جودة الحياة

في انتظار الربيع

تصغير
تكبير

لكل مرحلة عمرية خياراتها وليس بالضرورة أن التقدم في العمر يجعلنا في الخريف نجتر الذكريات، نعيش الماضي، نمجد انتصاراته ونجعل منه أيقونة العمر الذهبي كما هو شائع اليوم في عالمنا العربي في ما يعبرون عنه ويُسمونه بـ«الزمن الجميل»، اذ يتحدث طيف واسع من الناس في مجتمعاتنا الشرق أوسطية عن الماضي بنبرة تُوحي بالحسرة على أعوام وحقب لن تعود أبداً، حفلت بأجمل الذكريات وأرقى العواطف.

لطالما سمعت تلك المقولة «الزمن الجميل» في تفاصيل حياتنا اليومية في سياق يوحي بالبكاء والتحسر على الماضي وأيامه النضرة إلى حد أن يذهب بعضهم إلى تجريد الحاضر والمستقبل من أي مزايا، ولا عجب أن تحول بعض الناس مع تقدم العمر إلى أن تكون مشدودة دوماً إلى الماضي لا تنظر أبعد من يومها، وثمة من يخاف تقدم العمر ويعيش في تشاؤم وخوف من الشيخوخة.

يقيني أن العمر لا يقُاس بعدد السنوات التي عشتها في الواقع، إنما بما قدمته لنفسك وحققته في حياتك، فاتساع مدى الخبرات الحياتية والإنسانية يجعلنا في حالة تصالح مع الذات والآخر، ولا يجعل في قلوبنا غلاً على من تقدموا علينا في سُلم الرُقي الحضاري، لذا لا أجد أي حرج في سياق المقارنة من تناول تجربة التعاطي مع الحياة وخياراتها مع تقدم العمر في الغرب بصفة عامة حيث تبدأ الحياة بعد «الستين» بل يطالب سكان البلاد الغربية البرلمانات والجهات التشريعية بسن قوانين مُلزمة للحكومات لخفض سن التقاعد لأقل من الستين عاماً.

إن الاتجاه العام لتعديل أنظمة التقاعد والضمان الاجتماعي في بعض دول الغرب يهدف في المحصلة النهائية لتعزيز رفاهية الحياة والاستمتاع بمباهجها التي يوفرها خلو البال بعد التقاعد، وربما على النقيض من العالم العربي حيث العقد السادس هو زمن ذهاب وانحسار الربيع أو الزمن الجميل، زمن الخسارات المؤكدة لبريق الحياة الآخذة في الانطفاء والتلاشي، بل في الواقع يبدأ البعض في الإحساس بزهر العُمر يتساقط بعيداً ربما في الخمسين.

الجمال والوجاهة والشباب النّضر الناتج عن توافر مُقومات الحياة الراقية اللطيفة، الموسومة بالخصوصية ورغد العيش، يمكن أن يدوم اذا عرف الانسان كيف يشكر المُنعم وهو (الله) الذي وهبنا نعمة الحياة ووهبنا فوق ذلك قوى العقل والعاطفة لندرك كيف نستمتع بالحياة ونحتفي بأعمالنا وانجازاتنا، نعيش تفاصيل حياتنا العامرة بمعاني الحب والخير والجمال دون خوف أو وجل من تقدم العمر، فهو محض رقم.

عش أيامك كما كنت دوماً في الربيع، لا تدع في حياتك مساحة للمتشائمين أصحاب الأفكار السلبية والحياة الهامشية معدومة الأفق، عش حياتك كما ينبغي أن تعاش بالنظرة الإيجابية لظروف ومتغيرات الحياة وأقدارها، ابتعد قدر المستطاع عن كل ضغوطات الحياة النفسية، ولا تسمح لها بأن تتراكم في جسدك وعقلك حتى لا تؤثر على حالتك النفسية، ولتمام عافيتك وصحة العقل والجسد مارس هوايتك وما يناسبك من أنواع الرياضة وأشكالها المختلفة، تناول الأطعمة الصحية، واحرص دائماً بان تقوم بإجراء صيانة دورية داخلية شاملة لهيكلك الجسدي والعقلي والنفسي، كي تتخلص وتتحرر من أي رواسب عالقة قد تؤذيك وتؤثر عليك بالسلب مستقبلاً لتنعم بحياة طيبة مليئة بالسعادة وراحة البال، فالعمر مجرد رقم.

Twitter: t_almutairi

Instagram: t_almutairii

Email: talmutairi@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي