رهان قليجدار أوغلو على أصوات أوغان يبدو خاسراً
حظوظ أردوغان أقوى في الجولة الثانية
- اليد العليا في البرلمان تمنح الرئيس ميزةً كبيرة على خصومه
بعدما أظهرت النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية في تركيا حتمية جولة الإعادة في 28 مايو الجاري للمرة الأولى في تاريخها، تشير المعطيات إلى أن الرئيس رجب طيب أردوغان يتجه إلى فوز شبه مؤكد على خصمه مرشح المعارضة كمال قليجدار أوغلو.
بالأرقام، حصد أردوغان نسبة 49.51 في المئة من الأصوات، أي كان يفصله أقل من نصف في المئة عن الفوز (نحو 400 ألف صوت من أصل 58 مليون ناخب)، فيما حصل قليجدار أوغلو من حزب الشعب الجمهوري من يسار الوسط على 44.88 في المئة من الأصوات، في حين حصل المرشح القومي المتطرف سنان أوغان على 5.17 في المئة.
وهزم أردوغان جميع خصومه في الانتخابات البرلمانية، لكنه لم يفز بالغالبية من 600 عضو في البرلمان، ما يمنحه اليد العليا لتشكيل ائتلاف قابل للحياة وللسيطرة مع أحزاب تتمتع بعدد قليل من المقاعد ومستقلين لتُعقد له الأكثرية البرلمانية، وهو ما سيؤثر إيجاباً على نتائج الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية.
وأعرب مسؤولون أتراك ومصادر مقربة من أردوغان عن ثقتهم في أنه سيفوز في جولة الإعادة بسهولة، إذ ان هناك عوامل رئيسية تعمل لمصلحته، أهمها أن اليد العليا في البرلمان تمنحه ميزةً كبيرة على خصومه.
ومقارنةً بالانتخابات العامة الأخيرة في 2018، فَقَدَ حزب «العدالة» والتنمية ثماني نقاط مئوية من الدعم، وحصل على 35.4 في المئة فقط من الأصوات أي 266 مقعداً.
ومع ذلك، خسر حليفه، حزب الحركة القومية، واحداً في المئة فقط مقارنة بالعام 2018، واحتفظ بـ 10 في المئة من الأصوات و50 مقعداً. وجنباً إلى جنب مع حزب الحركة القومية، يحتفظ أردوغان بغالبية برلمانية.
في المقلب الآخر، يقود قليجدار أوغلو تحالفاً غير مهيْمن ولم يكن من المتوقع أن يشكل حكومة مستقبلية لو فاز زعيم المعارضة في الانتخابات الرئاسية. ويعتقد مسؤولو حزب «العدالة والتنمية» أن «الشعب التركي لا يريد التصويت لتحالف متعدد الأحزاب في حكومة واحدة يعتقد أنها لن تحقق ما يريده الشعب، لعدم انسجامها الأيديولوجي ولا التنظيمي عدا توافقها على محاولة هزيمة الرئيس الحالي».
وبحسب مصادر تركية رفيعة مقربة من أردوغان، فإن الرئيس «يجب أن يركز أيضاً على اسطنبول وأنقرة وإزمير»، حيث حلّ خلف قليجدار أوغلو في الانتخابات الرئاسية ولكن ليس في التصويت البرلماني، إذ يُقال إن المرشّح الذي يفوز في انتخاباتِ بلدية اسطنبول يفوز بالرئاسة.
كان هذا هو الحال مع أردوغان العام 1994 عندما كان رئيساً لبلدية اسطنبول، لكن نتائج الانتخابات الرئاسية الراهنة أثبتت خطأ هذه المقولة، إذ استطاع أردوغان الفوز في المناطق الريفية، لا سيما في غالبية المحافظات الجنوبية التي ضربها الزلزال في وقت سابق من هذا العام لأنه قادر على الوفاء بوعوده، خصوصاً عندما لا يكون للمعارضة نفس النفوذ في البرلمان ولن تكون قادرة على تقديم ما وعدت به من الغاز المجاني وإعادة الإعمار.
ونجح سنان أوغان في تقليص حصة أردوغان في وسط الأناضول وديار بكر، قلب الدولة الكردية.
والمثير للدهشة أن القومي اليميني المتطرف المناهض للأكراد تمكّن من الفوز بنسبة 1.2 في المئة في المحافظة الكردية، التي صوتت بـ 72 في المئة لمعارضة أردوغان.
إلا أنه سيكون من السهل على أردوغان الفوز بما لا يقل عن 1 في المئة من أصوات الأكراد في الدورة الثانية، لأنه لا يحتاج سوى إلى 0.5 في المئة للفوز بالرئاسة.
علاوة على ذلك، لا يبدو أن أوغان يتحكم في العدد المذهل من الأصوات التي جمعها ومن غير المرجح أن يكون قادراً على تمريرها إلى قليجدار أوغلو.
لذلك، قد لا يكون مفيداً لأي من المرشحين، خصوصاً أنه طلب من قليجدار أوغلو إسقاط الأكراد إذا أراد دعمه في الجولة الثانية، وهو طلب مستحيل، لا سيما أن زعيم المعارضة حصل على 10 في المئة من مجموع أصوات الأكراد الذين يشكلون 12 في المئة من الناخبين الأتراك. مع ملاحظة مهمة تمثلت في أن الأكراد لم يدعموا قليجدار أوغلو في الانتخابات البرلمانية.
يبدو أن معركة الرئيس التركي المقبلة أسهل من تلك التي سبقتْها على الرغم من التهويل الغربي والتوقعات بسقوطه التي أخطأت، وبالتالي على الغرب التحضّر للتعامل مع رئيسٍ لن يستبدل الغرب بروسيا ولن يتخلى عن مصالحه مع موسكو وسيُبْقي على التوازن بما يخدم مصلحة بلاده.
إلا أن التحدي الاقتصادي يبقى في أعلى مستواه وهذا ما على أردوغان مواجهته في ولايته الجديدة.