من الخميس إلى الخميس

الأمن القومي في إنقاذ غزة

تصغير
تكبير

يوم الأحد الماضي زار انتوني بلينكن، وزير الخارجية الأميركي العراق واجتمع مع محمد السوداني، رئيس وزراء العراق، وبعدها بيوم واحد فقط، الإثنين صباحاً انطلق السوداني لزيارة إيران والالتقاء بقياداتها، وقد صرّح المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، أن السوداني بدأ زيارة رسمية إلى إيران، لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين ومناقشة أبرز القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وأتمّ المكتب الإعلامي تصريحه بالقول: إن هذه الزيارة هي بداية جولة لرئيس وزراء العراق لكن لم يُحدد الدول التي سيزورها بعد إيران.
ذاك التصريح الإعلامي السابق هو مجرد تمويه سياسي لما هو واضح، فوزير الخارجية الأميركي كلّف رئيس وزراء العراق بإيصال رسالة لإيران على وجه السرعة. هذه رسالةٌ مهمةٌ، برأيي، ففي ضوء سياسة الولايات المتحدة البراغماتية التي تتشابه مع السياسة الإيرانية؛ وعلى حرص أميركا على اسرائيل وحرص الحزب الديموقراطي على عبور هذه المعركة بأقل الخسائر في معركته الانتخابية المقبلة، ومن جهة أخرى في ضوء العلاقة بين بعض قيادات «حماس» وبين إيران، وأيضاً في ضوء سيطرة إيران على حزب الله اللبناني.

وبناءً على كل ما سبق يمكن توقُّع الرسالة التي حملها السوداني للقيادة الإيرانية، رسالة تحمّس لها رئيس وزراء العراق وسارع بنقلها، فهو، أي الرئيس العراقي، لن ينقل رسالة تحذير لإيران من أميركا بعدم توسيع رقعة الحرب، والتي توقّعها البعض، فمثل هذه الرسائل يترفّع رئيس وزراء العراق للقيام بها، سُرعة زيارة السوداني للقيادة الإيرانية بعد زيارة الوزير الأميركي تعني أن هناك رسالة صفقة تقدمها أميركا لإيران.
إيران مهتمة بقضيتين رئيسيتين، أولاهما، تصنيع القنبلة النووية. ثانيهما، استمرار نفوذها لا سيما داخل سورية ولبنان، ويبدو أن أميركا وعدت إيران بتخفيف قيود برنامجها النووي إذا حَجّمت تابعيها عن المشاركة القوية في الحرب، المشاركة القوية وليست المناوشات التي تهدف إلى إمداد جبهة الممانعة بما يحتاجونه للدفاع عن «حزب الله» وإيران، هذا يفسر ردة الفعل القوية للمملكة العربية السعودية تجاه تصريحات وزير التراث الإسرائيلي، عميحاي إلياهو، حول إسقاط «قنبلة نووية» على قطاع غزة الفلسطيني.
السعودية تُدرك تماماً العقلية الأميركية والإيرانية وتتوقع ما سيأتي من صفقات على حساب دماء شعبنا في غزة، وتعرف السعودية أيضاً أن قادة إيران لن يخرجوا من هذه الحرب خالي الوفاض، لهذا، طالبت السعودية بخلو المنطقة من السلاح النووي وأول طريقها هي تلك الإدانة القويّة التي سيتبعها تحرك قوي لتحييد السلاح النووي الإسرائيلي ومنعه من إيران.
شعبنا في غزة أصبحت دماؤه كالعادة لعبة للتوازن بين أميركا وإيران، واليوم تحاول إيران أن تستفيد من نتائج هذه الحرب، فإذا كانت اسرائيل تهدف للخلاص من «حماس» وهي الفائدة الأكبر لها فلن تخرج إيران خالية الوفاض وهي التي خسرت كثيراً بدعم «حزب الله» و«حماس» بالأسلحة من أجل مثل هذه اللحظات.
على دول مجلس التعاون جميعها دون استثناء الاصطفاف مع مواقف السعودية والعمل بكل جهد لإيقاف هذه الحرب الظالمة على شعبنا في غزة؛ ومحاولة إبعاد «حماس» عن السياسة الإيرانية التي كشفت أحداث هذه الحرب حقيقة الأهداف الإيرانية البعيدة عن الشعارات.
لا بد من العمل الجماعي القوي لإبعاد التسلّح النووي في المنطقة، وتحييد السلاح النووي الإسرائيلي مستفيدين من تصريحات ذلك الوزير الأهوج لإعطاء الدليل على إمكانية استخدام اسرائيل للسلاح النووي، التنسيق مع مصر ضروري جداً في هذا الشأن، فالخليج ومصر يملكان الكثير للدفاع عن فلسطين وعن الأمن القومي العربي.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي