سياسيون واقتصاديون يرسمون السيناريوهات المحتملة في الصراع الروسي - الغربي

الحسبة الكويتية في «الحرب الأوكرانية»... ارتفاع أسعار النفط وزيادة التضخم

تصغير
تكبير

في وقت يترقب فيه العالم ساعة الصفر لبدء حرب روسية محتملة على جارتها أوكرانيا، رسم سياسيون واقتصاديون كويتيون سيناريوهات الحرب، التي يُروَّج لها على أنها «الحرب العالمية الثالثة»، وتأثيراتها على الكويت والخليج العربي.

سياسياً، وقبل انطلاق الرصاصة الأولى، أكد محللون لـ «الراي» أن «الكويت تحتفظ بعلاقات متميزة مع أطراف النزاع كافة، وبالتالي لن تكون ضمن سياسة المحاور بل ستكون أقرب إلى الفريق المنادي بضرورة إنهاء الأزمة عبر الحوار والطرق الديبلوماسية».

اقتصادياً، تلخصت الرؤية بتوقع ارتفاع أسعار النفط ليلامس الـ 150 دولاراً، على أن يكون ذلك مصحوباً بزيادة التضخم العالمي، ما يعني زيادة الأسعار والمطالبة بزيادة الرواتب.

رمضان: النفط إلى 150 دولاراً وارتفاع كبير في أسعار السلع

محمد رمضان

توقع المحلل الاقتصادي محمد رمضان «ارتفاع أسعار النفط حال نشوب الحرب، إلى ما يقارب الـ 120 أو الـ150 دولاراً في بعض السيناريوهات، ما يعني أن التضخم سيزيد في ظل معاناة دول العالم من التضخم»، لافتاً إلى أن «ارتفاع أسعار النفط سيكون سلاحاً ذا حدين بالنسبة للكويت، لأن إيرادات النفط ستزيد، لكن في نفس الوقت سيزيد التضخم المستورد، ما سيشكل ضغطاً على الحكومة لرفع رواتب المواطنين بطريقة أو بأخرى».

ولفت في تصريحات لـ«الراي» إلى أن «المحصلة ستكون أن ما ستجنيه الكويت من ارتفاع أسعار النفط سيكون أكثر من تبعات التضخم، والمشكلة ستكمن في حال عودة أسعار النفط لمعدلاتها الطبيعية فكيف سيتم التعامل مع التضخم الذي سيستمر وزيادة الرواتب التي قد تحدث؟»، مؤكداً أنه «في حال احتلال روسيا لأوكرانيا سيكون ثمة تضخم عالمي كبير يضاف للتضخم الموجود حالياً ما سيجعل أسعار السلع ترتفع بشكل كبير».

المكيمي: واشنطن تريد دفع روسيا إلى خطأ الغزو

هيلة المكيمي

قالت أستاذة العلوم السياسية الدكتورة هيلة المكيمي لـ«الراي» إن «الحرب الروسية - الأوكرانية حرب نفوذ ما بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية»، لافتة إلى أنه «سعى لتصعيدها كلا الطرفين، فقد هاجمت روسيا الطرف الأميركي لاسيما بعد جلسة مجلس الأمن التي عقدت بناء على طلب الطرف الأميركي واتهمت روسيا الولايات المتحدة بأنها تقود ديبلوماسية مكبرات الصوت أو الهستيريا الإعلامية. في حين أكدت أميركا على النوايا الروسية في سعيها لاحتلال أوكرانيا في الوقت الذي ترفض فيه روسيا تلك الادعاءات».

واعتبرت أن «هدف تصعيد واشنطن يعود لرغبتها بوقوع روسيا في ذلك الخطأ حتى تكون تحت طائلة العقوبات الدولية وفك التحالف الروسي - الصيني في ظل المواجهة الأميركية - الصينية في المحيط الهادئ»، معتبرة أن «الجانب الروسي سعى للتصعيد، لاسيما بعد أحداث صيف 2020 والتي شهدت إقرار التعديلات الدستورية وستسمح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالترشح للانتخابات المقبلة في 2024».

وفي قراءتها لأوضاع الدول المحيطة بروسيا، لفتت المكيمي إلى أن «رئيس بيلاروسيا (الموالي للكرملين) واجه صعوبات خلال حملته للترشح للمرة الخامسة، بعد ثورة الاحتجاجات التي انتقدت تزوير نتائج الانتخابات والتي تعتبر ظاهرة جديدة في بيلاروسيا التي لا تزال تحكم من أحد القادة الذين وصلوا إلى السلطة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي مباشرة».

وأشارت إلى أن «الانسحاب الأميركي من أفغانستان أثار حالة من الخوف حول إمكانية ظهور الجماعات المتطرفة مجدداً، لذلك حشدت روسيا قواتها على حدود كل من قيرغيزستان وطاجيكستان، في حين ترى روسيا أن كل تلك الأحداث تحركات مدعومة من القوى الغربية بغرض إحداث الفوضى وعدم الاستقرار في محيطها الإقليمي، لذلك ردت على تلك الأحداث بفتح ملف المهاجرين على مصراعيه وذلك حينما فتحت بيلاروسيا الحدود مع بولندا، ما أدى إلى تدفق المهاجرين من أفغانستان والعراق وسورية لدخول بولندا ما يعني دخولهم إلى الاتحاد الأوروبي».

وأضافت أن «موسكو لوّحت بتغيير مسار الغاز الروسي شرقاً في حال نفذ الغرب تهديداته بالعقوبات، وبدأت نشر قواتها على الحدود مع أوكرانيا متبعة سياسة الضغوط القصوى حتى تنهي آمال توسع حلف الشمال الأطلسي شرقاً، بل فتحت مجدداً ملف دخول دول شرق أوروبا إلى (الناتو)،معتبرة أن هذا الدخول هو جزء من السياسة العدائية ضد روسيا».

العجمي: 3 سيناريوهات... و«الناتو» في أضعف حالاته

ظافرالعجمي

رأى أستاذ العلوم السياسية والأمنية الدكتور ظافر محمد العجمي، في تصريحات لـ «الراي»، أنه «لاقتراف جريمة الغزو يحتاج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الدافع والفرصة والتبرير، وهو يملك الدافع المتمثل في إحاطة الناتو بروسيا، ويملك الفرصة لأن حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أضعف حالاته بعد الانسحاب من أفغانستان والعراق ووقوف تركيا وألمانيا وفرنسا مترددة».

ورجح العجمي أن «بوتين لن يغزو أوكرانيا، والبديل سيكون نشر القوة العسكرية الروسية لإقناع واشنطن بجدية موسكو، أو القيام بضربة روسية للمقدرات العسكرية الأوكرانية من دون الإقدام على غزو فعلي، أو أن تؤدي الضغوط الروسية إلى تغيير الحكم في كييف لصالح روسيا».

المناع: الحرب تؤثر على الجميع والكويت ليست استثناء

عايد المناع

أكد المحلل السياسي الدكتور عايد المناع لـ«الراي»، أن «أي حرب، خاصة إذا كان الكبار طرفاً فيها، تؤثر على جميع الدول، والخليج والكويت ليسا استثناء في هذا الأمر»، مشيراً إلى أن «الصين قد تنضم إلى روسيا، وعلاقة الكويت بروسيا والصين قديمة منذ الستينات، وتم توقيع عقود مع بكين لينتهي طريق الحرير بالكويت ثم يبدأ بالاتجاه إلى أوروبا». وخلص المناع إلى أنه «إذا لا قدر الله نشبت الحرب فسيكون التأثير على الكويت والمنطقة ككل».

3 تأثيرات على الكويت

أوضحت أستاذة العلوم السياسية الدكتورة هيلة المكيمي أن «الأحداث تعكس أننا أمام أزمة عالمية والكويت والخليج سيتأثران طبيعياً، بسبب أننا جزء من هذه المنظومة الدولية لا سيما نحن دول جوار لما يحدث من توترات حالية».

وحدّدت المكيمي 3 تأثيرات مباشرة على الكويت، هي:

1 - تحتفظ الكويت بعلاقات متميزة مع كافة أطراف النزاع، وبالتالي فهي لن تكون ضمن سياسة المحاور بل ستكون أقرب إلى الفريق المنادي بضرورة إنهاء الأزمة عبر الطرق الديبلوماسية.

2 - تلعب هذه الأزمة دوراً مؤثراً على أسعار الطاقة، فهي سبب رئيسي لزيادة أسعار البترول، كما أنها ستكون سبباً رئيساً لتعاظم أهمية ما يعرف بمنظومة شرق المتوسط، لكون هذه المنظومة تعنى بإمدادات الغاز والتي تعتبر القارة الأوروبية الآن في أمس الحاجة إليها في ظل الضغوط الروسية، وهذا يدفعنا لضرورة مراقبة تلك المنظومات الإقليمية الجديدة وأثرها على المنظومة الخليجية.

3 - تعنى الكويت بشكل رئيسي بأهمية تعظيم القانون الدولي في حل النزاعات بالإضافة إلى التفاهمات الديبلوماسية، بدلاً من الاحتلال والضم والتي ستكون منطلقاً لمزيد من الفوضى في الأسرة الدولية.

أوكرانيا... سلة غذاء عالمية

كانت أوكرانيا توصف سابقاً بـ«سلة غذاء الاتحاد السوفياتي»، ثم عرضتها السلطات بعد ذلك كـ«سلة غذاء عالمية» قادرة على توفير وضمان الأمن الغذائي لدول أوروبا وغيرها من دول العالم.

وتتميز أراضي أوكرانيا بتربتها السوداء الشديدة الخصوبة، حتى أن مؤرخين يؤكدون أن الزعيم النازي أدولف هتلر سرق كميات كبيرة من التربة الأوكرانية إلى ألمانيا بواسطة قطارات شحن في أربعينيات القرن الماضي.

الأراضي الزراعية 71.3 في المئة

تشغل الأراضي الزراعية 71.3 في المئة تقريباً من أصل مساحة أوكرانيا الكلية، البالغة نحو 604 آلاف كيلومتر مربع، وتشكل الغابات نحو 15 في المئة من مساحة البلاد.

الصادرات الغذائية

تحتل الزراعة المرتبة الثانية، بعد القطاع الصناعي، من حيث الأهمية بالنسبة لاقتصاد أوكرانيا، وأبرز المنتجات الزراعية الأوكرانية هي:

• الحبوب (القمح، الشعير، الذرة، بنجر السكر)، إذ تحتل أوكرانيا المركز السادس عالمياً بين أبرز الدول المصدرة للقمح والذرة، ومصانعها تنتج جميع المواد الغذائية المصنعة من الحبوب.

• المحاصيل الزيتية (بذور وزيوت دوار الشمس والذرة بشكل رئيس).

• الخضروات (الطماطم، الخيار، الملفوف، البطاطا، البصل، الشمندر، الثوم).

• العسل، فأوكرانيا الأولى أوروبياً والثالثة عالمياً في إنتاج وتصدير العسل.

• الأسماك، كانت أوكرانيا مصدر 7 في المئة من حاجة أسواق الأسماك العالمية، لكن هذه النسبة تراجعت بعد احتلال شبه جزيرة القرم على البحر الأسود العام 2014.

• اللحوم والدواجن، تنتج أوكرانيا كامل حاجتها من اللحوم والدواجن، وتعتبر مصدّراً رئيساً إلى الكثير من دول الجوار والعالم، وأبرز صادراتها من اللحوم هي: لحوم البقر، لحوم الخنزير، لحوم الدجاج، إضافة إلى البيض ومختلف أنواع الأجبان والألبان.

وتمثل منتجات القطاع الزراعي 45 في المئة من إجمالي الصادرات الأوكرانية، ويعبّر هذا الرقم عن إسهامات القطاع في جلب النقد الأجنبي للبلاد، فقد أدخل في 2020 - على سبيل المثال - 22.4 مليار دولار للاقتصاد الأوكراني.

ماذا تستورد دول الخليج من أوكرانيا؟

تبلغ حصة البلدان الآسيوية، وسطياً، نحو نصف إجمالي الصادرات الزراعية الأوكرانية (48.7 في المئة)، بينما تبلغ حصة الاتحاد الأوروبي 29 في المئة، وأفريقيا 12.9 في المئة، ورابطة الدول المستقلة 5.8 في المئة.

والمستهلكون الرئيسيون للمنتجات الزراعية الأوكرانية بشكل عام هم على الترتيب: الصين، الهند، هولندا، مصر (1.37 مليار دولار في 2020)، تركيا (1.07 مليار دولار)، إسبانيا، بولندا، إيطاليا، ألمانيا.

أما في ما يتعلق بصادرات الحبوب تحديداً - كونها الأكبر والأبرز - فتبلغ وسطياً نحو 50 مليون طن سنوياً، وأبرز الدول المستوردة هي على الترتيب: الصين، مصر (1.12 مليار دولار)، إندونيسيا، إسبانيا، هولندا، تركيا (473 مليون دولار)، تونس (347 مليون دولار)، بنغلاديش، كوريا الجنوبية، ليبيا (265 مليون دولار).

وتصدر أوكرانيا نحو 450 ألف طن من اللحوم سنوياً، وهنا تأتي السعودية في مقدمة الدول المستوردة للحوم الدواجن الأوكرانية (18.4 في المئة)، تليها على الترتيب: هولندا، الإمارات (8.3 في المئة من إجمالي الصادرات)، بيلاروسيا، أذربيجان، كازاخستان. وتمثل حصة هذه الدول 59 في المئة من إجمالي مبيعات اللحوم الأوكرانية في السوق العالمية.

(الجزيرة نت)

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي