الباص المقصود في العنوان هو الإشاعة أو الخبر المزيف، والذي قد يصلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو الواتساب، فتصدقه أنت بحسن نية وتتفاعل معه، وربما تتخذ موقفاً منه، ويصدر منك تصرف إزاءه، ثم يتضح بعد ذلك أن الخبر كله كان مزيفاً أو إشاعة ليس لها أصل أو مصدر... عندها يُقال لك «أنت ركبت الباص»!
وأصبح ركوب الباص ظاهرة متكررة في واقعنا بسبب ارتباط المعلومات والأخبار التي نتلقاها بمواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بسبب سرعة النشر، وتصدره في تلك المواقع والشبكات، وسهولة وصول المعلومات لنا، وكثرتها، مما يفقدنا ملكة التفكير النقدي والتمحيص لها، فنصدقها، دون بذل مزيد جهد في التثبت منها.
لدى كل واحد منا رأيه الخاص، والذي يتم بناؤه على أساس الأخبار والمعلومات التي تصلنا من مصادر متنوعة، وكيفية تفسيرنا لها، وتعاملنا معها. الخشية هنا أن تكون تلك المعلومات التي تصلنا خاطئة أو مزيفة، مما يؤدي إلى الخروج برأي خاطئ استناداً لتلك المعلومات، فعندها لا يحق لنا أن نقول إن مجموع آرائنا نحو قضية محددة هو الرأي العام السائد في المجتمع.
إن بناء الآراء على معلومات خاطئة لا شك أن له تأثيرات سلبية على الفرد والمجتمع، لأن هذه الأخبار المزيفة بإمكانها المساهمة في ذيوع وانتشار معلومات معينة عن حدثٍ ما، مما يجعله يتصدر عناوين الأخبار في وسائل الإعلام التقليدية والحديثة.
تتحدث الأدبيات الإعلامية أن ثقة الجمهور في وسائل الإعلام قد انخفضت عالمياً بنسبة 8 في المئة بين عامي 2020 و2021، وأن نسبة كبيرة من الجمهور قد تعرضوا لمعلومات خاطئة أو مزيفة في مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تحظى بثقة متدنية، مقارنة بباقي الوسائل الإعلامية.
وتفرق الأدبيات الإعلامية ما بين الأخبار الخاطئة والأخبار المزيفة، إذ ترى أن الأولى قد تكون ناتجة عن خطأ غير مقصود من المحرر، بينما الثانية تصدر بتعمد ومكر، بُغية التأثير على المتلقي في آرائه ومواقفه.
وبغض النظر عن كون الأخبار خاطئة أو مزيفة، فإننا جميعاً – بصورة أو بأخرى- قد تعرضنا لهذه النوعية من الأخبار التي تصلنا باستمرار وكثافة، خاصة في شبكات التواصل الاجتماعي، والتي تعتمد على الجهد الفردي في صياغة الأخبار وترويجها، كما أوضحت الدراسات الإعلامية أن نسبة لا بأس بها من الجمهور قد شارك (بقصد أو بدونه) في إعادة نشر تلك الأخبار الخاطئة والمزيفة وكذلك الإشاعات في حساباته الشخصية، وعبر تطبيق الواتساب.
إن وسائل الإعلام ليست هي الملومة فقط، خاصة عندما يتعلق الأمر بهذه النوعية من الأخبار، بل الجمهور يقع عليه عبء التثبت من المعلومة التي تصله، ومسؤولية إعادة نشرها وبثها مرة أخرى، دون التثبت منها، فلسنا هنا في سباق فيمن ينشر معلومات أكثر، وإن كان بعضهم يفكر هكذا.