تشكل أدنى هامش تمويلي منحته المصارف في القطاع آخر 6 أشهر

بنوك تُقرض الشركات بفائدة أرخص... 0.55 في المئة فوق معدل الخصم تسعيراً لأجل سنة

تصغير
تكبير

- صنّاع سياسة ائتمانية يواجهون التباطؤ بتخفيف قيودهم وتحديداً معدّل العائد
- 0.75 في المئة فوق سعر الخصم التسعير الأغلب بداية النصف الثاني
- مصارف بدأت تتخلى عن اعتبار العلاقة المتشعّبة مع العميل لمنحه فائدة متدنية
- استحداث إجراء جديد يسمح بالدخول في مزايدة مصرفية على قروض الشركات
- بخلاف انخفاض تكلفة التمويل لم تفرّط البنوك في اشتراطات الكفاءة الصارمة

كشفت مصادر مصرفية لـ«الراي» أن بنوكاً كسرت في الفترة الأخيرة معدلات الفائدة التي تمنحها على قروض الشركات منذ بداية العام الجاري دون 5 في المئة، وذلك في مسعى منها لزيادة قاعدة تمويلاتها بهذا القطاع المتباطئ منذ مطلع 2023.

وفي هذا الخصوص عُلم أن بنوكاً منحت شركات في الفترة الأخيرة قروضاً بفائدة تبلغ 0.55 في المئة فوق سعر الخصم المقرر من بنك الكويت المركزي حالياً عند 4.25 في المئة، ما يعني أن إجمالي تكلفة التمويل بلغت 4.8 في المئة، ما شكل أدنى هامش تمويلي مُنح بقطاع الشركات آخر 6 أشهر.

وأضافت المصادر أن إحدى الشركات المليئة والتي تتمتع بميزانية ذات تدفقات نقدية محفّزة للتمويل، طلبت أخيراً من البنوك تقديم عرض فائدة لتمويل تسعى إلى تحصيله بنحو 40 مليون دينار لأجل سنة.

ونوهت إلى أن العروض المصرفية المقدمة جاءت متباينة، وكان أعلاها 1.25 في المئة فوق سعر الخصم، فيما كان أرخصها 0.55 في المئة، وبينهما تكرّر تسعير واحد في المئة و0.75 في المئة فوق سعر الخصم، موضحة أنه بعد استمزاج العروض أرست الشركة تنفيذ طلب إقراضها على البنك المقدّم لأدنى سعر (0.55 في المئة فوق سعر الخصم ما يعني 4.8 في المئة).

معدل الفائدة

ولفتت المصادر إلى أنه في السابق وتحديداً بالنصف الأول من 2023 كان معدل الفائدة الأغلب على قروض الشركات ذات العلاقة المتشعبة مع البنك يبلغ 0.75 في المئة فوق سعر الخصم، مبينة أنه إذا كان العميل مرتبطاً بالبنك بعمليات مصرفية مختلفة من قبيل كتب الضمان والاعتمادات البنكية وتوافر الأرصدة والودائع، والاستثمارات وتداول العملات، فإنه يستطيع الحصول على قروض بفائدة مخفّضة لم تقل عادة عن 5 في المئة بالربع الثالث من 2023، لكنه في الأشهر الأخيرة ورغم إقرار البنك المركزي زيادة سعر الخصم ربع نقطة مئوية في يوليو الماضي، خفّضت بعض البنوك معدل فائدتها عن المعدلات المتداولة، إذ قبلت بمنح قروض لشركات بفائدة تقل عن 5 في المئة.

ورقمياً، سجل إجمالي التسهيلات الائتمانية الممنوحة للمقيمين وغير المقيمين في أكتوبر الماضي ارتفاعاً بنحو 297 مليون دينار (+0.56 في المئة) لتبلغ 53.125 مليار مقارنة بمستواها نهاية سبتمبر البالغ 52.828 مليار، فيما بلغ ارتفاعها منذ بداية العام 678 مليوناً (+1.29 في المئة)، وسجلت القروض الممنوحة لغير المقيمين انخفاضاً بنحو 171 مليوناً (-2.98 في المئة) مقارنة بمستواها في أكتوبر 2022، والذي بلغ 5.745 مليار.

وأفادت المصادر بأن تباطؤ الطلب على التمويل عموماً، منذ بداية العام، وتحديداً بالأشهر الأخيرة، وتنامي حدة التنافس بين المصارف على قروض الشركات والأفراد دفع العديد من صناع السياسة الائتمانية إلى تخفيف اشتراطاتهم وقيودهم لمنح التمويل، وتحديداً في ما يتعلق بمعدل العائد، حيث لوحظ تراجع التشدد المصرفي في تحديد فائدة أعلى على قروض العملاء الذين لا تربطهم علاقة تشعبية مع البنك.

سباق مصرفي

ونوهت المصادر إلى أنه لتقوية موقفها في المنافسة، أدرجت بعض البنوك في الأشهر الأخيرة ممارسات غير رائجة مصرفياً في توظيف فوائضها من السيولة الجاهزة للائتمان، مثل القبول بالدخول في مزايدة على التمويل، ليحدّد العميل العرض المصرفي المفضل لديه، فيما كان يُشترط بالسابق لمنح التمويل الجديد بعد استيفاء الشروط التقليدية أن يكون فردياً أو ضمن قرض مشترك في حال كان التمويل مجمعاً.

ولفتت إلى هذا المتغير بالسلوك الائتماني لم يكن متداولاً في قروض الشركات، وكان يقتصر على ودائع الجهات الحكومية التي يسمح نشاطها بالاحتفاظ بجزء من أموالها مثل الهيئة العامة للصناعة ومؤسسة الموانئ الكويتية، موضحة أن توسع هذه الممارسة من الودائع للقروض يعكس وجود سباق مصرفي أوسع على تمويل الشركات، خصوصاً المليئة.

يذكر أن قطاع تمويل الأفراد يحظى منذ فترة بعروض مصرفية خاصة لزيادة منسوب التمويل فيه، ما يعكس أيضاً تنافساً مصرفياً واسعاً بهذا القطاع.

عروض قوية

ولعل من أقوى أدوات المنافسة التي نشطت مصرفياً في الفترة الأخيرة ولجأت إليها بعض البنوك بقوة لزيادة حصتها من تمويل الشركات، القبول بإقراض العملاء بفائدة رخيصة، وذلك من أجل تفادي تسربهم إذا كانوا من قائمة العملاء القدامى أو استقطابهم إذا كانوا من العملاء المحتملين، على أن يكونوا من أصحاب الملاءة الكبيرة والتدفقات النقدية التي تضمن عدم انكشاف المموّل لمخاطر التعثر مستقبلاً، علماً أنه غالباً ما يكون آجال إقراض هذه النوعية من الشركات متوسطة، وتُجدّد إذا استدعت الحاجة التمويلية.

وذكرت المصادر أنه بخلاف انخفاض تكلفة الحصول على التمويل والتسهيلات الائتمانية الإضافية التي تقدّم لجذب العملاء إلى التمويل، لم تفرّط البنوك المحلية في اشتراطاتها التقليدية الصارمة، وقيودها المفروضة على منح التمويل، خصوصاً المرتبطة بالكفاءة المالية التي يتمتع بها العميل سواء كان شركة أو فرداً، حيث لا تزال جميع البنوك المحلية تحافظ على تعزيز انخفاض مستوى المخاطر في محافظ تمويلاتها.

هل تخسر البنوك إذا منحت قروضاً بفائدة رخيصة؟

مصرفياً، تتطلب الإجابة الدقيقة على هذا السؤال تحديداً أكثر للاستفهام المقدّم في هذا الخصوص.

فإذا كان المقصود قياس تكلفة الأموال على حالة تمويل محددة، فبالطبع تكون أعلى في حالة قروض الفائدة الرخيصة قياساً بالتمويلات الممنوحة بفائدة أعلى، وفي هذه الحالة يمكن القول إن البنك يسجل محاسبياً خسارة غير محققة، تُبوّب بهامش ربح ضيّق مسجل بتكلفة أموال أعلى.

أما في حال التعميم فيمكن القول إن البنك مستمر في تحقيق الأرباح، أخذاً بالاعتبار أن وعاء أموال البنوك عموماً يتقاطع في مكوناته على مجموعة مصادر أبرزها الحسابات الجارية وهي سيولة من دون تكلفة، وحسابات التوفير بفائدة تصل تقريباً إلى 1.5 في المئة، إضافة إلى الودائع. وبمزج هذه المكونات الثلاثة يمكن أن تعوّض المصارف عملياتها التمويلية المكلفة، سواء كانت قروضاً ممنوحة بفائدة رخيصة، أو تجميعها لودائع بفائدة عالية أحياناً لترتيب سلم استحقاقاتها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي