«تماشي سعر صرف عملات المنطقة مع ارتفاع الدولار يحميها من ضغوط زيادة الأسعار»

«صندوق النقد»: التضخم بالكويت مستورد من الشركاء... بالخارج

تصغير
تكبير

- دول الخليج لم تكن خلال الجائحة محصّنة ضد ارتفاع الأسعار العالمية
- الزيادة العالمية جدّدت الاهتمام بتحديد الدوافع الرئيسية لوضع المعالجة المناسبة
- العوامل الخارجية تلعب الدور الأكثر أهمية في تفسير ديناميكيات التضخم بالخليج

تحت عنوان «ديناميكيات التضخم في دول مجلس التعاون الخليجي: ما هو دور العوامل الخارجية؟»، أصدر صندوق النقد الدولي تقريراً حديثاً جاء فيه أنه في أعقاب صدمة فيروس كوفيد- 19، وصل التضخم إلى أعلى مستوياته منذ عقود عدة في بلدان كثيرة مع تعافي الطلب من الجائحة، واستمرار تعطّل سلسلة التوريد، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، والتي تفاقمت بسبب الحرب الروسية-الأوكرانية والجائحة المستمرة.

وبين التقرير أن هذه الزيادة العالمية الأخيرة في التضخم أدت إلى تجدّد الاهتمام بتحديد الدوافع الرئيسية لديناميكيات التضخم، حتى يتمكن صناع السياسات من تقييم مدى استمرارها ووضع السياسات المناسبة لمعالجة التضخم.

ورغم أن التضخم في منطقة دول الخليج منخفض نسبياً مقارنة ببقية دول العالم، إلا أنه ارتفع بقوة خلال الجائحة.

وبالنظر إلى هذه التطورات الأخيرة في التضخم، من المهم تشخيص دوافعه الرئيسية بدقة وتصميم السياسات المناسبة للحفاظ على استقرار الأسعار، والحفاظ على توقعات التضخم ثابتة، مع حماية النشاط الاقتصادي.

قاعدة منخفضة

وأضاف التقرير أن الضغوط التضخمية في دول الخليج الغنية بالنفط تراكمت من قاعدة منخفضة منذ أوائل 2021، منوهاً إلى أن متوسط التضخم في المنطقة بلغ نحو 1.5 في المئة بـ2021 و4.2 في المئة عام 2022، وهي زيادة حادة مقارنة بـ0.1 في المئة عام 2019.

وكانت الزيادات في قطر والإمارات وأقلها في عُمان والسعودية عام 2022، فيما كانت معظم الضغوط التضخمية ناجمة عن السلع القابلة للتداول، وخاصة من المواد الغذائية والنقل، ما يشير إلى أن دول الخليج لم تكن محصّنة ضد ارتفاع الأسعار العالمية خلال الجائحة. ومع ذلك، ورغم أن تضخم أسعار الغذاء كان في اتجاه تصاعدي في دول الخليج، إلا أنه ظل أقل من نظيراتها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يمكن تفسيره بانتشار الأسعار المحدّدة، ودعم بعض المنتجات الغذائية، وتخزين المواد الغذائية الأساسية مثل القمح بما يتماشى مع توقعات أسعار الغذاء.

تراجع المعدّل

وفي النصف الأخير من 2022، بدأت الضغوط التضخمية من القطاعات القائمة على التبادل التجاري (سلع، تصنيع، زراعة وغيرها) في التراجع مع بدء التضخم العالمي في الانخفاض من أعلى مستوياته الأخيرة.

وبعد أن وصل إلى 4.4 في المئة بالمتوسط في يوليو 2022، تراجع معدّل التضخم الرئيسي في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 3.9 في المئة بديسمبر 2022، مع انخفاض التضخم في السلع القائمة على التبادل التجاري بنسبة 1.3 نقطة مئوية، إذ إن ذلك قد يأتي ذلك من عوامل خارجية متعددة.

وتابع التقرير: «أولاً، انخفض التضخم الإجمالي العالمي من أعلى مستوياته الأخيرة مع تباطؤ أسعار الطاقة والغذاء أو انعكاسها وتخفيف الاضطرابات في سلسلة التوريد. كما وصل الدولار الأميركي، وعملات دول الخليج إلى أعلى مستوياتها منذ 2000، حيث ارتفعت 22 في المئة مقابل الين، و13 في المئة مقابل اليورو، و6 في المئة مقابل عملات الأسواق الناشئة منذ بداية 2022، ما قد يكون له تأثير أيضاً على ديناميكيات التضخم في المنطقة».

تشديد السياسة

وأوضح أنه ربما يكون تشديد السياسة النقدية من قبل البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك دول الخليج، قد ساهم في تقليل المعروض النقدي واعتدال الطلب، منوهاً إلى أن أسعار الفائدة في الولايات المتحدة ارتفعت بمقدار 425 نقطة أساس على مدار 7 تحركات متتالية في 2022، والتي اتبعتها دول الخليج على نطاق واسع، نظراً إلى أنظمة أسعار الصرف المرتبطة بالدولار أو في حالة الكويت التي تربط الدينار بسلة غير معلنة من العملات يهيمن عليها الدولار.

وتشير النتائج التي توصل إليها صندوق النقد في تقريره إلى أن العوامل الخارجية تلعب الدور الأبرز في تفسير ديناميكيات التضخم في دول الخليج.

ووفقاً لتقديرات الصندوق، فإن التضخم المحلي في بلدان المجلس ومنها الكويت مدفوع بشكل أساسي بالتضخم المستورد من شركائها التجاريين الرئيسيين، والذي زاد أخيراً في 2022 بسبب ارتفاع أسعار النفط والغذاء العالمية، وتعطّل سلسلة التوريد، وتشديد أسواق العمل على مستوى العالم.

انحراف معياري

وتُظهر النتائج أن صدمة انحراف معياري واحد للتضخم لدى الشريك التجاري (أي زيادة بنحو 0.8 نقطة مئوية) تؤدي إلى زيادة التضخم بنحو 0.3 نقطة مئوية في دول الخليج، في المتوسط، على مدى فترة زمنية مدتها عام واحد. علاوة على ذلك، وُجد أن التغيرات في سعر الصرف الفعلي الاسمي لها أيضاً تأثير كبير على التضخم.

ويبدو أن ارتفاع سعر الصرف الفعلي، بما يتماشى مع سعر الدولار، يحمي دول الخليج من الضغوط التضخمية.

وتؤدي صدمة انحراف معياري واحد إلى سعر الصرف الفعلي الأدنى (أي ارتفاع بنحو 1.7 في المئة) إلى خفض التضخم بنحو 0.16 نقطة مئوية في المتوسط على مدى فترة زمنية مدتها سنة واحدة.

وأخيراً، تشير تقديرات الصندوق إلى أن التأثير المباشر لزيادة أسعار النفط والمواد الزراعية ليس له أهمية إحصائية بعد السيطرة على التأثيرات غير المباشرة على اقتصادات الشركاء التجاريين. وربما يمكن تفسير ذلك من خلال انتشار الأسعار المحدّدة على المواد الغذائية الأساسية، والدعم في المنطقة، وإستراتيجيات الأمن الغذائي إلى جانب جهود التنويع الاقتصادي الحالية.

صدمات الطلب والعرض النقدي يؤثران على التضخم بالمدى القصير

أفاد تقرير صندوق النقد الدولي بأن دراسات أخرى ميّزت بين العوامل التضخمية على المدى القصير والطويل في دول الخليج. ووفقاً لإحدى الدراسات، فإن التضخم في الكويت والسعودية مدفوع بشكل رئيسي بالتضخم لدى الشركاء التجاريين على المدى الطويل.

ومن ناحية أخرى، تؤثر صدمات الطلب والعرض النقدي على التضخم على المدى القصير، كما أن سعر الصرف وأسعار النفط لهما تأثير كبير ولكنه طفيف على التضخم. ووجدت دراسة أخرى أن التضخم في دول الخليج مدفوع في المقام الأول بالمعروض النقدي على المدى القصير والطويل، بينما على المدى الطويل، فإن الأسعار الأجنبية وأسعار الصرف الفعلية الاسمية تفسر التضخم بشكل أفضل.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي