... لهذا أعلنَ رئيسي «النصرَ» على إسرائيل وأميركا من بلاد الشام

رئيسي والأسد يستعرضان حرس الشرف خلال زيارة الرئيس الإيراني لدمشق (أرشيفية)
رئيسي والأسد يستعرضان حرس الشرف خلال زيارة الرئيس الإيراني لدمشق (أرشيفية)
تصغير
تكبير

خلال سنوات الحرب الطويلة، دأبت إسرائيل على قصف سورية، وشنّتْ أكثر من 1500 ضربة بهدف «إخراج إيران وحلفائها من بلاد الشام».

إلا أن زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لدمشق قطعت الشك باليقين، لجهة أن الوجود الإيراني في سورية إستراتيجي ويتمدّد، وأن العلاقات تتطوّر نحو المستوى الإعماري والتجاري والاقتصادي وبناء البنى التحتية بعدما كانت على مستوى عسكري ونفطي.

أما رسالة الرئيس السوري بشار الأسد للعالم، فهي أنه لن يَستبدل إيران أو يتخلى عن محورها مهما حصل من تَقارُب إقليمي أو غربي مستقبلي.

وهذا المنحى يدلّ على فشل المحاولات الإسرائيلية - الغربية لإخراج إيران من سورية، ويؤكد تالياً أن طهران دولة إقليمية تتمتع بنفوذٍ يتعدى مستوى الدعم لجهاتٍ وتنظيمات قوية غير حكومية، بل أصبح يتمدّد إلى دول عدة.

«بلا شك ان زيارتي إلى هذا البلد (سورية) هي نقطة تَحَوُّل في العلاقات الإيرانية - السورية، وتأثيرُها يتمحور حول إزالة العوائق وتوسيع التعاون الاقتصادي، وأيضاً (تأثيرها الإيجابي) على المنطقة». هذا ما قاله رئيسي تعقيباً على زيارته لدمشق.

هذه الإيجابية تجلّت في مجموعةٍ من الاتفاقات التي لم تقتصر على بناء إيران محطاتٍ لتوليد الكهرباء، وتوسيع الخط الائتماني لسورية، والتبادل التجاري بالعملات المحلية، وإنشاء مصارف لتسهيل التعامل المالي.

بل ذهبتْ أبعد لتشمل إقامة خط لسكة الحديد بين سورية والعراق وإيران لنقل البضائع، والسماح بزيادة عدد زوار الأمكنة المقدسة في إيران وسورية، وتقوية خط الإمداد بين دول المحور (الممانعة).

وقد رافق رئيسي وزراء الخارجية والدفاع والنفط والطرق والتطوير العمراني والاتصالات.

هذه الخطوات من شأنها تعزيز العلاقة الثقافية والاجتماعية وحركة النقل بين البلدين.

ومن شأن ذلك أيضاً إفادة الدول المعنية من مشروع «الحزام والطريق» الصيني وإبقاء شريان الحياة قائماً لضمان تَدَفُّق ما يحتاج إليه «محور المقاومة» بين إيران والعراق وسورية ولبنان.

وتؤكد مصادر قيادية لـ «الراي» ان زيارة رئيسي لدمشق، تأتي مكمّلة لزيارة وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان لبيروت، حيث أعلن دعْم إيران لمعادلة «الجيش والشعب والمقاومة».

وتالياً فإن طهران حضرتْ إلى لبنان وسورية لتؤكد انتصار هذا المحور وأهدافه وتثبيت قواعده وأطرافه وأنصاره بعد الحرب الطويلة التي بدأت منذ عام 2003، بالحرب على العراق واستُكملت بالحرب السورية عام 2011.

أما زيارة عبداللهيان للحدود اللبنانية مع فلسطين، فهي رسالة لإسرائيل بأن هذا المحور أصبح يلامسها من الداخل الفلسطيني ومن الحدود اللبنانية والسورية كنتيجة للحروب الفاشلة الإسرائيلية - الغربية».

وكان لافتاً تأكيد الأسد ان «إيران لم تتردّد في تقديم الدعم إلى سورية، وهي قدّمت الدماء وهذا أغلى ما يقدّمه الصديق الوفيّ، ولم تتأثر بجميع المغرَيات للتخلي عن سورية التي أيضاً فعلتْ الشيء عيْنه عندما تعرّضت إيران للعدوان».

ومن الواضح أن عودة دمشق إلى الجامعة العربية بعد 12 عاماً، هي المؤشر الأكبر إلى أن العاصفة انحسرت وأنه صار بالإمكان تصفير المشكلات بين دول المنطقة وإخماد العداء من دون الإكثار من التفاؤل في أن الوئام قد عاد.

وأقلّه، كما تؤكد المصادر، فإن «التنافس الخشن هدأ واتجهتْ اهتماماتُ الدول إلى التنافس الاقتصادي ورفعتْ يدَها عن التنافس العسكري ولم تَعُدْ الأولوية لبسط النفوذ والتقاتل بالوكالة بل لمدّ جسور البناء والتعاون».

وأعلنت القيادة الإيرانية من قلب دمشق، موقفَها الداعم لقضية فلسطين ومقاومتها التي تُمَثِّلُ عقيدةً راسخةً لإيران وليس فقط قضية نفوذ سياسي.

وأكد رئيسي أن «المقاومة في لبنان وغزة أقوى من أي وقت». وهي رسالة واضحة للكيان الصهيوني المحتلّ لأرض فلسطين والمُرابِض على حدود لبنان وسورية بأن اسرائيل فشلت في ضرب هذا المحور الذي تعاظمتْ قوّتُه ويُصْلِحُ أمورَه مع دول المنطقة.

إذ ان التطور الاقتصادي - الثقافي - العسكري بين سورية وإيران لا يقلق إسرائيل فقط، بل كَسَرَ مقولة «الجيش (الإسرائيلي) الذي لا يُقهر»، وأكد أيضاً ان إيران أصبحت على حدود فلسطين لترسيخ قاعدتها الشعبية من خلال الدعم العسكري وإعادة بناء ما دمّرتْه الحرب كما وَعَدَ الرئيس الإيراني من العاصمة السورية.

فشلت الحرب الأميركية - الاسرائيلية على هذا المحور لإضعافه ووقْف إمداد السلاح لـ «حزب الله» في لبنان ومنْع الوجود الإيراني في سورية... وتالياً جاء رئيسي ليحتفل بهذا النصر الذي تَجَسَّدَ أيضاً في التقارب السوري - العربي - الإيراني ربْطاً بالانعكاسات الإيجابية للاتفاقات الإقليمية التي تزيد دول المنطقة مناعة، كما أوحى الأسد.

والأكثر تعبيراً عن الواقع الجديد ان الانفراجات تحصل في وقتٍ تعصف بإسرائيل أزمة داخلية كبيرة ومستمرة، وتواجه أميركا أزمةً عبّر عنها فشل محاولة واشنطن كسر شوكة روسيا وتدمير اقتصادها من خلال الحرب الأوكرانية، وابتعاد الولايات المتحدة عن الشرق الأوسط الذي وجدت فيه الدول العربية ومعها إيران، التوازنَ اللازم لتنظيم الخلافات ووأدها ودفْن السلاح تحت الرمال.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي