وقائع

شرطة التعليم!

تصغير
تكبير

تدني مستوى التعليم في الدولة في السنوات الأخيرة أصبح أمراً لا يختلف عليه اثنان. فمن الواضح تراجع مستوى التعليم في دولة الكويت على صعيد المؤشرات القياسية العالمية، بل وحتى على المستوى المحلي الداخلي. لاحظنا في الآونة الأخيرة كثرة البيانات والصرخات من الأكاديميين والمعلمين المطالبة بالالتفات لأزمة تدني التعليم والتي لم تشهد أي تجاوب حقيقي فعلي من المجتمع وأصحاب القرار.

يحدثني أحد المعلمين في المدارس الحكومية عن ضعف التحصيل العلمي للطلبة، والذي وصفه بالكارثي خصوصاً في المرحلة الابتدائية. بل وحتى على مستوى الجامعة والتطبيقي لاحظنا هذا الضعف موجوداً عند الطلاب والطالبات بشكل واضح. فعلى سبيل المثال الطالبة أسماء التي تكتب اسمها على ورقة الاختبار (اسمائ)، أو الطلبة الذين يطلبون مني مراعاتهم لأنهم «دفعة كورونا». و من هنا تخطر على أذهاننا أسئلة كثيرة أهمها كيف وصلوا إلى هذه المرحلة الدراسية المتقدمة في ظل هذا الضعف العلمي؟

من السهل إلقاء اللوم على التلميذ ووصفه بالكسول أو ضعيف الاستيعاب. لكن لو أردنا أن ننظر للموضوع بنظرة منصفة واقعية نجد بأن الطالب ضحية عدم جديتنا في مواجهة الفساد في التعليم. نعم هناك فساد كبير منتشر في الحقل التعليمي في الكويت والذي من أبرز مظاهره هو انتشار ١- الدروس الخصوصية. ٢- مراكز الطباعة التي تقوم بحل الواجبات و الأبحاث للطلبة.

انتشار الدروس الخصوصية بكثرة في السنوات الأخيرة أصبح شيئاً ملفتاً للنظر، لماذا يضطر ولي الأمر إلى دفع مبالغ تفوق الـ100 دينار للمعلمين الخصوصيين في كل فصل دراسي؟ أليس من دور المدرسة أن تقدم المنهج كاملاً بطريقة تعليمية مناسبة للطلبة تضمن استيعابهم للمادة؟ لماذا هناك تقصير من جهة المعلمين (وخصوصاً الوافدين) في تقديم المنهج بشكل سلس وكامل للطلبة لضمان تعليمهم؟ إذا كان هذا المعلم غير قادر على إيصال المعلومة والمنهج للطالب داخل الفصل الدراسي فمكانه يجب ألا يكون في مدارسنا، وإذا كان يتعمد التقصير لأجل فتح طلبات أكثر على الدروس الخصوصية فيجب محاسبته قانونياً ونقله للجانب الإداري.

وفي السياق ذاته، تلك المراكز التي تقدم الحلول والأبحاث الجاهزة للطلبة (سواء في المدارس أو حتى المراحل الجامعية) والتي أصبحت تجاهر في إعلاناتها وتوزيع بطاقاتها في مواقف السيارات في الكليات المختلفة في الجامعة والتطبيقي. رأيت شخصياً أحد هذه الإعلانات في الأسبوع الماضي، وتم اتخاذ إجراء داخلي على مستوى الكلية تجاه هذا المركز، لكن هل هذا يكفي؟ من سيتصدى للمراكز الأخرى ؟ لماذا لا تطبق القوانين على مثل هذه المراكز؟ يجب أن تتم محاربة مثل هذه المراكز قانونياً ومن يقف وراءها فهي معول هدم ضخم للعملية التعليمية في الكويت.

وأتساءل في الختام، هل نحتاج أن تكون لدينا شرطة تعليمية مثل شرطة البيئة وشرطة الآداب لتراقب وتتابع مثل هذه الممارسات التي ساهمت وما زالت في هدم العملية التعليمية في الكويت، وإنقاذ التعليم من الهبوط المستمر والملحوظ قبل فوات الأوان؟ إن أردنا أن ننهض بالوطن فإن أول وأهم ركن يجب الالتفات إليه وإصلاحه هو التعليم. فعليه سيبنى مستقبل هذا الوطن والقيادات التي ستكون في يوم من الأيام صاحبة القرار لهذا الوطن.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي