آخِر 3 أسابيع من ولاية عون... معجزة حكومية أو إلى الفراغ الفوْضوي

لبنان كأنه «مختبر تجريبي» من كاريش... إلى الرئاسة

إسرائيل ماضية قدماً في استخراج الغاز من حقل كاريش
إسرائيل ماضية قدماً في استخراج الغاز من حقل كاريش
تصغير
تكبير

- ضخ تجريبي عكسي لـ «إنرجين» من البر إلى البحر... ورسائل طمأنة وتهديد للبنان

... بين الضخّ التجريبي من البر إلى البحر في حقل كاريش الإسرائيلي، و«البث التجريبي» المرتقب في نسخته الثانية لجلسة الانتخاب الرئاسية في لبنان (الخميس)، مضت بيروت في يوميات الأنفاس المحبوسة فيما البلادُ برمّتها كأنها تحوّلت مختبراً لـ«فئران التجارب» سواء في السعي لاستكشافِ كيفية تفادي فقدان النظام السياسي آخر «مناعته» أمام الفشل الكامل، أو في الخطط التي تُعتمد لمحاولة الخروج من الحفرة المالية السحيقة والتي بات المواطنون الحلقة الأضعف فيها.

وفيما كانت الأنظار شاخصةً على ديبلوماسية التفاوض عن بُعد في ملف الترسيم البحري مع إسرائيل عبر الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين تلافياً لعودة هذا المسار إلى النقطة صفر وتالياً قفْز السيناريوات الحربية إلى الواجهة، شكّل ما يشبه «تزييت» شركة إنرجين المشغّلة لحقل كاريش أنابيب الضخّ ولكن من الساحل إلى المنصة العائمة في الطريق إلى التشغيل الاستخراجي لاحقاً، محطةً بارزة أمس عكست إشارات تشَدُّد إسرائيلي وفي الوقت نفسه حَذَراً كبيراً بدت معه تل أبيب (وإنرجين) كأنها تسير بين «الألغام» والنقاط في دوْزنة خطوةٍ لا تريد بأي حال أن تكون صاعق تفجير للجبهة مع لبنان.

فإذ جاء الضخُ من البرّ إلى البحر بمثابة رسالةٍ إلى أن إسرائيل مستمرة في «أجندة» الإنتاج من كاريش قريباً وبمعزل عن حصول اتفاق الترسيم مع لبنان أم لا، وهي الرسالة التي اعتُبرت للاستهلاك في «صندوق البريد» الانتخابي، فإن تَعَمُّد تل أبيب عبر واشنطن إبلاغ الجانب اللبناني، ومن خلفه «حزب الله»، بالضخ العكسي وبأن هذا لا يعني بدء الإنتاج من كاريش شكّل مؤشراً قوياً إلى عدم رغبة الجانبين الإسرائيلي والأميركي في أي «سوء تفسير» لخطوة الضخ التجريبي أو جعْلها بمثابة «عود ثقاب» يحرق المفاوضات المتذبذبة في أمتارها الأخيرة ومعها التهدئة على الجبهة النائمة منذ 2006.

وفي حين فُسِّر ما كشفتْه تقارير في لبنان عن تَبَلُّغ المعنيين أيضاً رسالة أميركية بـ «البريد العاجل» بأن أي محاولة للتحرش أو التخريب على الضخ التجريبي واستهداف حقل كاريش أو المنصة العائمة يمكن أن يجرّ «رداً مدمّراً» على أنه في إطار حرص واشنطن على سحْب أي فتائل تفجيرية قد تخرج معها الأمور عن السيطرة بخطأ كبير أو قرار كبير، فإن بيروت «لم تنَم» وهي تُواصِل، عبر المكلفين التفاوض مع هوكشتاين وعبره، «تدليك» اتفاق الترسيم بعدما بدا أنه أصيب بـ«سكتة» عقب تقديم لبنان ملاحظاته على المسودة الأميركية ورفْض تل أبيب مسألتين جوهريتين فيها (اعتبار خط الطفافات حدوداً بحرية والتسليم بإعطاء إسرائيل حق منح الأذونات للعمل في الشطر الجنوبي من حقل قانا الممتد جنوب الخط 23) وتلويحها بترحيل الاتفاق لِما بعد انتخاباتها التشريعية.

وأشارت تقارير إلى أن الأيام التي تلت إعلان تل أبيب رفْض ملاحظات لبنان شهدت أخذاً ورداً عبر هوكشتاين شمل مسودات جديدة منقّحة تضمّنت تدويراً لعبارات قانونية لا تمس بجوهر الموقف اللبناني وذلك في محاولة لردم الفجوات وتفادي تعميقها، وسط ترقُّب لما ستحمله الساعات المقبلة على صعيد «انقشاع الرؤية» في ما خص حقيقة خيارات إسرائيل التي تبدو عالقة بين «ناريْن»:

إما الركون إلى اتفاق ترسيم بمزيد من التراجعات - وإن المجمَّلة - أمام لبنان ومن ورائه «حزب الله» الذي بدا وكأنه حقق نقاطاً مهمة في «معركة الوعي» وقطف انتصاراً بـ «وهج سلاحه» مع ما لذلك من تداعيات انتخابية.

وإما المخاطرة بالاكتفاء بموافقة بـ «الأحرف الأولى» على جوهر الاتفاق وترْك حسْم مسألة الملاحظات لِما بعد 1 نوفمبر الإسرائيلي وبالتالي المغامرة باستدراج مواجهةٍ لا ينصح بها أي من قادتها العسكريين والأمنيين، ولا سيما إذا لم يكن تعليق الاتفاق كافياً لفوز يائير لابيد وحقق بنيامين نتنياهو انتصاراً على هدير توعُّده النسخة الحالية من الترسيم بالتمزيق.

وبانتظار انكشاف الأبيض من الأسود في هذا الملف، يوغل الاستحقاق الرئاسي في الغموض وسط تشابُكه مع الغيوم الداكنة التي تقبض على عملية تأليف الحكومة الجديدة التي يُراد أن تضمن «إدارة منظّمة» للشغور الرئاسي الذي سيحل ابتداء من 1 نوفمبر، والتي يصطدم استيلادها بشروط من فريق الرئيس ميشال عون الذي يريد حصة وازنة في حكومة الفراغ «بالوكالة والإنابة» عن عون الذي لا يسلّم «التيار الوطني الحر» بانتهاء عهده إلا حين يُنتخب بديل عنه لا يراه إلا رئيسه جبران باسيل أو مَن «ينقل» له الأخير تمثيلاً مسيحياً، يعتبره خصومه الاسم الحَركي لصفقةٍ متكاملة تجعل باسيل الحاكِم الفعلي في العهد الجديد.

ولم يكن عابراً ما يُروَّج عن أن «التيار الحر» وباسيل بدأ يبحث في الصفقة الرئاسية مع أسماء بعضها يتقاطع مع النواب التغييريين الـ 13 الذين يتمسكون بالتغريد خارج سرب غالبية قوى المعارضة التي مازالت تقف خلف ترشيح النائب ميشال معوّض الذي يسعى لرفْع عدد الأصوات الـ 40 التي ضَمنَها في جلسة الانتخاب الأولى ليُبْقي على أحقية المضي به مرشّحاً حتى إشعار آخر، وإلا سرّع ذلك الانتقال إلى «الخطة ب» الرئاسية للأطراف الوازنة في المعارضة التي لن تكشف كل أوراقها قبل الوقت المناسب.

وفيما بقيت الترجيحات بألّا يتوافر نصاب انعقاد جلسة الانتخاب الرئاسية يوم الخميس مع اتجاهٍ - سيُحسم في الساعات المقبلة المضي به أم لا - لكتلة «التيار الحر» للمقاطعة رداً على تحديد الرئيس نبيه بري الموعد في اليوم نفسه لذكرى 13 أكتوبر 1990 (إطاحة العماد ميشال عون من قصر بعبدا بعملية عسكرية شارك فيها الجيش السوري وطيرانه الحربي)، فإن أحداً لم يبْدُ قادراً على استشراف ما ستشهده الأيام الـ 21 الأخيرة من عهد عون ما خلا حسْم أن الشغور آتٍ، وأن استيلاد الحكومة الجديدة يحتاج إلى معجزة، فيما الواقع المالي المعيشي يضغط على الجميع ولم يكن ينقصه إلا الكوليرا (3 حالات مؤكدة وتحقُّق من 41 في عكار وزغرتا وعرسال) لتكتمل حلقات «الكابوس» اللبناني.

الراعي: لا نريد رئيس تسويات

| بيروت - «الراي» |

- انتقد مبادرات دول أجنبية همها تحسين علاقاتها ببعض المكوّنات اللبنانية على حساب أخرى وبدول إقليمية على حساب لبنان.

حضّ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي النواب اللبنانيين على «انتخاب رئيس للجمهورية قبل الحادي والثلاثين من أكتوبر الجاري»، مؤكداً «الشعب ونحن لا نريد رئيس تسويات»، وداعياً إلى رئيس «يعبّر عن إرادة المجتمع اللبناني لا رئيساً يستأنس بالولاء للخارج»، ومعلناً «لم يعد لبنان يتحمل أنصاف الحلول وأنصاف الصداقات وأنصاف الرؤساء وأنصاف الحكومات ولا أنصاف الولاءات».

وجاءت مواقف الراعي في عظة الأحد إذ قال، «الشعب ينتظر الخروج من أزماته المتراكمة واستعادة دوره تجاه ذاته ومحيطه، لكنه لا ينظر بارتياح إلى شعار التغيير، إذ يخشى تمويهه بين حديْن: تغيير أسماء من دون تغيير شوائب النظام، وتغيير النظام التاريخي والديموقراطي من دون إسقاط نظام الأمر الواقع. فلا بد من إيجاد الحلول الصحيحة لخير لبنان وشعبه. وانتظَر الشعب وينتظر إلى أن تصوّب المبادرات الأجنبية على جوهر الأزمات في لبنان.

ولكن يبدو أنها غضت النظر ربما عمداً عن هذا الجوهر، فباءت تلك المبادرات بالفشل. وفيما يقدّر شعب لبنان مبادرات الدول الصديقة، يهمه أن تصب هذه المبادرات في خلق مشروع حل لبناني متكامل يحسن علاقات اللبنانيين ببعضهم البعض، لا أن تحسن علاقات هذه الدول الأجنبية ببعض المكوّنات اللبنانية على حساب أخرى، ولا أن تحسن علاقاتها بدول إقليمية على حساب لبنان. الحل المنشود يقوم على وحدة الولاء للبنان، وعلى السيادة والاستقلال؛ وعلى الحياد واللامركزية الموسعة، ونظام الاقتصاد الحر؛ وعلى الانفتاح على المحيط العربي والإقليمي والعالمي، وعلى تطوير الحياة الدستورية انطلاقاً من اتفاق الطائف بتنفيذه روحاً ونصاً».

واعتبر أنه «آن الأوان كي ينكشف المرشح لرئاسة الجمهورية الفارض نفسه بشخصيته وخبرته وصلابته ووضوح رؤيته الإنقاذية وقدرته على تنفيذها».

وقال «إذا انتُخب مثل هذا الرئيس نال للحال ثقة الشعب والأسرة الدولية والعربية. الشعب ونحن لا نريد رئيس تسويات. البطريركية المارونية من جهتها لا توزع تأييدها للمرشحين، خلافاً لما يروج البعض، إنما تدعم الرئيس الناجح بعد انتخابه، وبعد تبنّيه الجدي والفعلي بنود الحل اللبناني برعاية دولية. نحن لم نشعر بأي إحراج مع جميع الذين أموا الصرح ويؤمونه مستطلعين رأينا. كما لم نشعر بأي إحراج في إجراء مناقشة صريحة مع هؤلاء جميعاً. ما نصارحهم به هو سلوك الخط المستقيم حتى البلوغ إلى الإجماع على شخص الرئيس المميَّز بكل أبعاده (...)».

وختم الراعي: «هلموا، أيها النواب، وانتخبوا رئيساً نتمناه في جلسة 13 أكتوبر المقبل، وليكن هذا التاريخ حداً فاصلاً بين مرحلة تعطيل الدولة ومرحلة بنائها. ثم وشكِّلوا حكومة جامعة لا فئوية. حكومة الشعب لا حكومة حزب أو تحالف أو فئة تريد أن تهيمن على البلاد بالواسطة. فالشعب يرفض حكومة على قياس البعض كما يرفض رئيساً غب الطلب».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي