هل نعيش زمن انقلاب الموازين، وسيطرة البهتان والظلام على الحق والنور؟
هل انفلت القبح، ليحلّ محلّ الجمال، في النفوس والمشاعر والقلوب والأرواح، لنرى أشباحاً تمشي على الأرض وقد تخلّت عن دينها، ومبادئها الإنسانية، وراحت تعيث في الأرض فساداً، ورياء وكرهاً؟
هل تمكّن الشرّ، من نشر ملامحه الضالة في مفاصل الحياة، محرّكاً الأهواء، إلى طريق الضلال، والبعد عن مشاعر الإسلام؟
هل نعيش بالفعل، في ذلك الزمن الذي يكون فيه القابض على دينه كالقابض على الجمر؟
فعن أنس بن مالك، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يأتي على الناس زمان القابض على دينه كالقابض على الجمر».
أم أننا نعيش الزمن الذي تكون فيه الغلبة والسيطرة للرويبضة؟
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «سيأتي على الناس سنوات خدّعات، يُصَدق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة»، قيل وما الرويبضة يا رسول الله؟... قال: «الرجل التافه يتكلم في أمر العامة».
إننا في ظل ما نراه ونلمسه، من خلال تعاملنا مع بعض الناس من حولنا، سنجد أن هناك مؤشرات كثيرة، تدلّ على أن الساعة قد اقتربت، وأن إشاراتها قد انجلت وانكشفت، وأن الدعوة إلى الجلوس في منازلنا، هي أفضل وسيلة، لنبعد أنفسنا عمّا حاق بالحياة من عتمة وانطفاء للإيمان، الذي هدانا الله إليه، وقرّبه منّا، وأنعم به علينا.
فلقد اتجه الكثير من الناس إلى الماديات، وتجاهلوا روحانيات الدين، بما فيها من حب وسكينة وراحة واطمئنان، إنهم- في معظمهم- يهرولون وراء المصالح الفانية، ويتجاهلون ما أمرنا الله به من التمسّك بالحق، والتسامح، ونبذ كل ما من شأنه أن يعكّر صفو الحياة.
فقد انتشرت الحروب والنزاعات وسفك الدماء، وتشريد الأبرياء من الأطفال والنساء وكبار السن، من دون ذنوب ارتكبوها، غير أنهم بسطاء لا حول لهم ولا قوة في ما فعل السفهاء، الذين يلهثون خلف الخراب والدمار.
بل... إننا نعيش زمن ضياع الأمانة، ما أدخل إلى القلوب الوجل والخوف، وعدم الأمان.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة...، قال: كيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة».
كما نشير- في السياق - إلى ظاهرة الفاشنيستات، التي أرى أنها لن تستمر طويلاً، لأنها ظاهرة دخيلة وغير مقبولة في مجتمعاتنا الإسلامية، خصوصاً في الكويت، البلد الذي يتميّز بحرصه في المحافظة على تعاليم الدين الإسلامي الكريم، حيث إنها من التوافه التي يتبعها البعض من دون وعي.
ولقد بدأت هذه الظاهرة في الظهور مع التطور التكنولوجي الكبير، عبر الفضاء الإلكتروني، وظهور مواقع التواصل الاجتماعي، والصراع المحموم من أجل جذب أكبر عدد من المتابعين للحسابات الشخصية لهؤلاء الفاشنيستات، لأسباب مادية بحتة لا علاقة لها بقضايا المجتمع وهمومه وتطلعاته.
هذه الظاهرة لا تليق بمجتمعنا المحافظ على تعاليمه وعاداته وتقاليده الإسلامية والعربية، وهي من الظواهر السلبية التي يجب محاربتها، ومواجهة المروّجين لها، لأنها مفسدة ودمار لأي مجتمع.
ندعو الله بالهداية لكل من ضلّ عن طريق الحقّ، وأن ينعم الله علينا بالراحة والطمأنينة والسلام.