يكون مرئياً»، ولذلك يظهر ممثل المونودراما في الضوء الساطع من دون أدنى أثر، حيث أبدع مصمم الإضاءة في تأكيد لعبة التلاشي، حتى لو كان المملوك حاضراً، إلا أن إحساس التلاشي واللاشيء كانت الأكثر حضوراً.
«لا لونا»
بعدها انطلق العرض المونودرامي الثاني «لا لونا»، أي (القمر غير المكتمل) عند الرومان، وأظهر العرض مشاعر الفقد في قلب الأم «ما مريامة»، التي أعياها البحث عن ابنها المفقود «موسى»، منذ 30 سنة، حتى انحنى ظهرها، وفقدت عقلها الذي تشبث بالقمر الذي اعتبرته مرافقاً لابنها، وأنه سيعود معه، فتطرق كل الأبواب وتبحث في كل الأماكن التي تتوقع أنه موجود فيها، وتتصل بكل ما يتوهم عقلها الباطن أنه سبيلها للوصول إليه.
وجسدت الفنانة سعاد جناتي أكثر من شخصية في العرض، منها الأم في مرحلة الشباب وهي تدلل طفلها موسى وهو صغير وتمنحه الأموال لشراء ما يريد، والأم الثكلى التي قصم ظهرها فقد ابنها، كما جسدت الفتاة اللعوب، التي تريد أن تخطف موسى من أمه «ما مريامة»، والساحرة الشريرة، والمرأة التي تتجه للسحرة لفك طلاسم غياب ابنها، ثم تلجأ إلى الطرق الصوفية وتنادي «يا لطيف»... كل هذه الأدوار استطاعت جناتي أن تؤديها بصور تتداخل فيها الرؤى... فتارة تتوهج بالعنفوان وطوراً تخفت إلى درجة الانطفاء.
وقد أسهم جمال صوت بطلة العرض وقوته في كشف الكثير من المشاعر الكامنة في النفس، حيث وظفت الفنانة هذه الميزة لمصلحة العرض، ومن أجل إعطاء مسحة جمالية عليه.
في حين جاءت المؤثرات الصوتية والموسيقى التصويرية والتعبيرية، في أنساق مبهرة.