توقعات ببدء إعلانات أرباح 2023 الأسبوع الجاري مع ترجيحات متفائلة للنمو
شدّ حزام المخصّصات يُخرج قطار أرباح البنوك عن «سكّة العُرف»
- الناظم الرقابي:
- مواءمة متحفّظة بين نمو الأرباح وتعلية المخصّصات الاحترازية
- شرباكة العالم سياسياً وعسكرياً تستدعي استشراف المستقبل بمصدّات أعلى
- مسار الفائدة المرتفعة منذ 2023 يزيد مخاوف توسّع دائرة القروض المتعثّرة
- المصارف:
- نحتفظ بمخصصات تزيد على القروض التي تعاني من مشاكل
- رأسمال سليم وسيولة قوية عاملان يعزّزان النظرة المستقبلية المستقرة
- تغطية النظام المصرفي الكويتي من المخصّصات تشكّل النسبة الأعلى خليجياً
هناك اعتقاد شائع في مجتمع الأعمال لا سيما بين «البورصوية» كما يحلُو للبعض تسميتهم، مفاده بأنك تستطيع ضبط ساعتك على موعد انطلاق قطار إعلانات أرباح البنوك السنوية والتي درجت العادة أن تبدأ 28 يناير، لكن عملياً تم تجاوز الموعد التقليدي لإعلان البنوك أرباحها عن 2023 حتى الآن بنحو 48 ساعة، فهل هناك ما طرأ رقابياً أو مصرفياً؟
ورقابياً، لا تعتبر البيانات المالية البنوك متأخرة، فمعلوم أن مهلة إعلان الأرباح السنوية تبلغ 90 يوماً منذ إغلاق السنة المالية والمقرّر بنهاية ديسمبر، لكن سوقياً هناك رأي آخر، حيث يعتقد أن قطار أرباح البنوك خرج عن «سكّة العُرف»، وإذا كان ذلك لا يحمل أي مخاوف محاسبية إلا أنه يعكس سؤالاً مشروعاً عن سبب التأخر ولو كان محدوداً؟
رؤية أوسع
مبدئياً، قالت مصادر مسؤولة لـ«الراي» إن هناك أكثر من سبب لذلك، بينها تضاعف أحجام دفاتر بعض الميزانيات، وتغيّر آلية احتساب الأرباح في بنوك أخرى، ما أسهم في تمديد تاريخ بدء إعلان الأرباح عن الموعد المصرفي الدارج سنويّاً.
لكن المصادر توقّعت أن تكون المخصصات «شيفرة السر» الرئيسية للتأخر، موضحة أن هذا لا يعني وجود خلاف محاسبي بين المصارف وبنك الكويت المركزي، بل الأمر أقرب إلى رؤية رقابية أكثر تحفظاً في إحداث مواءمة بين نمو أرباح 2023 بمعدلات مستدامة، وتجنيب مخصصات احترازية بمستويات تراعي الآثار السلبية غير المرئية عالمياً وإقليمياً.
وقالت المصادر إن القطاع المصرفي تعامل بشكل جيد مع التعقيدات التي طرأت على البيئة التشغيلية العام الماضي، والتي أبطأت نمو الائتمان، ليسجل مع ذلك السوق المحلي أقل معدل نمو ائتماني خليجي عن 2023 بمعدل 4 في المئة على أساس سنوي وواحد في المئة على أساس ربع سنوي.
علاوة على ذلك، فإنه أمام التوقعات العالمية المتشائمة لـ2024 وآخرها تصريحات رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، التي أبدت قناعتها بعدم العودة إلى الوضع الطبيعي للاقتصاد في 2024، تتزايد قناعة «المركزي» بضرورة لجوء البنوك المحلية لمزيد من التحوط عبر توسعة نافذة المخصّصات الاحترازية لتعلية مصدّات البنوك.
يذكر أن بيانات البنوك عن 2022 سجّلت تراجعاً بإجمالي المخصصات بنحو 47.77 في المئة (ما يعادل 300.733 مليون دينار)، وذلك من 629.577 مليون في 2021 إلى 328.844 مليون بـ2022، فيما ارتفع إجمالي إيراداتها التشغيلية بـ13.79 في المئة تقريباً (392.791 مليون) من 2.847 مليار إلى 3.24 مليار.
توازن بالناحيتين
وأضافت المصادر أن مسؤولي البنوك سعوا لإقناع «المركزي» بعدم وجود حاجة ملحة لزيادتهم مستويات المخصصات عن المقترحة من قبلهم، وأن الأفضل أن يحافظوا على توازن مستدام بين ربحياتهم المحققة ومخصّصاتهم المكونة، فيما يتسلحون بتعزيز رأيهم هذا بتقارير وكالات التصنيف العالمية التي تتوقع بقاء القروض المحلية قوية، وترى أن البنوك المحلية تتمتّع برأسمال سليم وسيولة قوية، وهما عاملان يؤديان إلى توقع نظرة مستقبلية مستقرة لها، ما يجعلها بوجهة نظرهم تمتلك مصدات حمائية إضافية في مواجهة أي أزمات غير متوقّعة، ما يضعف الحاجة الملحة لتحمل عبء إضافي من بناء المخصصات الاحترازية لاسيما أن المصارف المحلية تحتفظ بمخصصات تزيد على القروض التي تعاني من مشاكل.
وتظهر الأرقام أن تغطية المخصصات بالنسبة للنظام المصرفي الكويتي، الأعلى خليجياً.
أرباح مرتفعة
لكن الناظم الرقابي يعتقد أن شرباكة التحديات عالمياً سياسياً وعسكرياً تتطلب استشراف المستقبل بمرونة مصرفية أوسع لجهة بناء مخصصات احترازية مناسبة، كونها ذات أهمية قصوى في تدعيم مصدات البنوك أكثر، خصوصاً بالميزانيات المجمّعة بسبب ما تشهده غالبية أسواقها الخارجية من تعقيدات في المرحلة الحالية، علاوة على ذلك يحاول «المركزي» توحيد مسطرة المخصصات في البنوك على العملاء المشترَكين.
وبينت المصادر أن نتائج البنوك عن الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي واستمرار أدائها في الربع الأخير من دون مفاجآت عكسية يعزّز احتمالية تحقيق البنوك أرباحاً مرتفعة عن 2023، مشيرة إلى أن هذه الحالة تعزّز قناعة «المركزي» بأنه من الجيد إذا تمكنت البنوك من تحقيق أرباح بمعدلات نمو مناسبة زيادة مستويات مخصصاتها أيضاً بمعدلات مناسبة أخذاً بالاعتبار أن مخصصاتها عن فترة الأشهر التسعة الأولى من 2023 انخفضت بنحو 64.7 مليون أو بنسبة 24.1 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من 2022.
نمو ملموس
وذكرت المصادر أن «المركزي» يستهدف ألّا تشكل المخصصات الإضافية التي يوجه لبنائها نمواً ملموساً في إجمالي القطاع، وألا يؤدي ذلك للبعد عن حيّز متوسط القروض المتعثرة عن 2022 والمسجلة عند أدنى نسبة خليجياً بـ 1.6 في المئة، لكنه يؤمن في الوقت نفسه بضرورة اتباع سياسة أكثر تحفظاً مقارنة بسائر البنوك المركزية الأخرى حيث يلزم المصارف الكويتية بأخذ مخصصات احترازية عالية مدفوعاً بمخاوف أن تزيد الفائدة المرتفعة منذ 2023 من صعوبة السداد ومن ثم القروض المتعثرة.
وتوقعت المصادر انطلاقة إعلانات الأرباح المصرفية الأسبوع الحالي، حيث علم أنه تم التوصل لصيغة محاسبية للمخصصات تناسب الناظم الرقابي والبنوك، مع توقعات متفائلة بنمو الأرباح عن 2023 بمعدلات متباينة بين قريبة وأعلى من المسجلة الربع الثالث.
يذكر أن القطاع المصرفي حقق عن 2022 نمواً ملحوظاً في صافي أرباحه مقارنة بـ2021، إذ بلغ نحو 1.214 مليار دينار، مقارنة بنحو 881.6 مليون، بارتفاع نحو 37.7 في المئة، ليسجل أعلى مستويات الربحية خلال آخر 16 عاماً، أي منذ 2007، حيث حقق أرباحاً صافية بنحو 1.03 مليار، فيما لم تتجاوز أرباحها منذ ذلك الوقت مستوى المليار دينار حتى 2022.
نمو ملحوظ
بأرباح 9 أشهر
ومخصّصات أقل
سجلت البنوك في الأشهر التسعة الأولى من 2023 نمواً ملحوظاً بصافي أرباحها مقارنة بالفترة نفسها من 2022، بلغت نحو 1.224 مليار دينار مقارنة بنحو 834.5 مليون للفترة ذاتها من 2022 ما يشكل زيادة بنحو 46.7 في المئة.
ورغم ارتفاع المخاطر عن هذه الفترة، انخفضت قيم المخصصات المحتجزة بنحو 203.7 مليون مقارنة بـ 268.4 مليون للفترة ذاتها من 2022، أي انخفضت 64.7 مليون أو 24.1 في المئة.