لدخول حقبة جديدة أكثر سلامة وكفاءة واستدامة

التحول الرقمي في «نفط الكويت»... إستراتيجية للمستقبل

تصغير
تكبير

- العيدان: التطور الذي نشهده سيقود الصناعة النفطية إلى عصر جديد من الابتكار والاستدامة والنمو
- «نفط الكويت» من الشركات الرائدة في التحول الرقمي
- المنيفي: رؤية «نفط الكويت» استغلال التقنيات الجديدة لتحسين وتطوير عملياتها
- الزعابي: التحول الرقمي يعزّز ثقافة الإبداع والابتكار

باتت مشاريع الخدمات الرقمية والإلكترونية من العوامل الأساسية لتحقيق النمو والإنجاز في القطاعات كافة، ومنها القطاع النفطي الذي يتطور بشكل كبير من خلال اعتماد تقنيات ذكية ورقمية للارتقاء بخدماته وكذلك مهارات العاملين به، فضلاً عن تعزيز الكفاءة التشغيلية والأداء، ودفع عجلة الابتكار.

وفي هذا السياق، اجتازت شركة نفط الكويت شوطاً كبيراً في رحلة التحوّل الرقمي، والتي تسعى من خلالها إلى الاستجابة الفورية للتحديات الجديدة، وزيادة قدرتها الإنتاجية، لتحقيق الهدف الإستراتيجي المتمثل بإنتاج 3.650 مليون برميل نفط يومياً بحلول عام 2040.
وتطلب هذا الأمر زيادة التركيز على الاستعانة بالتقنيات والبرمجيات الجديدة ورقمنة المعلومات والبيانات، والاستفادة من الأنظمة الإلكترونية في إدارة العمليات بمختلف قطاعات الشركة.

وكانت «نفط الكويت» قد أطلقت في شهر يونيو 2023 إستراتيجيتها في التحول الرقمي، في مؤتمر «مجرة البيانات الضخمة Big Data Galaxy» الذي جمع نخبة من الخبراء والمختصين في الصناعة النفطية تحت شعار «رسم ملامح صناعة النفط والغاز»، لتعزيز استغلال التكنولوجيا في القطاع النفطي الذي يعتبر الرافد الأساسي لاقتصاد الكويت.
وجاء المؤتمر متماشياً مع إستراتيجية دولة الكويت في التحول الرقمي الشامل بجميع القطاعات، ويعد المؤتمر الأول والأكبر من نوعه، حيث شارك فيه عدد من نواب الرئيس التنفيذي ومديري المجموعات ورؤساء فرق العمل في الشركة، إضافة إلى نخبة من المسؤولين في شركات «شل» و«ويذرفورد» و«هاليبرتون» و«بيكر هيوز» و «أس أل بي»، وعدد كبير من المختصين والمدعوين.

مواجهة التحديات

وأكد الرئيس التنفيذي لـ«نفط الكويت» أحمد العيدان أن المؤتمر ركّز على التعاون والشراكات بين الشركات، فضلاً عن معالجة التحديات التي تواجه صناعة النفط والغاز.

وقال العيدان إننا نقف اليوم على أعتاب حقبة جديدة استحوذت فيها التطورات المتسارعة بميدان التكنولوجيا على كل جوانب حياتنا، حيث تؤثر البيانات في القرارات والاقتصادات والمجتمعات.

وأوضح أن صناعة النفط والغاز أصبحت تلعب دوراً حيوياً في تشجيع ونمو وتطور الدول، ونحن اليوم نمر في منعطف تتلاقى فيه التكنولوجيا والبيانات، ما يفتح أمامنا فرصاً وكفاءات غير مسبوقة.

وشدد العيدان على أن التطور الذي نشهده سيقود الصناعة النفطية إلى عصر جديد من الابتكار والاستدامة والنمو، مشدداً على ضرورة اغتنام الفرصة للاستفادة من البيانات الضخمة والتقنيات الرقمية لإعادة صياغة طريقة استكشاف واستخراج وإدارة الموارد الهيدروكربونية.

وأكد أن «نفط الكويت» كانت من أولى الشركات الرائدة في التحول الرقمي، حيث بدأت رحلتها نحو حقول النفط الرقمية منذ العام 2000، من خلال برنامج الحقل الرقمي المتكامل «KwiDF»، والذي يهدف إلى استخدام الرقمنة في الحقول المنتجة للمواد الهيدروكربونية لتوفير أحدث التقنيات وخلق بيئة عمل تعاونية.

ورأى العيدان أنه ينبغي على الجميع العمل معاً لصياغة مستقبل تعمل فيه البيانات الضخمة والتحول الرقمي على تمكين قطاع التنقيب والإنتاج من تحقيق الازدهار في عالم سريع التغيّر.

40 عاماً من التميز

وحرصت «نفط الكويت» خلال رحلتها الرقمية التي تتخطى 40 عاماً على التميّز ووضع إستراتيجية مستقبلية، لتكون في الطليعة دائماً بمجال الاستفادة من أحدث نظم تكنولوجيا المعلومات، وهي تواصل الابتكار والتحسين والتطوير لتلبية احتياجات الأعمال المتزايدة.

ويتم ذلك من خلال اعتماد أحدث التقنيات والمنصات الإلكترونية لتحسين مستوى الخدمة والإنتاجية والكفاءة، والوصول إلى أحدث إصدارات المنتجات واستخدام بنية إلكترونية أكثر قوة، وتعزيز القدرات التكنولوجية من خلال الحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي، إضافة إلى التعلم الآلي، ورقمنة العمليات عبر الروبوت البرمجي، وتقنيات التنقل، وتحليلات البيانات.

مشروع رائد

ومن قصص النجاح المستمرة في التحول الرقمي، مشروع حقل الكويت الذكي المتكامل (KwIDF)، وهو مشروع تكنولوجي ضخم تم تطبيقه في عدد من حقول النفط والغاز الكويتية لتحويلها إلى حقول رقمية ذكية متكاملة، وأثبت كفاءته في زيادة أعمار المكامن النفطية ورفع مستوى الإنتاج وتخفيض التكلفة التشغيلية.

ويتم حالياً تعميم هذه التقنية بشكل أوسع، حيث تم ربط نحو 2300 بئر نفطية بمشروع الحقل الرقمي الذكي من خلال إطلاق النسخة الأولية من المشروع لحقول غرب الكويت، وجنوب وشرق الكويت، وحقول النفط الثقيل في شمال الكويت.

كما تم تطبيق تقنية إنترنت الأشياء اللاسلكية طويلة المدى على 1350 بئراً نفطية، علماً أنها تعمل على ربط الأجهزة عبر مسافات طويلة، حيث تم تطويرها لإنشاء شبكات منخفضة الطاقة وواسعة النطاقLong-Range) Communication Technology).

كما تم إطلاق تقنية النظم المتكاملة لإنشاء البئر النفطية لجنوب وشرق الكويتSEK Integrated Well) Delivery System)، ومشروع البرنامج التدريبي للمواهب (Digital Talent Program) لخطة تطوير القدرات الرقمية الوطنية في مجال التحول الرقمي، والتي تم من خلالها تدريب أكثر من 200 مستخدم لأنظمة الحقول الذكية المتكاملة.

وهناك أيضاً مشروع الحوسبة السحابية الخاصة والمصممة لنشر ودمج وإدارة تطبيقات الاستكشاف والإنتاج المتطورة على الحوسبة السحابية (KWIDF Cloud Solution)، واتخاذ مبادرات لتقنية البيانات ودمجها في مستودع البيانات المركزي (Enterprise Data Management).

وتؤكد هذه المشاريع كلها الدور الرائد لمجموعة الابتكار والتكنولوجيا واهتمامها الكبير بدعم العاملين بالقطاع النفطي وتزويدهم بأحدث التكنولوجيا في إطار منظومة حلول شاملة تهدف إلى تحقيق القيمة المضافة، وترتكز على الإبداع والابتكار، وتعمل على توسيع نطاق المفاهيم والتقنيات المبتكرة وتسخير التكنولوجيا الذكية لتطوير نظام العمل للارتقاء بالأداء ورفع مستوى الإنتاج، فضلاً عن تأهيل الكوادر البشرية وصناعة الفرص والحلول التي ترسم مستقبلاً أكثر ازدهاراً للأجيال القادمة، وذلك تماشياً مع الخطة الإستراتيجية للشركة.

تغييرات كبيرة

من جهته، قال نائب الرئيس التنفيذي للغاز والابتكار بدر المنيفي إن صناعة النفط والغاز شهدت خلال السنوات القليلة الماضية تغييرات كبيرة، وبالتالي فإن من الأهمية بمكان التكيّف مع تلك التغييرات، وتبني تقنيات جديدة كي تبقى «نفط الكويت» في صدارة الشركات العاملة بهذا المجال.

وأكد المنيفي أن رؤية الشركة تتمثل في استغلال التقنيات الجديدة لتحسين وتطوير عملياتها وتعزيز الكفاءة والاعتمادية مع توفير دعم قوي ومميز، قائلاً: «تحقيق تلك الأهداف من خلال جملة من الاستثمارات في تطوير مواهب العاملين الكويتيين بالشركة وتبني أحدث التقنيات مثل إنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، والحوسبة السحابية».

وأضاف المنيفي أن بناء الثقافة الرقمية في «نفط الكويت» يعتمد على عدد من الركائز في مجالات الابتكار والتطوير المستمر، مع التشجيع على ثقافة التجريب والتعلم، مؤكداً ثقته بأن ثقافة رؤية الشركة وإستراتيجيتها ستمكنانها من البقاء في طليعة الشركات الرائدة بصناعة النفط والغاز.

وقال إنه سيتم تحسين وترقية إستراتيجية الشركة من خلال التحليلات المتقدمة والأتمتة والصيانة التنبؤية، وهو ما لن يؤدي إلى تحسين كفاءة عمليات الشركة فحسب، بل سيساعد على تحديد وتخفيف حدة أي مخاطر محتملة.

جملة مبادرات

أما مدير مجموعة الابتكار والتكنولوجيا في «نفط الكويت» حمد الزعابي فقال إن الشركة عملت على تطوير إستراتيجيتها العام الماضي، وكانت لديها جملة من المبادرات، في حين يجري العمل على إنجاز نسبة 17 في المئة من المشاريع المزمع تنفيذها في مناطق عمليات «نفط الكويت».

وأضاف أن من شأن التحول الرقمي في الشركة أن يعزز ثقافة الإبداع والابتكار اللتين تعدان من الركائز الأساسية في عملية التطوير، مؤكداً أن أهم أولويات «نفط الكويت» تطوير الكوادر الوطنية والاستثمار بهم في مجال الذكاء الاصطناعي.

وتندرج خطط «نفط الكويت» ضمن الخطط الإستراتيجية للتحول الرقمي في جميع دوائر وقطاعات مؤسسة البترول الكويتية وشركاتها التابعة، حيث تم إجراء دراسة تحت مظلة المؤسسة لإنشاء إستراتيجية تحول رقمي لكل شركة على حدة، كما تم وضع خطة عمل لتطبيق الإستراتيجية دخلت فعلاً حيّز التنفيذ هذا العام.

وتم كذلك إنشاء لجنة لتطبيق ومتابعة إستراتيجية نظم المعلومات للشركات النفطية لعام 2040، تشارك فيها جميع الشركات التابعة لمؤسسة البترول، وتم توزيع المشاريع على الشركات بناء على خبرة كل منها وتجربتها في تنفيذها، وقد بات لمجموعة تكنولوجيا المعلومات المشتركة في «نفط الكويت» النصيب الأكبر من هذه المشاريع التي تساهم في تنفيذ إستراتيجية القطاع النفطي.

وتشدد «نفط الكويت» على أهمية مبدأ التكامل الإستراتيجي بين مؤسسة البترول وشركاتها التابعة في مجال تكنولوجيا المعلومات.أما أبرز المشاريع الرقمية التي تعمل عليها مجموعة تكنولوجيا المعلومات المشتركة، فمنها ما لا يزال في طور الإعداد والتحضير، مثل شبكة جيل المستقبل «Next Generation Network»، والجيل المستقبلي من تخطيط موارد المشاريع «Next Generation ERP»، والأمن السيبراني المحسّن «Enhanced Cyber Security»، وتمكين السحابة «Cloud Enablement».

خطوات ونتائج

اتخذت «نفط الكويت» خطوات واضحة نحو تبسيط وتوحيد العمليات المؤسسية من خلال تبني أفضل الممارسات، والتركيز على الربط بين الأنظمة الحالية للعمل بفاعلية أكثر (Integration & Automation)، في حين تم اتخاذ مبادرات لتقنية البيانات ودمجها في مستودع البيانات المركزي من أجل إقامة بنية تحتية قوية تتناسب مع حاجة العمل وتسفر عن نتائج واضحة.كما تقوم مجموعة الابتكار والتكنولوجيا سنوياً، من خلال نظام (E-Proposal)، بتقييم ما لا يقل عن 150 تقنية حديثة واعدة يتم اختبارها وتطبيقها على شكل دراسات ومشاريع تجريبية على أرض الواقع.وفي حين أن تكلفة المحطات التجريبية (Pilots) تكون عادة مرتفعة، إلا أن النتائج والمعلومات التي يتم الحصول عليها منها تكون ذات فائدة كبيرة من حيث تقديم الحلول للتغلب على التحديات التي تواجه الإنتاج، وهو ما يؤدي إلى خفض ملحوظ في المصاريف التشغيلية عند نجاح تلك المحطات وتعميم نتائجها على نطاق تشغيلي واسع.

13 مليار دينار مشاريع «نفط الكويت» حتى 2027 /2028

قال العيدان إن الطاقة الإنتاجية للنفط في الكويت تتجاوز 2.8 مليون برميل يومياً الآن، وستصل إلى 3 ملايين برميل في العام 2025، موضحاً أن الكويت ملتزمة بالتخفيضات التي أقرتها منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» ومجموعة «أوبك+».

وأكد العيدان أن «نفط الكويت» والشركة الكويتية لنفط الخليج ملتزمتان بتحقيق إستراتيجية الكويت التي تهدف إلى الوصول لقدرة إنتاجية تبلغ 4 ملايين برميل يومياً في العام 2035.

وأشار إلى أن الشركة تعتزم إنفاق ما يقارب 13 مليار دينار على مشاريعها النفطية في غضون السنوات الخمس المقبلة حتى 2027 /2028.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي