تواصل

«كل شيقن انكشفن وبان»

تصغير
تكبير

عنوان المقالة من جملة قالها بالخطأ الفنان أحمد بدير وهو يخاطب الفنان عبدالمنعم مدبولي، وأراد أن يقول «قول الحقيقة... كل شيء انكشف وبان»، فخلط بين الأحرف، فقال «كل شيقن انكشفن وبان»، فالتقطها بذكاء عملاق المسرح مدبولي وبنى عليها مشهداً خالداً، ودخلت الجملة الثقافة الشعبية المصرية والعربية.

ورأيت أن هذه الجملة ربما تكون مناسبة لما حصل قبل يومين بعد الأمطار الغزيرة، وما نتج عنها من انسداد أنفاق وغرق شوارع كثيرة، وتسببت في خسائر فردية وجماعية، كان بالإمكان تفاديها، أو -على أقل تقدير- احتواؤها.

وأنا لست في وارد انتقاد الإجراءات الحكومية في هذا الصدد، فكل شيء انكشف وبان، وواضح للعيان أن مشاريع البُنى التحتية ذات الصلة بالأمطار ليست بالمستوى المطلوب، وأنها أزمة تتكرر سنوياً، خاصة في الآونة الأخيرة، ولا يبدو أنه توجد استفادة حقيقية من تكرار الأزمة، من خلال تراكم الخبرات، لأنه لا توجد إدارة محترفة للأزمات والمخاطر، والتي منها الأزمات الطبيعية مثل الأمطار، وهذا علمٌ معروف، له أصوله وقواعده وأساليبه وتجاربه.

ولعله من نافلة القول إنه ليس المطلوب من الحكومة، أي حكومة، أن تمنع حدوث الأزمات، خاصة المتعلقة بالأمطار والأعاصير والفيضانات والأوبئة، لأنها ببساطة لن تستطيع ذلك. لكننا نطالب الحكومة بإتقان فن إدارة الأزمات والمخاطر لأن الهدف الرئيس هو في تقليل الضرر، بمعنى ينبغي أن تتوجه الجهود الحكومية للتقليل من الآثار السلبية الناجمة عن الأزمة، سواءً على الأفراد أو الممتلكات الخاصة والعامة.

ولذلك فإن «إدارة» الأزمة تعمل عندما تحدث الأزمة حقيقة، لكن التخطيط لكيفية إدارتها يكون مسبقاً، وحتى قبل ظهور أي أزمة، وذلك للتعرف على الأزمات المحتملة، ولوضع خطط وإستراتيجيات التعامل مع الأنواع المختلفة للأزمات.

وهذا يقودنا للحديث عن الأدوار التي تركز عليها خطة إدارة الكوارث والأزمات، والتي تتعلق بالكيفية التي تعيننا على تقليل الأضرار الناجمة من الأزمة، وكذلك في التعرف على المخاطر المحتملة التي يمكن لها أن تقع من جراء الأزمة، كما تتوقع الأنواع المختلفة من الأزمات التي يمكن أن تقع في البلد، وعليه تبني أو تضع جميع السيناريوهات المحتملة للتعامل مع الأزمة، وأخيراً يتم وضع الخطة المناسبة لكل أزمة لتنفيذها فور وقوعها، لأنه حين تقع الأزمة سيكون الجميع (حكومة ومؤسسات وأفراد) تحت ضغط كبير، وواقع مليء بالمتغيرات، وسريع في تقلباته، بحيث لا يدع مجالاً للتخطيط أو حتى التفكير في الحلول، ولذا فوجود خطة مرنة مكتوبة ومتفق عليها، وجاهزة للتنفيذ، ستجعل الجميع يعرف ما الذي سيفعله.

هناك أوجه قصور نلمسها هنا وهناك في بعض المؤسسات الحكومية وإجراءاتها، لكنها أوجه قصورٍ يمكن التعايش معها (ولا أعني قبولها)، لكن في وقت الأزمات والكوارث الطبيعية، إذا لم تكن هناك خطة لإدارة الأزمة بشكل مهني واحترافي عالٍ، فستكون العواقب وخيمة، ولا تطول الممتلكات والمباني، بل قد –لا قدر الله- تطول الأنفس، وهذه أوجه قصورٍ شديدة لا يمكن التعايش معها ولا قبولها، ولا حتى تبريرها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي