كثيرة هي القصص المُلهمة عن نهضة سنغافورة وتحوّلها من جزيرة صائدي الأسماك إلى لؤلؤة شرق آسيا الساطعة، إلا أنني على قناعة تامة بأن السبب الرئيسي لقيامها من العدم هو تسويق نفسها بقوانين دعم لا محدود للمستثمرين، فجذبت الشركات العالمية التي انتشلتها من مستنقعاتها وحولتها إلى أحد أهم مراكز المال في العالم، ومن أغنى دول العالم من حيث احتياطات العملة الصعبة، وأكبر مصدري العملة الأجنبية.
قصة سنغافورة صارت مثالاً يحتذى به والأمثلة كثيرة ولكن لن أذهب بعيداً، إمارة دبي في الإمارات العربية الشقيقة كررت التجربة ونجحت، ولاتزال الإمارات تواصل الخطة نفسها من خلال طرح برنامج الإقامة الذهبية للمستثمرين والشركات، لتصنف بأنها أفضل الدول من حيث سهولة ممارسة الأعمال التجارية، ووجهة جذابة للمستثمرين.
المملكة العربية السعودية سجلت دخولها أخيراً وركبت السكة لتحقق بوقت قصير المستحيل وتمكنت من جذب أكثر من 70 شركة عالمية نقلت مقراتها الإقليمية إلى العاصمة الرياض، بدعم ومشاركة 25 جهة حكومية من خلال برنامج «جذب المقرات الإقليمية»، ومن المتوقع أن يسهم البرنامج بإضافة نحو 67 مليار ريال للاقتصاد المحلي، وأن يوفر 30 ألف فرصة عمل جديدة بحلول عام 2030.
رغم كل ما يحدث من حولنا ورغم قناعتنا المطلقة بأنها الخطة المثالية، إلا أننا في الكويت نقف متفرجين ومصفقين لنجاحات غيرنا وكأن هذا ما نجيده، وما يزيد حسرتنا أن كل الإمكانيات متوافرة فلو قررت الحكومة الكويتية فتح باب الاستثمار في الجزر البحرية لأحدث القرار ضجة يصل صداها العالم بسبب موقعها الجغرافي المتميز.
إقليمنا يزدهر والعالم يراقب والصين تنتظر فتح الباب، وخطة تطوير الجزر والمنطقة الحرة موجودة في الأدراج، إلا أن كل ما فعلناه هو تغير شعار الدولة من دولة الكويت إلى الكويت الجديدة.
الآن، وبعد أن اتسعت الفجوة بيننا وبين السعودية والإمارات وقطر، بدأ الكثير من الكويتيين يتساءلون...
إذا كانت الحكومة الجديدة ترفع شعار تصحيح المسار وخطة التنمية 2035، ومجلس الأمة الجديد يزعم أنه جاهز ومنفتح ومتعاون، فما نحن منتظرون؟
ولماذا مازلنا «كويت قديمة بشعار جديد»؟