الوكالة لفتت إلى أنها سترفع التقييم إذا تحسنت آفاق التنويع المالي والاقتصادي بشكل كبير
«موديز»: تصنيف الكويت ائتمانياً مدعوم بالاحتياطيات المالية الضخمة.. بشكل استثنائي
- الميزانية العمومية ستحافظ على قوتها بالمدى القريب
- النظرة المستقبلية المستقرة للبلاد تعكس مخاطر متوازنة
- إدارة السياسة النقدية تتسم بالمصداقية والفعالية
- تأخر بشكل كبير في التقدم بالإصلاحات المالية والاقتصادية
- النمو الاقتصادي والناتج المحلي الأسمي أكثر تقلباً من الدول النظيرة
أفادت وكالة «موديز» لخدمات المستثمرين بأن الوضع الائتماني للكويت مدعوم بالاحتياطيات المالية، الضخمة بشكل استثنائي التي تمتلكها الدولة إلى جانب احتياطيات نفط وغاز هائلة بتكاليف إنتاج منخفضة، ومستويات دخل عالية للغاية.
مع ذلك، تشير الوكالة إلى أن الكويت تعتمد بشكل كبير للغاية على النفط وتنكشف على مخاطر التحول عن الكربون على المدى الطويل، إضافة إلى البيئة السياسية الصعبة التي تعوق قدرتها على مواجهة هذا التحدي تدريجياً. وتعكس النظرة المستقبلية المستقرة مخاطر متوازنة على التصنيف.
قد يؤدي التنفيذ الفعال للإجراءات للحد من انكشاف الحكومة على إيرادات النفط وتنويع الاقتصاد، والذي لا تضعه «موديز» في الاعتبار حالياً في افتراضاتها الأساسية للسنتين القادمتين على الأقل، إلى رفع المرونة الائتمانية أمام تقلبات أسعار النفط.
على النقيض من ذلك، قالت «موديز» إن تسارع خطوات دول العالم نحو التحول عن الكربون والانتقال إلى طاقة نظيفة يقلل الطلب على النفط ويخفض أسعاره، من شأنه أن يؤثر على الوضع الائتماني للكويت على المدى الطويل، لاسيما في غياب الإصلاحات المالية والاقتصادية.
رفع التصنيف
وأضافت «موديز» أنها قد ترفع التصنيف الائتماني للكويت إذا تحسنت آفاق التنويع المالي والاقتصادي بعيداً عن النفط بشكل كبير، ما يؤدي بدوره إلى زيادة تقييمها لمرونة الدولة السيادية في مواجهة مخاطر التحول عن الكربون على المدى الطويل، مفيدة أن أي تحسن إيجابي يطرأ على العلاقة بين الحكومة ومجلس الأمة يعزز فعالية السياسة ويزيد قدرة الحكومة ما من شأنه أن يرفع تصنيف الكويت أيضاً.
وبيّنت الوكالة أنها قد تخفض التصنيف الائتماني للبلاد إذا كان مرجحاً أن تضعف القوة المالية للحكومة بشكل كبير على المدى المتوسط، وقد يكون هذا السيناريو وارداً إذا أدى عدم القدرة على تنفيذ الإصلاحات إلى عجز مالي واسع النطاق مع انخفاض أسعار النفط، وصاحب ذلك ارتفاع ملحوظ في الديون أو انخفضت احتياطيات الثروة السيادية. وفي هذا الصدد، ترى «موديز» ضرورة إقرار قانون الدين العام.
ورغم أن ما يلي مستبعد على المدى القريب، ترى الوكالة أن مخاطر السيولة الحكومية المتجددة، خاصة إذا تم سحب الأصول في صندوق الاحتياطي العام بشكل كبير بسبب العجز المالي الكبير المستمر، من شأنها أيضاً أن تضغط على تخفيض التصنيف الائتماني. قوة اقتصادية وتصنف «موديز» القوة الاقتصادية للكويت عند «a2»، وهي أعلى من الدرجة الأولية «a3» لأن الثروة النفطية الهائلة بما في ذلك على أساس نصيب الفرد، وتكاليف الإنتاج المنخفضة تسمح للموارد المعدنية بأن تكون المحرك طويل الأجل للدخل والثروة.
ومع ذلك، نظراً لاعتماد الكويت على النفط، فإن تسريع الزخم في التحول العالمي عن الكربون من شأنه أن يمارس ضغطاً سلبياً على الاقتصاد الكويتي وماليات الحكومة.
من ناحية أخرى، تمتلك الكويت أكبر نسبة احتياطيات نفط مؤكدة إلى الإنتاج بين دول الخليج، وهي تكفي نحو 90 عاماً بالمعدل الحالي للإنتاج، في حين تعد تكاليف الإنتاج بين أدنى المعدلات عالمياً.
ومع ذلك، فإن اقتصاد الكويت أصغر من الاقتصادات الخليجية الأخرى المصدرة للنفط، واعتماد الكويت الأكبر على قطاع الهيدروكربونات، يجعل من النمو الاقتصادي والناتج المحلي الإجمالي الاسمي يميل إلى التقلب بشكل أكبر من الدول النظيرة.
مؤشرات الحوكمة
تصنف «موديز» القوة المؤسساتية والحوكمة للكويت عند «ba1»، وتوازن هذه الدرجة الضعف في بعض جوانب إطارها المؤسسي وفعاليتها كما يتجلى في مؤشرات الحوكمة الدولية، مقابل قدرة المؤسسات على بناء احتياطيات مالية كبيرة خلال فترات ارتفاع أسعار النفط والاستفادة من هذه الاحتياطيات للحد من تدهور الوضع الائتماني للحكومة خلال فترات انخفاض أسعار النفط.
مقارنة بالعديد من النظراء المنتجين للنفط والغاز، بما في ذلك دول الخليج، قالت «موديز» إن الكويت متأخرة بشكل كبير في تقدمها في الإصلاحات المالية والاقتصادية. رغم أن هذا مدفوع إلى حد كبير بالعلاقة المتصدعة بين الحكومة ومجلس الأمة، والتأخير المستمر في تنفيذ الإصلاحات (مثل تنمية الإيرادات غير النفطية) ومشاريع التنويع يزيد من انكشاف الكويت على مخاطر التحول العالمي بعيد المدى بعيداً عن النفط والغاز.
من جانبها، تتسم إدارة السياسة النقدية بالمصداقية والفعالية، كما يتضح من مستويات التضخم المنخفضة والمستقرة نسبياً منذ فك ارتباط الدينار بالدولار وربطه بسلة عملات غير معلنة (ولو أنه من المرجح أن يكون الدولار مهيمنا على سلة العملات)، واعتبرت «موديز» اللوائح التنظيمية لبنك الكويت المركزي قوية وحصيفة بشكل عام، وتنعكس ذلك في الاستقرار المالي للنظام المصرفي خلال فترات تقلبات الاقتصاد الكلي.
القوة المالية
وتصنف الوكالة القوة المالية للكويت عند درجة «aaa» أخذا بالاعتبار عبء الدين المنخفض للغاية للحكومة والمصدات المالية الكبيرة بشكل استثنائي، ما يساعد على التحوط من تقلبات الإيرادات العالية بالنظر إلى أن 80 في المئة من الإيرادات مستمدة من النفط.
وترى «موديز» أن الميزانية العمومية القوية للحكومة ناتجة عن الفوائض المالية الضخمة التي حافظت عليها في الماضي عندما كانت أسعار النفط و/ أو الإنتاج أعلى مقارنة بالمستويات الحالية.
وحسب تقديراتها، بلغت الأصول المالية الحكومية نحو 290 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي نهاية 2022.
وفي الوقت نفسه، فإن عبء الدين الحكومي منخفض بشكل استثنائي، ويرجع ذلك جزئياً إلى عدم قدرتها على جمع ديون جديدة منذ انتهاء سريان قانون الدين العام في 2017.
وبافتراض حصول الحكومة في نهاية المطاف على موافقة مجلس الأمة على قانون جديد للدين العام، فإن عبء ديونها سيزداد تدريجياً حيث يعود العجز المالي على المدى المتوسط في غياب إصلاحات التنويع عندما تنخفض أسعار النفط إلى 55-75 دولاراً للبرميل على المدى المتوسط حسب تقديرات الوكالة، ومع ذلك، تتوقع أن تحافظ الكويت على قوة ميزانيتها العمومية في المستقبل المنظور.
السيولة الحكومية
وتصنف «موديز» مخاطر السيولة الحكومية في الكويت عند «baa» وتقول إنها توازن توقعاتها أن احتياجات السيولة ستكون محدودة في ضوء أسعار النفط حالياً مقابل تحديات السيولة طويلة الأجل التي قد تنشأ عن عجز مالي أوسع في ظل غياب الإصلاحات المالية وتقييد الوصول إلى الاقتراض (دون تغيير التشريع).
وترى «موديز» أن الموارد الوفيرة في صندوق الاحتياطي العام عند نقطة البداية تحد من مخاطر السيولة. وحول مخاطر القطاع المصرفي الذي تصنفه الوكالة عند درجة «baa»، فيعكس العدوى المحدودة التي يفرضها القطاع على ميزانية الحكومية والوضع الائتماني، ورغم حجمه الكبير. وترى الوكالة أن هذا مدعوم بسجل حافل من الاستقرار المالي، عدا عن كون البنوك تتمتع برسملة وسيولة عاليتين، في ظل تغطية القروض المتعثرة بمخصصات قوية.
من جهة أخرى، تصنف الوكالة مخاطر حساسية التصنيف الائتماني للكويت تجاه الأحداث الخارجية عند درجة «aa»، وترى أن الاحتياطيات الضخمة من العملات الأجنبية التي يحتفظ بها بنك الكويت المركزي والمخزون الضخم من الأصول الأجنبية التي تحتفظ بها الهيئة العامة للاستثمار قادرة بشكل كبير على احتواء أي مخاطر خارجية.
وتتوقع أن تحقق الكويت فوائض كبيرة في الحساب الجاري في المستقبل المنظور بموجب افتراضاتها الحالية لأسعار النفط. النفط الناتج الحقيقي وذكرت «موديز» أن نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في الكويت تعزز عام 2022 بفعل زيادة الإنتاج النفطي بما يتماشى مع أهداف منظمة أوبك والبلدان المتحالفة معها (أوبك بلس). موضحة أنه في عام 2022 زادت الكويت إنتاجها النفطي الى متوسط بلغ 2.75 مليون برميل يومياً أي بزيادة 6 في المئة مقارنة بـ 2.6 مليون برميل يومياً عام 2021. وترافق ذلك مع مزيد من التطبيع للنشاط الاقتصادي غير النفطي مع إنهاء القيود المفروضة بسبب كورونا.
وقدر التقرير أن إجمالي الناتج المحلي الحقيقي سجل نمواً عام 2022 بواقع 8 في المئة في حين سجل القطاع النفطي نموا بأكثر من 10 في المئة والقطاع غير النفطي بما يتراوح بين 3.5 في المئة و 4 في المئة.
وتوقعت الوكالة أن يطرأ انخفاض حاد على نمو إجمالي الناتج المحلي في الكويت بسبب خفض الإنتاج النفطي، وذلك رغم متانة صحة الاقتصاد الكلي في البلاد، لافتاً إلى أن الكويت خفضت إنتاجها النفطي بنحو 135 ألف برميل في اليوم كجزء من قرار «أوبك بلس» بخفض إنتاجها بواقع 2 مليون برميل يومياً ابتداء من نوفمبر2022.
وفي أوائل أبريل الماضي أعلنت الكويت خفضاً إضافياً طوعياً لإنتاجها بـ 128 ألف برميل يومياً بدءاً من مايو وحتى نهاية 2023، وذلك كإجراء احتياطي بالتنسيق مع السعودية وعمان والإمارات.
وتوقع التقرير انكماش إجمالي الناتج المحلي من النفط والغاز هذا العام بمعدل 3-3.5 في المئة، مرجحاً التعويض عن ذلك الانكماش بالنمو الاقتصادي غير النفطي المتين نسبياً. إضافة الى ذلك سيعمل التفاؤل الاقتصادي مدعوماً بأسعار النفط وبدء الإنتاج التجاري للمرحلتين الأولى والثانية في مصفاة الزور في الربع الأخير من العام الماضي والربع الأول من العام الجاري والتنفيذ الجاري لمشاريع القطاع العام على تحفيز النشاط الاقتصادي هذا العام.
الانفاق الطارئ
وتوقع التقرير أن يسجل إجمالي الناتج المحلي الحقيقي غير النفطي نموا هذا العام بمعدل 4-5 في المئة، وأن ينمو هذا الإجمالي بشكل معتدل بواقع 0.5 في المئة الى 1 في المئة. وفي الوقت ذاته توقع التقرير عودة العجز في ميزانية 2023 بسبب الانفاق الطارئ.