«الفارس الشهم» شُيّع اليوم في «الصليبيخات» عن 87 عاماً

عبدالعزيز البابطين... رجل الثقافة والسلام

تصغير
تكبير

- ناصر المحمد: فقدت الكويت أحد أبنائها... الشاعر والأديب الذي قام بخدمة وطنه
- مرزوق الغانم: رفع اسم الكويت والعرب والمسلمين وكان مدافعاً عن قضايا أمته
- صالح الفضالة: الخسارة فادحة برحيل هذه القامة المهمة التي خدمت الكويت لسنوات
- يوسف الجاسم: كان مجموعة رجال في جسد واحد
- طالب الرفاعي: من القلة الذين اتخذوا من أموالهم طريقاً للسير في دروب الفكر والشعر والثقافة والوصل الثقافي مع العالم

برحيل الشاعر القدير عبدالعزيز سعود البابطين، خسرت الساحة الثقافية العربية فارسها الشهم وصمام أمانها «رجل الثقافة والسلام»، الذي شُيّع صباح اليوم في مقبرة الصليبيخات عن 87 عاماً.

وشغل الراحل منصب رئيس مجلس أمناء مؤسّسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافيّة، ورئيس مجلس أعضاء مؤسّسة البابطين الثقافيّة بالاتّحاد الأوروبي، كما أنّه عضو في العديد من المجالس والجمعيّات والرابطات الناشطة في مجالات مختلفة. هو الذي تعنونت مسيرته بالأصالة، والنبل، والسخاء، ترك إرثاً زاخراً بالشعر والثقافة والعطاء الإنساني، ليتوّج بـ 17 شهادة دكتوراه و20 وساماً من الملوك والرؤساء، وكلها عزيزة على قلبه ونفسه، لكن أعزّها «وسام الكويت ذو الوشاح من الدرجة الأولى»، كما صرّح في آخر حوار له مع «الراي».

وشهدت صالة المعزين في المقبرة، حضور حشد غفير، من زملاء وأصدقاء وأقرباء البابطين، ممَنْ أفجعهم رحيله، مستذكرين بكثير من الحزن مآثر ومناقب «أبوسعود».

«خدم وطنه»

نعى عدد من السياسيين والمثقفين والإعلاميين، الذين حضروا «الدفان» الراحل بكلمات مؤثرة للغاية، تقدمهم سمو الشيخ ناصر المحمد، الذي تحدّث قائلاً: «فقدت الكويت أحد أبنائها، الأخ والصديق العزيز عبدالعزيز البابطين. فقدت الشاعر والأديب، الذي قام بخدمة وطنه، الله يرحمه ويسكنه الجنة».

«عظماء العصر»

أما عضو مجلس الأمة النائب مرزوق الغانم، فقال: «نعزي الأمتين العربية والإسلامية وأبناء الشعب الكويتي كافة، ونعزي أنفسنا بوفاة المغفور له بإذن الله العم عبدالعزيز البابطين. هذا الرجل الذي لا يمكن أن يُنسى ولن يوفيه كائن من كان حقه بالكلمات والحروف، لأنه في كل عصر وفي كل مرحلة هناك رجال لا يمكن نسيانهم حتى بعد وفاتهم».

وأضاف الغانم: «بالنسبة ليّ، يعتبر البابطين من عظماء هذا العصر، فهو والد ومعلم وأحد الجبال الأوتاد التي سيتذكرها الشعب الكويتي، وتتذكرها الشعوب الإسلامية والعربية، بأياديه الخيّرة وآثاره، ووجوده في كل بقاع العالم، فالمنتديات التي يقيمها سنوياً، دائماً تحظى باهتمام دولي وعالمي، فقد رفع اسم الكويت واسم العرب واسم المسلمين، وكان مدافعاً عن قضايا أمته، وإلى جانب ذلك كله، هو شاعر وأديب مهتم بالتراث، وكان إنساناً خلوقاً ومتواضعاً مع الجميع».

«شخصية فذة»

لم يُخفِ رئيس الجهاز المركزي للمقيمين بصورة غير قانونية صالح الفضالة حزنه بفقدان «شخصية فذة ومميزة، لكاتب وأديب، أثرى الحياة الثقافية ورفع اسم الكويت عالياً في المحافل الدولية» لافتاً إلى أن «الخسارة فادحة برحيل هذه القامة المهمة التي خدمت الكويت لسنوات عدة، داعياً له بالرحمة والمغفرة، ولأهله بالصبر والسلوان».

«إنسان نموذجي»

من جهته، عبّر الإعلامي يوسف الجاسم عن حزنه العميق لوفاة «أبوسعود»، حيث قال: «لا شك أن خسارة رجل بحجم وانتشار وأداء وفاعلية المرحوم عبدالعزيز البابطين هي خسارة فادحة على مستوى الوطن وليس على مستوى العائلة».

ومضى الجاسم «كان مجموعة رجال في جسد واحد، فهو إنسان نموذجي بمعنى الكلمة، وله إسهامات عدة في مجالات مختلفة، منها ثقافية واقتصادية وإنسانية، كما حمل قضايا الوطن والأمة العربية وسط عينيه، وكان فارساً شهماً ومدافعاً عن اللغة العربية حتى اللحظات الأخيرة من حياته».

«الشعر سيُخلّده»

قال الروائي القدير طالب الرفاعي إن «قلة أولئك المنذورين لبقاء أسمائهم مدداً طويلة تفوق أعمارهم»، مؤكداً أن «الصديق الشاعر المرحوم عبدالعزيز البابطين هو أحد هؤلاء. فعبدالعزيز البابطين الذي عشق الشعر منذ طفولته، والذي أخذته دروب الحياة للعمل والجهد والمشقّة، مؤكد لم يكن يعلم في بداية حياته، أن الشعر والشعر وحده سيُخلّده. وتحديداً في المشروع الكبير والعملي الذي نهض به يوم أقدم على تأسيس (مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي)».

ولفت إلى أن «هذا المشروع الفكري الإبداعي الإنساني، بقدر ما ينتمي إلى البابطين والكويت، ينتمي للغة العربية، وللناطقين بها أينما كانوا، وعلى وجه الخصوص الشعراء. وهذا المشروع الشعري الفكري، سيبقى شامخًا ما بقيت الحياة».

ومضى الرفاعي: «الصديق المرحوم (أبوسعود)، من القلة الأغنياء الذين اتخذوا من أموالهم طريقاً للسير في دروب الفكر والشعر والثقافة والوصل الثقافي مع العالم. سخّر ماله الخاص لخدمة مشروع شعري فكري كان يمتلك عليه خفق قلبه، وظل طوال نصف قرن يحمل مشروعه ويطوف به في أرجاء المعمورة».

واستذكر مآثر البابطين قائلاً: «أذكر أنني كنت في زيارة للمرحوم (أبوسعود)، وفي حديثي معه قلت: (العالم العربي)، فأشار إليَّ، وسكت لثوان قبل أن يقول: (أخي طالب، هو الوطن العربي، هو وطننا، وكم يبدو الوطن كبيراً حين يكون بحجم العربية، وبحجم العرب!».

البابطين «مع بوشعيل»... في آخر مقابلة تلفزيونية

فيما شهد الموسم الثاني من برنامج «مع بوشعيل» آخر مقابلة تلفزيونية للراحل عبدالعزيز سعود البابطين، الذي قدمه «نبض الكويت» الفنان نبيل شعيل، وبثته شاشة تلفزيون «الراي» في شهر رمضان الماضي، قال «بوشعيل» إن رحيل «أبوسعود» خسارة كبيرة للوطن العربي والعالم بأسره، كون أعماله الثقافية والإنسانية والخيرية اجتازت الخارطة العربية إلى بلدان ومدن بعيدة ونائية، معبّراً عن فخره واعتزازه بالمقابلة التلفزيونية التي جمعت بينهما على شاشة تلفزيون «الراي» والتي كانت مسك الختام لظهوره التلفزيوني.

وتضرّع «بوشعيل» بالدعاء إلى الله أن يرحم الشاعر البابطين بواسع رحمته وأن يغفر له ويسكنه الفردوس الأعلى.

وكان البابطين وصف اللقاء «مع بوشعيل» بأنه حوار بين صديقين «إذ لم أشعر بأني أمام صحافي يسأل لينشر. وجدت نفسي أمام صديق أتبادل معه الحديث، لأننا نعرف بوشعيل منذ سنوات طويلة من خلال التلفزيون، فهو ليس غريباً عنا، ولا نحن غرباء عنه»، وفقاً لما ذكره في حوار صحافي مع «الراي».

«تأثره بوالده»

وُلد عبدالعزيز سعود البابطين عام 1936، وكان لديه منذ طفولته اهتمامٌ واسع بالثقافة والأدب والشعر العربي تأثراً بوالده وأخيه اللذَين كان لهما أثر كبير في تعزيز حبه واهتمامه بالأدب.

كما أصدر 3 دواوين شعرية، هي «بوح البوادي» عام 1995، «مسافر في القفار» عام 2004، و«أغنيات الفيافي» عام 2017.

«تكريم المُكرَّم في وطنه»

في سابقة هي الأولى من نوعها يتم تكريم المُكرَّم في وطنه الأم من قِبل جامعة بحجم ومكانة جامعة يريڤان الحكومية الأرمينية.

ففي 18 من شهر سبتمبر الماضي، زار وفد رسمي من جامعة يريڤان الحكومية بأرمينيا دولة الكويت، للاحتفاء بـ «رجل الثقافة والسلام»، بمناسبة منحه الدكتوراه الفخرية من قِبل الجامعة، وذلك في ديوانه بحضور لفيف من الشخصيات العامة والمهتمين بالشأن الثقافي، تقديراً لسيرة ومسيرة البابطين وبصماته المحلية والعربية والعالمية في العمل الخيري، والإنساني، والثقافي، والتعليمي.

آخر الحصاد... «لن أسلاكم»

حاز الراحل العديد من الجوائز، وكان آخر الحصاد هو حصوله على جائزة الأمير عبدالله الفيصل العالمية في موسمها الرابع عام 2022 في فرع (جائزة القصيدة المغناة) عن أغنية (لن أسلاكم) للفنانة ولاء الجندي.

«ديوان شهداء العزّة»

في 23 من شهر أكتوبر الماضي، توجهت مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية بنداء إلى شعراء العربية كافة في جميع أنحاء العالم للمشاركة في «ديوان شهداء العزّة»، للتعبير عن المشاعر الوطنية والإنسانية التي تعتمل في نفوس أبناء الأمة العربية والإسلامية، وفي نفوس جميع الشرفاء وأصحاب الضمير الحي في كل مكان، تجاه ما يحدث في غزة من فظائع رهيبة بحق المدنيين الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني من دون رحمة أو وازع من مبدأ أو ضمير.

«مجلس الثقافة» ينعى البابطين

نعت الأمانة العامة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الراحل.

ونقلت في بيان لها تعازي وزير الإعلام وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب عبدالرحمن المطيري لذوي الفقيد ومحبيه على هذا المصاب، سائلاً المولى عز وجلّ أن يلهمهم الصبر والسلوان وأن يتغمّد الفقيد بواسع رحمته.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي