الأموال المتداولة سجّلت ثالث أدنى مستوى لها في 5 سنوات وكمية الأسهم الأقل

مَنْ يُعطّل تطور «بورصة الكويت»...؟

تصغير
تكبير

- السيولة المتداولة تراجعت في 8 أشهر 40 في المئة مقارنة بـ 2022 لتصل 6.74 مليار دينار
- 10 أسباب وراء خفوت وهج التعاملات يتقدّمها غياب الأدوات الاستثمارية وتنوّع المنتجات
- التشدد الرقابي يقلق المتداولين ويدفع بعضهم للخروج من السوق بحثاً عن مناخ يُلائم توجهاتهم
- بعض الأسواق وأبرزها السعودية تُنافس نفسها لتوفّر عوامل الدعم وجذب المستثمرين

لم تُحقّق بورصة الكويت كسوق أسهم له ثقله في المنطقة الأهداف التي تتطلع لها الأوساط المالية الاستثمارية خلال آخر عامين على صعيد التنوع الاستثماري وتوفير المناخ الملائم لاستقطاب سيولة إضافية بخلاف المعتاد تحركها يومياً.

وتكشف الأرقام والإحصائيات التي رصدتها جهات استثمارية لـ«الراي» تراجع معدل السيولة المتداولة منذ بداية العام أي خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2023 إلى ثالث أدنى مستوى له منذ 5 سنوات (منذ 2019)، فيما سجلت كمية الأسهم المتداولة أدنى حدود لها خلال الفترة نفسها.

وأظهر بلوغ السيولة حتى إقفالات أغسطس الماضي 6.74 مليار دينار، بكمية تصل إلى 25.14 مليار سهم، وبتراجع يقارب 40 في المئة للأموال المتداولة عن الفترة المقابلة من العام الماضي التي استقطبت خلال البورصة تعاملات بقيمة 10.8 مليار دينار بكمية تبلغ 40.9 مليار سهم.

وبالنظر إلى الأرقام التي تم رصدها يتضح الفارق وتطور معدلات التداول في البورصة إذ بلغت قيمتها خلال أول 8 أشهر من العام 2019 نحو 5.32 مليار دينار، بكمية تصل إلى 25.93 مليار سهم (ما يعني أن أدنى مستوى لكمية التداول جاءت منذ بداية تعاملات العام الجاري).

وفي العام 2020، حقّقت السيولة المتداولة 5.44 مليار دينار بكمية تبلغ 27.19 مليار سهم، وخلال 2021 بلغت القيمة المتداولة 8.49 مليار دينار، بكمية تصل إلى 52.91 مليار سهم، فيما القيمة إلى 10.8 مليار دينار خلال العام 2022 وهي الأعلى منذ 5 سنوات مضت.

ولكن ما الذي وصل بالمشهد الحالي لتعاملات البورصة إلى هذا الحد؟

تقول مصادر استثمارية لـ «الراي»: يبدو أن هناك حزمة عوامل تقف وراء هذا الوضع، أبرزها:

1 - غياب الأدوات الاستثمارية المساعدة على تجديد السيولة واستقطاب المؤسسات المالية والمتعاملين المحليين والأجانب، إذ لوحظ تراجع اهتمام المتداولين الكبار بالسوق في ظل غياب التنوع بالأدوات وغياب المبادرات التي تتعلّق باعتماد مشاريع جديدة من شأنها أن تزيد من زخم التعاملات وتوفّر مساحة أكبر وبدائل جيدة لأصحاب رؤوس الأموال.

2 - غياب الإدراجات النوعية التي تمثّل فرصاً استثمارية إضافية وواعدة للأوساط المالية بالبورصة، إذ يقع السوق الكويتي بذيل قائمة أسواق المنطقة الكُبرى على مستوى الإدراجات النوعية، في حين أن السوق السعودي مثلاً يدرج سنوياً عشرات الشركات التشغيلية.

3 - غياب الوعي الترويجي المناسب للسوق الكويتي، إذ يتطلّب الأمر تعاون وتذليل العقبات أمام الأوساط الاستثمارية والشركات المرخص لها لجذب كيانات ومؤسسات وصناديق جديدة إلى الكويت، وليس التفرّغ للتعطيل وتصيد الأخطاء.

4- اختفاء غالبية السيولة الساخنة التي تمثل«ملح السوق»حيث كانت تستحوذ على نصيب وافر من التداولات اليومية، بل وكانت سبباً بجذب شريحة كبيرة من المتداولين الأفراد ومن ثم تُنشط مشاركة الصناديق وكبار اللاعبين.

5 - ألقت مخالفة الشركات والأفراد بشكل مستمر عبر تضييق الخناق على أيّ شبهات من قبل الجهات الرقابية بظلالها على السوق ما أحدث ربكة وبات التخوف والقلق من التشدّد السمة السائدة.

6 - فضل جانب من أصحاب رؤوس الأموال النأي بأنفسهم عن السوق وربما الخروج منه بعد تكثيف الطلبات والمستندات الثبوتية لحركة أموالهم من قبل الرقابة بل وتقديم شهادات وأوراق معتمدة توضح مسارها.

7 - أدّى تعرّض قائمة كبيرة من المحللين لعقوبات من قبل الجهات المسؤولة إلى زعزعة ثقة المتداولين الأفراد ممَنْ كانوا يتابعون هؤلاء بسبب قلة القنوات الرسمية التي توفّر النصائح والتحليلات الفنية اللازمة حول الأسهم المدرجة.

8 - نجاح بعض الأسواق في إغراء العديد من المستثمرين الكويتيين للانتقال إليها بعد عرض بدائل استثمارية وأدوات ومنتجات كفيلة بتوفير بيئة مواتية، منها السوق السعودي الذي يشهد تحدياً للذات في إطار تعاون غير مسبوق ما بين هيئة سوق المال السعودية و«تداول».

9 - هناك العديد من الحسابات الاستثمارية التي أثّرت في مسار التعاملات لسنوات تواجه اليوم حالة من الجمود والخمول لأسباب مختلفة، منها التخوّف من الوقوع في أخطاء ولو غير مقصودة تواجه على أثرها عقوبات تثير الشكوك من حولها.

10 - خروج نصيب وافر من المحافظ الاستثمارية من السوق الكويتي بحثاً عن بيئة ملائمة لأهدافهم بأسواق أخرى، منها السوق السعودي والإماراتي وغيرها.

وقالت المصادر:«لقد أصبحت الجهات الرقابية مُطالبة بتوفير تطمينات كفيلة باستقطاب الأموال، والعمل على تشجيع الإدراجات وفتح نقاشات موسّعة مع الحكومة لطرح شركات جديدة من خلال تسهيلات كاملة، بما يضمن مشاركة القطاع الخاص، وبالتالي إثراء السوق المحلي».

وألمحت المصادر إلى أن تعاون الجهات الرقابية مع الشركات والتقليل من حدة الإجراءات وعدم التعامل بمرونة لا بفوقية من قبل البعض بمَنْ فيهم مفتشون ميدانيون سيكون له أثره الإيجابي في تلميع سوق الأسهم وتحوّله إلى هدف جيد للمستثمرين الأجانب والإقليميين والمحليين الذين يتخوّفون من المشهد الرقابي حالياً.

وذكرت المصادر أن السوق يفتقر إلى روح المبادرة والعمل الجماعي للنهوض به، في الوقت الذي يبدو أن الحكومة تضع مثل هذه الملفات في آخر اهتماماتها، منوّهة إلى أن الأمر يتطلّب معالجات جريئة وطرح الرؤى الناجعة للنهوض بالبورصة التي تُمثل مرآة للاقتصاد الوطني.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي