نحتاج في واقعنا إلى الثقة بأنفسنا وقدراتنا لفائدتها وانعكاسها على تحقيق الأهداف دون خوف أو تردد! وهي تبدأ عند الفرد نفسه وتزداد فائدتها عند انتشارها بين افراد المجتمع، فتلك الثقة تشعل في داخل النفس بإذن الله تعالى القوة العجيبة والشرارة المتوهجة للعمل على التغيير والتحسين المستمر لإصلاح الذات وتحديه لظروفه، وكما قلت تعم الفائدة وتنتشر بكثرتها في المجتمع.
وكنت قد كتبت مقالة سابقة في شهر 7 من العام 2022، وكانت بالسياق ذاته وبعنوان (عدوى نتمنى انتشارها!) وأعيد جزءاً منها وباختصار لأهمية الموضوع وتكراره في كل زمان ومكان، وهو من كتاب نظرية الفستق (الجزء الثاني) للكاتب الصحافي السعودي فهد عامر الأحمدي، وفي فصل (جان دارك كنموذج) ذكر قصة عن أطول حرب في التاريخ وقعت بين عامي 1337 و1453 بين فرنسا وانكلترا، وتدعى حرب المئة عام، انتصر الانكليز في معظم المعارك واحتلوا شمال فرنسا بما في ذلك باريس، غير أن ظهور فتاة فرنسية مجهولة تُدعى جان دارك، قلب الموازين بفضل إيمانها برسالتها وثقتها الخارقة بنفسها.
كانت مجرد فتاة فقيرة يتيمة اتت من قرية بعيدة تدعى (دميريمي) أصرت على مقابلة الملك تشارلز السابع، بقيت على بابه اياماً كثيرة تطلب مقابلته (بعناد) حتى تمكنت أخيراً من الدخول عليه، قالت له بكل ثقة (ايها الملك العظيم أتيت لمساعدتك على تحرير فرنسا واعادتك للعرش)، ضحك الملك وسخر الحضور وتهكم قادة الجيش، وكاد الحرس أن يلقوها في الخارج غير ان ثقتها بنفسها وثباتها على موقفها أثرا في الملك فعهد إليها (على سبيل التجربة) بقيادة فرقة صغيرة من الجنود نقلت إلى جنودها عدوى الثقة بالنفس والايمان بالرسالة والإخلاص للهدف.
كانت تتقدم المعارك بنفسها ملهمة جميع الفرسان خلفها فحققت خمسة انتصارات كاسحة على الانكليز أمام دهشة الجميع، وذكر الكاتب الأحمدي، تحليلاً وتقييماً رائعاً للقصة، ويمكن الرجوع لتلك التفاصيل في كتابه الجميل الذي ذكرته ولخص الفصل المعني بنقاط عدة، وهي (الثقة تُبنى على القناعة بالأهداف والقدرات أما الغرور فشعور زائف بالأهمية ومبالغة بتقدير الذات- ثقتك بنفسك تهز ثقة الآخرين بأنفسهم وإيمانك برسالتك يكتسح العقبات أمامك -الثقة معدية والقادة العظماء ينقلون لاتباعهم عدوى الإيمان بأهدافهم)... انتهى.
وتعليقي على ماسبق وبشكل مختصر بأنه تجد أحياناً مواطنين مكافحين ولديهم ثقة مثل الجبال ولم يستطيعوا الحصول على فرصة لإثبات تفوقهم وتفعيل تلك الثقة المتأججة، بينما تجد من البعض من يحصل على الفرصة وليس لديه الثقة المطلوبة، وكأنه غريب في مكان لا يستطيع التعامل معه وفقط متوشح بوشاح الوجاهة المصطنعة، ومع ذلك تظل الثقة مثل السراج تتوقد في قلب الإنسان الواثق والأهم بالطبع الثقة بالله عزوجل، ولعل وعسى أن يحصل بعض الواثقين بأنفسهم على فرصة لإثبات النجاح. والله عزوجل المعين في كل الأحوال.
Twitter @Alsadhankw