ونحن نعيش أجواء الاستعدادات لإجراء انتخابات مجلس الأمة المقبل، علينا أن نكون على يقين بأن ما سوف نقوم به عند إدلائنا بأصواتنا، يعدّ عملاً وطنياً من الدرجة الأولى، فالموضوع لا يبدأ بخروجنا من منازلنا وينتهي بوضع ورقة التصويت في الصندوق المخصص لها.
بل إن الموضوع- في رأيي- يبدأ بمجرد أن نضع ورقة التصويت في هذا الصندوق، ومن ثم الذهاب إلى حال سبيلنا، حيث إننا في هذه الحال قد قمنا بدورنا سواء كان إيجابياً أم سلبياً، في تشكيل أعضاء مجلس الأمة الذين في الساعات المقبلة سيمثلوننا تحت قبة البرلمان، وسيتحدثون بأسمائنا، ويطالبون بما نحن بحاجة إليه، ويقومون بمتابعة السلطة التنفيذية، وتشريع القوانين، أيضاً بأسمائنا.
وفي ظل هذه المسؤوليات الكبيرة، التي هي من أساس العمل الوطني، أليس من الأفضل أن يكون الاختيار دقيقاً، ولا يتمّ إلا بعد فحص ودراسة وتأنٍ؟ حيث إننا نقوم باختيار أعضاء سيكون لهم التأثير الكبير في سياسة الدولة سواء الداخلية أو الخارجية.
لذا علينا أن نختار الوطنيين أصحاب الكفاءة والخبرة والمشهود لهم برجاحة العقل، والميل إلى تغليب المصلحة العامة على الخاصة، والقادرين على تحديد الخطأ لاجتنابه والتنبيه منه، واختيار الصواب للمضي في طريقه والدعوة إليه.
وفي المقابل، علينا اجتناب التصويت لكل من نرى أنه ينظر بكثير من التركيز لمصالحه ومصالح المقربين منه، مع تجاهله بشكل تام أو جزئي للمصلحة العامة، كما أن واجبنا تجاه وطننا يفرض علينا ألّا نصوّت لمن لا قدرة له في التفكير المنطقي بعيداً عن التشنجات والصوت العالي الفارغ من كل مضمون، بمعنى أن نبتعد عن أصحاب الظواهر الصوتية، التي تقول وتسرف في القول من دون نتائج ملموسة أو فعل واضح للعيان.
كما يجب الابتعاد بأصواتنا عن المرشحين الذين لا أفكار لديهم ولا مشروعات وطنية، فلو تمّ اختيارهم سيكونون عالة على المجلس، علاوة على أن حصولهم على العضوية في مجلس الأمة معناه أن هناك كفاءات لم تتمكن من الدخول بسبب الانتقائية في الاختيار، وعدم دراسة الأشخاص الذين ساهمنا في نجاح دخولهم إلى المجلس.
فالأيام التي تفصلنا عن موعد الاقتراع لمجلس الأمة المقبل قليلة، والأمل كبير في أن يكون الاختيار موفقاً ومتناسباً مع ما يحتاجه وطننا، من خير وتقدم وازدهار.
اللهم احفظ الكويت وأميرها وولي عهدها الأمين وشعبها الكريم، وكل من يعيش على أرضها الطيبة، من كل مكروه.