«حزب الله» حسَمها... يشارك في جلسة 14 الجاري ويصوّت لفرنجية
لودريان عاد إلى الـ «تايتنيك» اللبنانية... فرنسا «تصحّح» مقاربتها الرئاسية
- ترقُّب زيارة قريبة للودريان إلى بيروت و«الممانعة» لا ترتاح إليه
تَكامَلَ إعلانُ رئيس البرلمان نبيه بري «نزوحَ» فريق الممانعة عن الورقة البيضاء لمصلحة التصويت بالاسم لمرشحه سليمان فرنجية، مع تأكيد «حزب الله» المشاركة في جلسة الانتخاب في 14 الجاري، ليشكّلا معطييْن قطعا الطريق على سيناريويْن ظلّلا هذه المحطة وقاما على احتمال مقاطعتها من الثنائي الشيعي لتطييرها من أصلها كما إمكان الاختباء خلف «الستارة البيضاء» لتمويه أي فارق في الأصوات بين زعيم «المردة» (فرنجية) والمرشح الذي ستخوض عبره غالبية المعارضة المنازلة الرئاسية بتقاطُع مع «التيار الوطني الحر» أي الوزير السابق للمال جهاد أزعور.
وقَطَعَ «حزب الله» أمس الشك باليقين بعد اجتماع كتلته البرلمانية التي أكدت أنّ «أعضاءها سيشاركون في الجلسة النيابية المقرَّرة لانتخاب الرئيس في 14 يونيو، وسيصوّتون لمصلحة المرشح الرئاسي سليمان فرنجية متمنّين له الفوز وللبنان الاستقرار والنهوض»، مشددة على أنّ «مصلحة الجميع تكمن في إبقاء سبل الحوار مفتوحة ودون شروط مسبقة»، ومكررِّة أن دعمها لزعيم «المردة» ينطلق من أنه «مرشح طبيعي مُطَمْئِن لفئة كبيرةٍ من اللبنانيين، ومتصالحاً مع جميع فئاتهم ودعمُه لا يشكّل تحدّياً لأحد، ويملك الأهليّة لمقاربة المعالجات المطلوبة لكثيرٍ من المسائل الشائكة والضاغطة في البلاد ومنها مسألة النازحين السوريين وتصويب العلاقة مع سورية وترميم العلاقات مع عددٍ من دول المنطقة والعالم».
وبموقف «حزب الله» وقَبْله بري، تكون الأيامُ الفاصلةُ عن الأربعاء المقبل فسحةً لمحاولة «تدوير الأرقام» عبر الرهانِ على كتلة المتردّدين أو الرماديين لضمانِ عدم تبلْور فارقٍ وازن ٍبالعَشرة وما فوق بين فرنجية وأزعور الذي تشير معطياتٌ إلى أنه ينطلق من قاعدة أصوات أعلى من زعيم «المردة»، وإن مع صعوبةِ تَصَوُّر أن يفجّر مفاجأة نيْل أكثرية النصف زائد واحد (65 صوتاً) التي وإن لم تكن كافية لإعلانه رئيساً في الدورة الأولى إلا أنها ستكون تطوراً لا يمكن القفز فوقه ويحشر الثنائي الشيعي في زاوية اتهامه بحبْس الاستحقاق بحال عطّل الدورة الثانية رفْضاً لخسارة فرنجية «بالنقاط».
ووفق أوساط سياسية، يشير تأكيدُ «حزب الله» حضورَ الجلسة والتصويت لفرنجية إلى اطمئنانٍ لأن مسارها سيبقى مضبوطاً تحت سقف «التوازن السلبي» الذي تعزّزه خلافات داخل تكتلات في المعارضة (مثل النواب التغييريين) أو في كتلٍ من «الحلفاء القدامى» للحزب مثل «التيار الوطني الحر» الذي تحوّلت محطة 14 الجاري اختباراً لِما إذا كان رئيسه جبران باسيل قادراً على ضمان تصويت أكثرية «النصف زائد واحد» في كتلته لمصلحة أزعور التزاماً بقراره.
كما أن رهان فريق الممانعة يبقى على أن نواباً متردّدين أو يقفون في منطقة الوسط، وحتى بعض نواب كتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، يمكن أن يتفادوا الوقوف على خط الصدَع الرئاسي محبّذين ترْك الباب مفتوحاً ولو مواربةً لمزيد من التشاور حول الملف الرئاسي، وسط تَوقُّف الأوساط عند إمكان لجوء عدد من النواب السنّة في المعارضة إلى اعتماد خيار التصويت لمرشح ثالث، ما قد يستقطب أيضاً أصوات نواب آخَرين ويشتّت جبهة الرفض لفرنجية ويسمح بتعادل سلبي بين الأخير وأزعور «لن يبدّل شيئاً في حسابات«حزب الله»، وفق عارفين في كواليس الملف الرئاسي لدى فريق الممانعة.
وإذا كان مسار الجلسة الأولى بات شبه معلوم وسيخلص، ما لم يطرأ تطور غير محسوب، إلى لا انتخاب رئيس يُتبع بتطييرٍ مرجَّح لنصاب الدورة الثانية من قوى الممانعة، لم تُسْقِط دوائر سياسية من حسابها أن يكون حسْم الثنائي الشيعي المشاركة في جلسة 14 الجاري وإسقاط اسم فرنجية في صندوقة الاقتراع هو في سياق«تثبيت» ترشيحه «على الورقة والقلم» بمواجهةِ خلْط الأوراق الذي شكّله تعيينُ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وزير الخارجية السابق جان - إيف لودريان مبعوثاً شخصياً إلى لبنان في محاولةٍ جديدة لإنهاء الأزمة الرئاسية.
ولم يكن ممكناً التعاطي مع خطوة ماكرون إلا على أنها بمثابة «تصفيرٍ» لمهمة الفريق السابق الذي كان مكلفاً من الاليزيه بإدارة الملف الرئاسي في لبنان بقيادة باتريك دوريل وايمانويل بون وبرنارد ايمييه والذي وفّر «رافعةً» لزعيم «المردة» بوصْفه «الحل الممكن» وعلى قاعدة مقايضةٍ بينه وبين موقع رئاسة الحكومة بحيث تؤول لقريب مما كان يُعرف بقوى 14 مارس هو نواف سلام، وهو الموقف الذي أثار استياءً مسيحياً كونه لا يُراعي أولاً الرفض العارم لترشيح فرنجية ثم شبه الإجماع المسيحي على دعْم ترشيح أزعور.
وفيما أعلن الاليزيه، تعيينَ لودريان «من أجل التبادل مع جميع الذين يمكنهم في لبنان كما في الخارج المساهمة في إخراجه من الأزمة»، وسط ترقّب موعد زيارته سريعاً لبيروت على أن يقدّم بعدها «تقريراً ومقترحات عملية الى وزيرة الخارجية كاترين كولونا والى رئيس الجمهورية»، توقفت الأوساط السياسية عند ما نُقل عن مستشار لماكرون من أن لودريان كُلف المساعدة في إيجاد حل «توافقي وفعال» للأزمة اللبنانية، الأمر الذي تعاطى معه رافضو خيار فرنجية على أنه بداية مسارٍ تصحيحي للتموْضع الفرنسي على خط الملف الرئاسي.
ورأت المصادر أن «إعادة الانتشار» الفرنسية التي أعقبت زيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لباريس ولقائه ماكرون لا تعني بأي حال تعزيز التفاؤل بتقصير عمر الأزمة الرئاسية، بل على العكس قد يكون شخص لودريان محط ارتياب من فريق الممانعة الذي لا يستسيغ أداء ومواقف سابقة لوزير الخارجية الفرنسي عندما كان في منصبه، مع الإشارة إلى أن اللبنانيين انطبع في ذهنهم توصيفان للودريان للوضع في «بلاد الأرز»، أوّلهما أن الأخيرة تواجه «خطر الزوال» وقد أطلقه بعد تفجير مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020 وغياب حكومة مكتملة الصلاحيات، والثاني في ديسمير من العام نفسه حين قال «إن الانهيار السياسي والاقتصادي في لبنان يشبه غرق سفينة «تايتنك» لكن من دون موسيقى».
وكان تعيين لودريان محور لقاء وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب مع نظيرته الفرنسية على هامش الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي لهزيمة «داعش» المنعقد في الرياض، حيث أكدت كولونا أن البحث«تناول الضرورة المُلحة والطارئة لإنجاز الإصلاحات، ومهمة وزير الخارجية الفرنسي السابق الذي قد يزور لبنان سريعاً في يونيو الجاري».
ونقل بوحبيب عن كولونا انه "ليس لفرنسا مرشح رئاسي، بل ما يهمّها أن يصبح للبنان رئيس للجمهورية ولا سيما في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة»، وان لودريان «سينشط ليسرّع في مسارِ انتخاب رئيس للبنان».
ورجّحت أوساط في بيروت ان يكون لقاءُ كولونا مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، في الرياض، تَناوَلَ أيضاً الملف اللبناني كون البلدين هما عضوان في «مجموعة الخمس» الدولية حول لبنان مع كل من الولايات المتحدة ومصر وقطر.