راجح الخوري.. يستريح الحبر ولن تجفّ الذكرى
... «رَحَلَ بعد صراعٍ مع المرض». عبارةٌ لئيمة غالباً ما تخطّ بالأسود بيانَ نعي الصحافيّ وخبر وفاته الذي يَعْبُرُ سريعاً ثم يُطوى في بلادٍ تموت كل يوم ألف ميتة.
بصراعٍ مع المرضِ أو التعبِ، أو بغدْرِ «كاتم الصوت والعبوة»، تُنَكَّسُ الأقلامُ واحداً تلو الآخَر، لـِ أعلام غالباً ما أَعْلوا الحبرَ والصوتَ والجرأةَ، تماماً كـ «صياح الديك».
من «النهار» وفي ليلٍ يُشْبِهُ ظلامُه كل النهارات اللبنانية هذه الأيام، رَحَلَ راجح الخوري وبيده قلمه والورقة، أول أسلحته وآخِرها... غادَرَ هو ولم تغادره هي.
أستاذُ جيلٍ، علّم الحرفةَ والحبْكةَ والحِنكة. كاتِبٌ مَقالِ ما قلّ ودلّ، لم يعرف الملل أو الكلل. صحافيّ في كل شاردة وواردة، أينما حلّ حلت الصحافة.
في تجربته المديدة، يشبه راجح الخوري لبنان، ذاك البيت بالمنازل الكثيرة. بدأ في «العمل» وإستقر في «النهار» وبينهما أمضى مشواراً مشهوداً مع المهنة التي سكَنَتْه و... سكنها.
حكايا كثيرة يمكن أن تروى عن راجح الخوري، الصحافي، الأستاذ والإنسان، الرئيس والمرؤوس في مهنةٍ لكل يومٍ فيها ألف حكاية وحكاية عن الحدَث والفكرة والعنوان والصورة وكل التفاصيل التي تصنع... الصنعة.
وبشهادةِ حِبْرِه الذي لم يحتجب يوماً ولم يتلوّن ولم يتلطّخ، كان الخوري صاحب عقلٍ راجح وقلمٍ راجح وموقفٍ راجح ودور راجحٍ. فالراجحُ فيه شكّل علامةً فارقة في المهنة والحياة.
تَرَجَّلَ راجح الخوري عن زاويته وكلمةٍ كان «فارسها»، لتغيب الصورة ويبقى الاسمُ الذي حَفَره حرفاً حرفاً بقلمٍ «استراح» حبرُه ولن... تجفّ ذكراه.