«هل هي غائبة عن مخيلة المسؤولين أم أنهم لا يهتمون سوى بيومهم ومناصبهم؟»

«الشال»: 99 في المئة من المواطنين سيدفعون ثمن المخاطر الحتمية لمسار المالية العامة

تصغير
تكبير

- 7.1 دولار للبرميل عجز تعادل الموازنة وفقاً لسعر البرميل لما مضى من السنة المالية الحالية
- 3.4 مليار دينار عجز 2023 /2024 إذا ما أضيف ربع الـ 1.5 مليار دينار المتوافق عليها لدى الإدارة العامة لتقديرات النفقات
- 9 مليارات دينار عجز 2024 /2025 بمستوى النفقات الحالي زائداً 1.5 مليار عند 80 دولاراً للبرميل
- 113 في المئة من إيرادات الموازنة المقبلة ستلتهمها الرواتب والدعومات دون احتساب تكلفة 25 ألف مواطن قادم لسوق العمل
- هبوط أسعار النفط منذ بداية السنة المالية الحالية لم يوقف المقترحات الشعبوية وبأسبقية حكومية
- مخاطر المستقبل غير محتملة فالكويت تفقد من حصيلة صادرات نفطها وإنتاجه بينما يأكل التضخم من قيمة ما تصدّره
لفت مركز الشال للاستشارات الاقتصادية إلى أن إيرادات النفط تموّل نحو 90 في المئة من نفقات الموازنة العامة، منوهاً إلى أن النسبة قد تكون أعلى لو التزمت الحكومة بسداد مستحقات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية أولاً بأول، وقد ترتفع أيضاً لو احتُسبت بنود إنفاق من خارج الموازنة.
وأوضح «الشال» في تقريره الأسبوعي أن معدل سعر برميل النفط الكويتي للسنة المالية 2020 /2021 بلغ نحو 43.7 دولار، مشيراً إلى أنه «في صيف عام 2020 صرّح وزير المالية حينها بأنه قد يعجز عن سداد الرواتب والأجور، فيما بلغ معدل سعر البرميل نحو 80.1 دولار في السنة المالية 2021 /2022 بعد انحسار قيود كورونا، وفي فبراير 2022 اندلعت الحرب الروسية - الأوكرانية ما أدى إلى بلوغ معدل سعر البرميل نحو 94.2 دولار بسبب علاوة المخاطر، وحققت السنة المالية 2022 /2023 فائضاً، وتم نسيان كل العجوزات المالية العامة لسبع سنوات متصلة قبلها».
وذكر التقرير أنه رغم انخفاض معدل سعر برميل النفط الكويتي في أواخر السنة المالية الفائتة واستمرار الانخفاض للسنة المالية الحالية ما أدى إلى بلوغه 85.8 دولار لما مضى من السنة المالية (1 أبريل 2023 إلى 22 نوفمبر 2023)، إلاّ أن تقديرات النفقات العامة للسنة المالية 2023 /2024 بلغت مستوى قياسياً بحدود 26.3 مليار دينار، مضيفاً: «ليس ذلك فقط، ولكن أصبح الثابت من النفقات مرتفعاً جداً ولا مقابل له في أي من دول العالم، فنصيب النفقات الجارية بلغ 90.5 في المئة ونصيب الرواتب والأجور والدعومات ضمنها بلغ نحو 79.3 في المئة».

وأفاد بأنه بينما يبلغ سعر التعادل للموازنة الحالية نحو 92.9 دولار وفقاً لتقديرات وزارة المالية، وبلغ سعر برميل النفط الكويتي لما مضى من السنة الحالية نحو 85.8 دولار، أي بعجز عن سعر تعادل الموازنة بنحو 7.1 دولار، واتجاه أسعار النفط منذ بداية السنة المالية الحالية إلى هبوط، إلاّ أن ذلك لم يوقف المقترحات الشعبوية وبأسبقية حكومية، لافتاً إلى أنه يبدو أن هناك توافقاً لدى إدارتها العامة حول إضافة نفقات جارية كلفتها التقديرية بحدود 1.5 مليار دينار، ما يعني احتمال أن يبلغ عجز السنة المالية الحالية نحو 3.4 مليار دينار بعد إضافة ربع هذا المبلغ إلى تقديرات النفقات العامة في الموازنة الحالية.
وأكد «الشال» أن ما يفترض أن تعرفه الإدارة العامة لو كانت تهتم بمستقبل بلدها، أن عجز السنة المالية القادمة 2024 /2025 عند مستوى النفقات العامة الحالي نفسه زائداً 1.5 مليار دينار أو الإضافة الجديدة، ما يعني نفقات بنحو 27.8 مليار دينار، سيبلغ 6.1 مليار دينار عند معدل متفائل لأسعار النفط بحدود 80 دولاراً للبرميل، ويرتفع إلى 9 مليارات دينار عند معدل لأسعار النفط بحدود 70 دولاراً، وعند ذلك المستوى من أسعار النفط، ستصبح الرواتب والأجور والدعومات نحو 113 في المئة من حصيلة إيرادات الموازنة العامة، وأعلى من ذلك للنفقات الجارية، ومن دون احتساب تكلفة استيعاب ما بين 20 ألفاً إلى 25 ألف مواطن قادمين إلى سوق العمل.
وتابع التقرير: «أما المستقبل، فمخاطره غير محتملة، فالنفط يفقد من سعره بانحسار المخاطر الجيوسياسية، وكذلك بسبب مخاوف البيئة المعزّزة بالقوة التفاوضية غير المتكافئة بين مستهلكين يدافعون عنها بالحق والباطل، ومنتجين.
والكويت تفقد من صافي حصيلة صادرات النفط نتيجة ارتفاع تكلفة إنتاجه، ولارتفاع مستوى الاستهلاك المحلي، وتفقد جزءاً من نصيبها في إنتاجه ضمن (أوبك) بسبب خفض الإنتاج لدعم الأسعار، بينما يأكل التضخم جزءاً من قيمة صادراته، ويؤدي ارتفاع عدد السكان واحتياجاتهم ونحو 25 ألف مواطن قادم جديد كل سنة إلى سوق العمل إلى ضرورة زيادة مستوى النفقات العامة بشكل مستمر»، مبيناً أن «سيناريو مصائب المستقبل القريب مبسط إلى أقصى درجة، وما لا نفهمه هو ما إذا كان مسار المالية العامة بمخاطره الحتمية التي سيدفع ثمنها في المستقبل نحو 99 في المئة من مواطني البلد غائب عن مخيلة مسؤوليه، أم أنهم لا يهتمون سوى بيومهم ومناصبهم».
الفساد في الكويت يُستخدم حجة لتبني سياسات شعبوية
أوضح «الشال» أن تقريراً صدر أخيراً حول تصنيف الدول وفق مؤشر الفساد العالمي لـ2023 يبين أن تصنيف دول الخليج يحصر مواقعها بين أفضلها في الترتيب 55 وأسوأها بالترتيب 116، لافتاً إلى أن قياس مستوى الفساد يراوح بين صفر ما يعني غياباً كلياً للفساد و100 نقطة تعني فساداً كاملاً.
وذكر التقرير قطر جاءت الأقل فساداً بحصولها على 37.1 نقطة وفي الترتيب 55 على مستوى دول العالم، تليها الإمارات بحصولها على 39.81 نقطة والترتيب 66، ثم البحرين 41.01 نقطة والترتيب 74، وعُمان على 44.46 نقطة والترتيب 87، والسعودية على 44.77 نقطة والترتيب 89، والأخيرة الكويت في الترتيب 116 وحصلت على 50.58 نقطة.
وأفاد بأنه «في الكويت، وبدلاً من وضع محاربة الفساد أولوية قصوى، يُستخدم الفساد حجة لتبني سياسات شعبوية، فما دام التسامح مع فساد الكبار قائماً، إذاً يستحق الكل أن يحصل على ما يتيسر من ثروة ومناصب البلد، والتسامح مع فساد الكبار من جانب، واستخدامه حجة لاقتسام البلد بدلاً من استدامتها من جانب آخر، مساران في طريق تدمير البلد».
«الثابت على الأرض عدم رعايته للمشاريع أو تنميتها»
«صندوق المشروعات»... تكرار لمشروع فاشل بأضعاف التكلفة
- أسهل المخارج لدى إدارة عامة ضعيفة رصد الأموال لترحيل الشكاوى
- مشكلة الصندوق تتكرّر مع مشاريع ميناء مبارك والمطار الجديد والطرق واستملاك جليب الشيوخ
- مشروعات الصندوق لا توظف سوى 0.2 في المئة من العمالة الوطنية ما يعني أن كل 10 مليارات دينار توظف 1 في المئة من الكويتيين
- منهجية تشكيل الحكومة وسرعة تغييرها تحرمان البلد من مأسسة هذه الذراع
أفاد «الشال» بأنه سبق للكويت أن أسست الشركة الكويتية لتطوير المشروعات الصغيرة في 1997، وفشلت، وأتبعتها عام 2013 بتأسيس الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ورصدت له مليارَي دينار، مبيناً أنه رغم أن تسميته حملت مصطلح رعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إلاّ أن الثابت على أرض الواقع انعدام رعايتها وتنميتها.
وذكر أنه «عندما كان الصندوق مشروعاً بالادراج، كتبنا فقرة في تقريرنا بتاريخ 30 ديسمبر 2012، حذّرنا فيها بأنه ما لم تكن مستهدفاته هي خلق أكبر عدد مستدام من فرص العمل المواطنة أسوة بتجارب العالم الأخرى، وما لم تُبعد وظائفه القيادية والفنية عن المحاصصة والتنفيع، فسيصبح مصيره الفشل. وحال صدور مستهدفات مشروع الصندوق، ذكرنا في فقرة في تقرير لنا بأن بدايته خاطئة لأن مستهدفاته معاكسة لأغراض تلك الصناديق، فهو استهدف خلق 1.3 فرصة عمل مواطنة لكل مشروع، ثم طال عدم الاستقرار وظائفه القيادية بالتوظيفات الجينية والسياسية».
وأكد «الشال» أن «الإدارة العامة لم تستطع الإفادة من تجربة الشركة الكويتية لتطوير المشروعات الصغيرة الفاشلة، وكررت التجربة مع الصندوق بمستهدفات خاطئة، وكل ما فعلته مضاعفة تكلفة المشروع القديم بضعة أضعاف»، مشيراً إلى أن «أسهل المخارج لدى إدارة عامةضعيفة رصد الأموال لترحيل الشكاوى، في حين أن مشكلات الصندوق الحالية تتكرر مع مشروع ميناء مبارك ومطار الكويت الجديد والطرق والجسور، وكل تلك المشروعات باهظة التكاليف ضعيفة المستوى وتظهر مشاكلها بمجرد بدء تشغيلها، كما أن استنساخ الحلول نفسها حاضر في مشروع استملاك جليب الشيوخ مثلاً، ما يعني بداية مشروع ضخم فاشل، والسبب هو منهجية التشكيل الحكومي وسرعة التغيير للذراع الأهم في الإدارة العامة، أو الحكومة، بمعدل عمر 101 يوم لآخر 8 حكومات، ما يحرم البلد من مأسسة هذه الذراع والإفادة من تراكم الخبرات، الناجحة والفاشلة».
وأشار التقرير إلى أنه ليس أهم المشكلات خسارة مليارَي دينار أو رأسمال صندوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ولكن، تعثر تلك المشروعات وانعكاساتها السلبية على أصحابها مشكلة، وانحراف مستهدفات الصندوق في خلق فرص عمل مواطنة، مشكلة، فتلك المشروعات لا توظف سوى 0.2 في المئة من العمالة المواطنة، وذلك يعني الحاجة إلى 10 مليارات دينار لخلق 1 في المئة من فرص العمل المواطنة، وذلك مستحيل، منوهاً إلى أن الصندوق حقق عكس مستهدفات أي منهج تنموي بتوظيف أعداد ضخمة غير مواطنة بانعكاساتها السلبية على تركيبة السكان والعمالة وضغوطها على المالية العامة. ولفت «الشال» إلى أن استعراضه لـ«الصندوق» كمثال محاولة تبيان كيف تتراكم تداعيات قرار خاطئ إلى مستوى يصعب التعامل معها مع ما هو مشروع صغير نسبياً، بينما خطايا المالية العامة يستحيل تحمل تداعياتها.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي