ولي رأي

المدينة الفاضلة

تصغير
تكبير

تخيل أفلاطون، مدينة فاضلة تضمن المعيشة الكريمة لكل قاطنيها. تُحكم هذه المدينة من قِبل الفلاسفة والعلماء، وتقع على عاتقهم مسؤولية تحديد الأولويات وإرساء السلام على المواطنين جميعاً، كون هؤلاء الفلاسفة أدرى بالصالح العام من غيرهم.

طالما ناقشت المواضيع السياسية مع أخي عبدالله، وأخبرته بأهمية الديموقراطية. عادة ما يكون رده بكل بساطة: «الديموقراطية طريق وليست هدفاً بحد ذاته».

أصبحت هذه الجملة رنانة كلما حللت الشأن السياسي في البلاد، فأرى بعض السياسيين يعتنقون مبدأ «المدينة الفاضلة» التي حلم بها أفلاطون، معتقدين أنهم هم أدرى بمصلحة البلاد من ناخبيهم، ويعتقدون أن عليهم فرض ما يرونه مناسباً، متناسين أن الديموقراطية جاءت لتعكس رأي الشعب، وأن دور النائب هو عكس هذا الرأي في مجلس الأمة، وتشريع قوانين لتخدم الصالح العام، ومراقبة عمل الحكومة لضمان بيئة تكفل الحياة الكريمة للجميع. الديموقراطية لا تعتني بآراء شخصية ولا تسوية خلافات عابرة، بل تركز على تشريع ورقابة بما يخدم مصلحة البلاد والعباد.

من أكبر عيوب الديموقراطية أنها فضلت رأي الغالبية على رأي المتخصصين، ومن عيوب المدينة الفاضلة أنها اعتبرت جميع الفلاسفة أشخاصاً أسوياء ويتحلون بضمير حي.

وهنا تأتي ديموقراطية الكويت الخاصة، فالكويت دولة ديموقراطية ولكنها اختارت الشريعة الإسلامية مصدراً للتشريع «دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع».

وأصبح لدينا طريقتنا الخاصة في العمل والتشريع. قد ينتقد الغرب، السياسة الكويتية، بل ونرى بعض المغردين يضربون أمثلة بين السياسة الكويتية وسياسات بعض الدول الأخرى، حيث يتغنون ببعض الحقوق المتوافرة في بعض الدول أو مستوى الخدمات العامة فيها.

ولكن لم أرَ الكثير منهم يعكسون الواجبات التي تفرضها تلك الدول على مواطنيها، من ضرائب وتكبيل الأفواه وغيرها من التشريعات التي طالما كانت جزءاً من حياتنا في الكويت.

ما زالت المحاكم الأميركية تواجه مشاكل في إثبات قضايا القذف، وذلك لأن إحدى مواد الدستور الأميركي تضمن حرية التعبير عن الرأي «ما دام هذا الرأي متوافقاً مع الرأي العام». وعليه أصبح القذف قضية صعبة الإثبات في المحاكم.

وفي دول أخرى متفوقة في مجال التعليم، يُؤخذ الطفل المسلم من والديه إذا استنكر بعض الممارسات المثيرة للجدل التي تدعو لها بعض المدارس هناك.

وعليه، يجب أن نكون منصفين في المقارنة. لا يمكن أن ننظر لدول أخرى، ونختار ما نريده من حقوق وتشريعات من دون أن ننظر لما تفرضه هذه الدول على مواطنيها... لنكن منصفين في المقارنة.

إضاءة:

حفظ الله الكويت وأميرها وشعبها من كل مكروه.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي